قد تمتد الليالي السورية في فيينا أسابيع طويلة وربما لشهور . وليس معروفا فيما إذا كانت جولة الغد ستدور زوايا الخلاف.
بيد أن خلو قاعات العاصمة النمساوية من ممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية ، يفجر المرارة في قلوب السوريين المتطلعين إلى حل ينهي المأساة المتواصلة منذ خمس سنوات .
الكبار لم يتفقوا إلى الآن على توصيف موحد للمعارضة . بل إنهم يختلفون على تحديد من سيحضر في المستقبل لخوض المفاوضات وصولا إلى تسوية سياسية تبدو غامضة .
عدا عن ذلك فإن السوريين، من معارضي الداخل باتوا يتحدثون بخطاب شبه موحد مفاده؛ لماذا يقررون مصير بلدنا بغيابنا؟ ومن فوض الآخرين بتسطير أسماء المدعوين إلى رقصة الفالس المزمعة تحت لافتة الحل السياسي؟ ومن يضمن ألا يتحول الفالس إلى تانغو يسقط فيه الراقصون من الإعياء؟
أسئلة كانت تربض تحت رماد الخيبات والقهر والألم، وتيبست كالملح على شفاه طيف واسع من السوريين المشتغلين بالسياسة . أما البسطاء النازحون واللاجئون، والمرابطون في وطن مثقل بالآلام فإنهم يفوضون أمرهم إلى الله ولا يعولون على أحد غيره .
حتى أصدقاء واشنطن يعترضون على تفرد المعتني بوسامته، وبالوان أربطة العنق؛ جون كيري في اختيار المفاوضين المحتملين منهم . وإذا كانت موسكو اعترضت على تشكيل واشنطن لجانا لم تستشر فيها، فإن المعارضة المحسوبة على العم سام، وإن كانت غاضبة منه، ترى في نية العزيز كيري تحديد من يجلس مع من، إهانة . ويسعى بعض من ترددت تقارير بأن موسكو اقترحت أسماءهم في الزفة، للتملص من ” تهمة ” الصداقة ” مع الروس وكانها لوثة!
الدوائر الكبرى تُلوح بأن المشاركة السورية من الجهتين، غير ضرورية في المرحلة الحالية كي لاتفسد الطبخة . لكن السوريين المعروفين بمهاراتهم في الطبخ بكل صنوفه، بما في ذلك الصفقات، يعتبرون إبعادهم محاولة لدس السم في الصحن.
ليس سما قاتلا بالتأكيد. إلا أن ما يثير القلق الطعم المر الذي قد يفسد مستقبل بلادهم في حال تصور الكبار أنهم الأعرف بشعاب الشام من أهلها .
السوريون لايريدون أن يكونوا مثل الزوج آخر من يعلم . السوري ليس هاملت الضحية . ولا ماكبث الملتبس بالخيانة.
السوريون يريدون أن يكونوا شهودا فاعلين في تقرير مصير بلدهم حتى لو كان الكبار مجلجلين بالرحمة!
سيريان تلغراف | سلام مسافر