تُسارع الدول الإقليمية والدولية لتكثيف جهودها الدبلوماسية قبيل عقد اجتماع فيينا المقبل حول سوريا المقرر السبت القادم.
وتبدأ الخميس لجنة تحضيرية تضم مسؤولين من تسع دول في إعداد لوائح بأسماء المعارضين ولوائح أخرى تحدد المنظمات الإرهابية بحسب ما أعلنت وكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب) نقلا عن دبلوماسي أوروبي.
ومن المقرر أن تتوزع الأسماء التي سيتم التوافق عليها ضمن لجنتين سيناط بهما مفاوضة الحكومة السورية: الأولى للإصلاح السياسي والثانية للأمن، على أن تعمل اللجنتان تحت إشراف موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
ومن شأن هاتين اللجنتين أن تحلا محل لجان المبعوث الدولي الأربع (السلامة والحماية، مكافحة الإرهاب، القضايا السياسية والقانونية، إعادة الإعمار) بحيث يتحول عمل هذه اللجان إلى مجرد لجان استشارية مهمتها مساعدة الطرفين، ولن يكون لها أي دور غير ذلك، وكان هذا الأمر متوقعا في ظل رفض الحكومة السورية والائتلاف المعارض على السواء لعمل هذه اللجان.
لكن ثمة عقبتان تواجهان فرقاء “فيينا 2” لا بد من تذليلهما:
1ـ بالنسبة إلى لوائح أسماء المعارضين السياسيين، على كل بلد أن يقدم لائحة أسماء ويتم بعدها خفض عديدهم إلى عشرين أو 25 اسما، وقدمت السعودية لائحة من عشرين اسما معظمهم من الائتلاف، فيما قدمت مصر عشرة أسماء معظمهم من هيئة التنسيق وتيار قمح، أما روسيا فقد اقترحت لائحة تضم 38 معارضا تشمل كافة مكونات الشعب السوري، بينهم ثلاثة رؤساء سابقين للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية (أحمد الجربا، هادي البحرة، معاذ الخطيب)، إضافة إلى ممثلين عن معارضة الداخل ممن هم مقبولون لدى دمشق، الأمر الذي أثار استياء أعضاء في الائتلاف.
تحاول موسكو تقديم مجموعة واسعة من الأسماء أما تركيا والسعودية وقطر فتحاول أن يكون العدد الأكبر من أعضاء اللجنة تابعين للائتلاف، في حين تبدو واشنطن في موقف وسط من الطرفين.
2ـ العقبة الثانية تتمثل في تصنيف الفصائل العسكرية التي تنضوي تحت قائمة المنظمات الإرهابية، وهذه المسألة تشكل خلافا كبيرا بين الفرقاء، ويبدو من الصعب التوصل إلى اتفاق حولها في الاجتماع المقبل.
دمشق وداعموها يعتبرون كل من يحارب الجيش السوري يجب وضعه في قائمة المنظمات الإرهابية، لا سيما الفصائل الإسلامية القوية (أحرار الشام، جيش الإسلام، جبهة النصرة)، أما “الجيش الحر” فيبقى محل تباين بين دمشق وطهران من جهة وموسكو من جهة ثانية على الأقل في المرحلة الراهنة .
أما السعودية الداعم الرئيسي لـ “جيش الإسلام”، وتركيا وقطر الداعمان الرئيسان لـ “أحرار الشام”، فيرفضون وضع هذين الفصيلين ضمن لائحة الإرهاب، في وقت تدعو السعودية إلى وضع قوات “حزب الله” والقوات الأخرى التي جلبتها إيران إلى سوريا ضمن قائمة الإرهاب، لكن يبدو أن الجهد السعودي في تعويم “جيش الإسلام” لن يلقى نجاحا بسبب قصفه المدنيين في دمشق وما قام به مؤخر من استخدام مدنيين كدروع بشرية، كما لن تلقى جهودها في وضع القوى غير السورية التي تقاتل مع دمشق في قائمة الإرهاب بسبب الرفض الروسي الصارم والأمريكي اللين.
أما “أحرار الشام” فوضعها يختلف وإن لم يحسم بعد بسبب المخاوف الأمريكية من ارتباطاتها السابقة مع القاعدة، على الرغم من التحولات الأيديولوجية التي أصابت التنظيم مؤخرا والانفتاح على الغرب.
ويأتي الموقف التركي ليزيد صعوبة عمليات الفرز، حيث تصر أنقرة على وضع “وحدات حماية الشعب الكردي” ضمن قائمة الإرهاب بسبب ارتباطه بحزب العمال الكردستاني (PKK)، وهو ما ترفضه واشنطن وموسكو معا.
وأمام هذه الصعوبات بدأت واشنطن وموسكو مؤخرا عملية تدوير الزوايا، فعمدت واشنطن إلى إنشاء تشكيلات عسكرية خارج معادلة ثنائية النظام، معارضة (قوات سوريا الديمقراطية، جيش سوريا الجديد)، في حين عمدت موسكو في الآونة الأخيرة إلى الانفتاح على “وحدات حماية الشعب الكردي” ومن الواضح أن الولايات المتحدة وروسيا، تهدفان من هذه الخطوة إلى إعادة تشكيل ائتلافات عسكرية خارج المنظومة التركية والسعودية والقطرية.
وعلى الرغم من الخلاف الحاد بين الأطراف حول تعريف موحد للإرهاب في سوريا، يبدو أن ثمة قرار دولي في المضي قدما بوضع قائمة موحدة للمنظمات الإرهابية في سوريا، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند “بعض الدول قد تضطر إلى التخلي عن دعم حلفائها على الأرض”، لكن هذه الخطوات ما تزال تصطدم بتصلب الدول الإقليمية الداعمة للمعارضة خشية من أن تؤدي قائمة الإرهاب الجديدة إلى تغيير التوازن العسكري على الأرض.
سيريان تلغراف | حسين محمد