في تحول غير مسبوق دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سوريا والدول العربية إلى إطلاق عملية برية للقضاء على تنظيم “داعش” وغيره من الزمر الإرهابية في سوريا والعراق.
ويأتي تصريح وزير الخارجية الأمريكي هذا تزامنا مع دعوات لتركيا بضبط حدودها البرية في وجه العناصر الإرهابية والمسلحين الذين صاروا يتمتعون بحرية العبور من وإلى الأراضي السورية، بعد أن نظموا تجارة نفط مسروق بين شمال سوريا والجانب التركي.
كما يبدو من دعوة الوزير الأمريكي، ولو في الظاهر على الأقل، أن الولايات المتحدة إما اقتنعت بالأدلة الروسية حول ازدهار تجارة “داعش” النفطية، أو أذعنت لواقع كشفته موسكو وفضحت فيه القيادة التركية والراعي الأمريكي في التستر على نشاط الإرهابيين على الحدود، خاصة وأن الانتخابات الأمريكية باتت على الأبواب.
كما يمكن تفسير التحول الجذري في موقف كيري وتصريحاته أنه ليس إلا تصريحا إضافيا في دفتر المواقف الأمريكية التي يبدلها ساسة واشنطن ويعدلونها وفقا للضرورة، فضلا عن مهارتهم في تقديم التأويلات والتفسيرات المتباينة لتصريح واحد.
والملفت في دعوة كيري كذلك، أنه لم يتعمق في التفاصيل بل ألقى عبارة ليدعها مادة للبحث والتكهنات تثير مخيلة المعلقين والخبراء السياسيين والعسكريين في العالم، إذ طالما شدد كيري شخصيا وقبله الرئيس باراك أوباما على ضرورة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد وأنه لا يمكن مكافحة الإرهاب في سوريا ما لم يرحل نظام دمشق ويترك السلطة.
ومنه، فها هو كيري الآن، وفي اليوم التالي لـ”محكمة” نظمتها وزارة الدفاع الروسية أظهرت فيها بالصورة تورط الجانب التركي باستقبال آلاف الصهاريج المحملة بالنفط السوري والعراقي المنهوب، وتفريغ محتوياتها في خزانات تركية أو في ناقلات تنتظرها في الساحل التركي على المتوسط.
وزير الخارجية الأمريكي لم ينسق على ما يبدو مع برلين، ولم يبلغها بتحول موقف بلاده وموافقته على مشاركة القوات الحكومية السورية في مكافحة الإرهاب، حيث أكد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتير شتاينماير أن بلاده لن تتعاون بأي شكل من الأشكال مع الحكومة السورية وقواتها.ويأتي تصريح شتاينماير هذا، فيما يرى المراقبون أن موقفه لا يندرج إلا في إطار الحيلة السياسية والحفاظ على ماء الوجه بعد تحفظ كبير طيلة خمس سنوات على أي تعاون مع دمشق، إذ لا يمكن بعد اليوم وباعتراف واشنطن القضاء على الإرهاب بمعزل عن الجيش السوري الذي هو أدرى بأرضه وشعاب مدنه.
سيريان تلغراف | صفوان أبو حلا