من المقرر أن يمدد مجلس الأمن الدولي تفويض بعثة حفظ السلام في الجولان المحتل لستة أشهر أخرى، في الوقت الذي يتواصل فيه الجدل حول الدور الأممي المستقبلي في التسوية السياسية بسوريا.
يذكر أن قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أندوف) المكلفة بمراقبة الهدنة العسكرية بين سوريا وإسرائيل في مرتفعات الجولان المحتلة، تأسست في أعقاب حرب تشرين عام 1973.
ويمدد مجلس الأمن تفويض البعثة بانتظام كل 6 أشهر. ومن المقرر أن يقدم المجلس على هذه الخطوة مجددا خلال اجتماعه الثلاثاء 22 ديسمبر/كانون الأول، علما بأن تفويض البعثة الحالي ينتهي يوم الـ 31 من الشهر الجاري.
ومن اللافت أن هذا الإجراء البروتوكولي المعتاد يأتي هذه المرة على خلفية تزايد التساؤلات حول إمكانية تشكيل بعثة أممية جديدة للرقابة على أي هدنة في سوريا، وبعد الاختراق الإسرائيلي الأخير للسيادة السورية والذي أسفر عن مقتل اللبناني سمير القنطار بصفته “قائد المقاومة السورية لتحرير الجولان”.
يذكر أن مراقبي “أندوف” تعرضوا منذ اندلاع الأزمة السورية في مارس/آذار عام 2011 لاعتداءات وعمليات اختطاف عديدة، إذ أصبح ريف القنيطرة ساحة لمعارك شرسة بين الجيش السوري وقوات المعارضة المسلحة، ولا سيما فصائل من تنظيم “جبهة النصرة”. ولم تبق إسرائيل بعيدة عن المواجهة، بل ردت على جميع القذائف الطائشة التي سقطت في الجولان المحتل، وشنت غارات عدة استهدفت مواقع للجيش السوري وقوات حزب الله في سوريا.
ما هو دور “أندوف” في ظل كل هذه التطورات؟
يبدو أن دور البعثة في الآونة الأخيرة بات يتمحور حول تعرض عناصرها لاعتداءات من قبل قوات المعارضة المسلحة، الأمر الذي لفت اهتمام وسائل الإعلام إلى قضية الجولان التي أصبحت شبه منسية على خلفية دوامة العنف السورية التي لم تتوقف. ويبدو أن هذا الدور عديم الفعالية يعزز الشكوك في الدور المستقبلي للأمم المتحدة للرقابة على الهدنة في سوريا، والتي يدعو إليها القرار الدولي الأخير الذي تبناه مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي.
يذكر أن القرار الدولي الذي يؤسس لعملية تسوية سياسية بسوريا يعتمد على اتفاقات فيينا المتفق عليها بين أطراف المجموعة الدولية لدعم سوريا.
ويقضي القرار الذي يحمل رقم 2254 بعقد مفاوضات بين وفدي الحكومة السورية والمعارضة مطلع يناير/كانون الثاني عام 2016، ويؤكد أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد ويدعو لتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية ويطالب بوقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري.
وأعرب مجلس الأمن في قراره عن دعمه للمسار السياسي السوري تحت إشراف الأمم المتحدة لتشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، تشمل الجميع وغير طائفية، واعتماد مسار صياغة دستور جديد لسوريا في غضون ستة أشهر.
وجدد القرار دعم مجلس الأمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة على أساس الدستور الجديد في غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة.
كما أعرب عن دعم مجلس الأمن لضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في كافة المناطق السورية حال اتخاذ ممثلي النظام والمعارضة السورية الخطوات الأولى نحو الانتقال السياسي برعاية الأمم المتحدة.
ويجدد مجلس الأمن في قراره ثقته بالدور الأممي في التسوية السورية. لكن إسرائيل تجدد بغاراتها عدم ثقتها بالأمم المتحدة وبعثتها لحفظ السلام على الإطلاق.
وكانت آخر تلك الغارات قد استهدفت فجر الأحد الماضي جرمانا في ريف دمشق، وأدت إلى مقتل عدد من الأشخاص، بينهم سمير القنطار الأسير اللبناني السابق لدى إسرائيل، وتأتي هذه الغارة ضمن سلسلة من الهجمات الإسرائيلية ضد حزب الله في سوريا، والتي كان أبرزها غارة استهدفت جنرالا إيرانيا وعددا من القياديين في حزب الله قرب القنيطرة يوم 18 يناير/كانون الثاني الماضي.
وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، يعود سبب اغتيال القنطار، وهو أحد الأسرى الذين تم الإفراج عنهم خلال صفقة التبادل بين إسرائيل وحزب الله عام 2008، إلى نجاحه في جذب متعاطفين جدد مع قوات حزب الله في الأراضي السورية من سكان القرى الدرزية الخاضعة لسيطرة الجيش السوري وفي المناطق الدرزية الخاضعة لسيطرة إسرائيل على حد سواء، ولا سيما في مجدل شمس. وتجدر الإشارة إلى أن سمير القنطار تولى مهامه المذكورة في الجولان في مطلع العام الحالي وهو حل بذلك محل جهاد مغنية نجل عماد مغنية، الذي قتل في الغارة الإسرائيلية على القنيطرة في يناير/كانون الثاني الماضي.
وتظهر التطورات الأخيرة بوضوح عجز الأمم المتحدة عن ضمان أي هدنة مستقرة في سوريا على الإطلاق، وإذا كانت القوى الدولية تسعى إلى تحقيق هذا الهدف فعليا، فعليها استحداث آلية جديدة نوعيا للرقابة، بالإضافة إلى إيجاد طريق للحد من التدخلات الإسرائيلية في الأزمة السورية.
سيريان تلغراف | RT