Site icon سيريان تلغراف

السيطرة على مطار كويرس تغير الواقع الميداني في ريف حلب الشرقي

نجح الجيش السوري في دخول مطار كويرس العسكري الذي يشكل قاعدة جوية عسكرية في ريف حلب الشرقي، ليكسر بذلك حصارا فرضه تنظيم الدولة منذ نحو عامين.

ويشكل هذا الإنجاز تطورا مهما على صعيد المعارك العسكرية الدائرة في ريف حلب بين الجيش السوري وداعميه من جهة و “داعش” من جهة ثانية، لكن آثاره العسكرية ستتعدى الصراع بين الجانبين، إلى الصراع بين الجيش السوري وفصائل المعارضة، ويمكن القول إن مرحلة جديدة في ريف حلب بدأت من مطار كويرس، كما حصل في مايو/أيار العام الماضي حين استطاع الجيش فك الحصار عن سجن حلب المركزي، وما نجم عن ذلك من تغيرات وإن كانت جزئية لصالح الجيش.

السيطرة على مطار كويرس ستمنح الجيش السوري القدرة على تنظيم صفوفه في الشمال، ذلك أن المطار سيتحول إلى قاعدة استراتيجية لتجميع القوات والانطلاق منها نحو أرياف حلب الأخرى، ولهذا كان المطار على مدار السنوات الثلاث الماضية هدفا عسكريا مهما لكل أطراف الصراع، حيث حاصرت الفصائل المعارضة المطار نهاية عام 2012 قبل أن يطرد تنظيم الدولة، فصائل المعارضة من محيط المطار مطلع 2014 ويستكمل هو محاصرته، ولعل اتصال الرئيس السوري هاتفيا مع قائد المطار اللواء منذر زمام، وقائد القوة العسكرية التي فكت الحصار العقيد سهيل الحسن، يعكس أهمية المطار من الناحية الاستراتيجية.

وبدا واضحا منذ أشهر أن الجيش السوري يضع ثقله في ريف حلب الشرقي، وخصوصا على المطار العسكري مستفيدا من الغطاء الجوي الروسي على حساب مناطق أخرى في ريف حلب الجنوبي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي.

لكن تأخير السيطرة على المطار جاء لأسباب تكتيكية واستراتيجية في آن معا، ويبدو من خلال المسار العسكري للجيش السوري نحو المطار (من السفيرة في الجنوب الغربي إلى قرية أم أركيلة وقرية رسم العبد ثم قرية الشيخ أحمد ثم كويرس الشرقي) أنه يفكر في مرحلة ما بعد السيطرة عليه، أي تأمينه وتأمين محيطه عسكريا بحيث لا تعاد الكرة مرة أخرى ويستطيع التنظيم السيطرة على المطار، خصوصا أن المنطقتين الشرقية والشمالية الشرقية من ريف حلب يوجد فيها التنظيم بكثرة لاسيما في مدينة الباب شمال شرق مدينة حلب.

وأغلب الظن أن هذا الإنجاز سيدفع الجيش إلى استكمال ملاحقته لتنظيم الدولة على حساب الفصائل الأخرى الموجودة في ريف حلب الجنوبي، وسيكون ريفا حلب الشرقي والشمالي في الأسابيع المقبلة ساحتين للمعارك، مع استمرار المعارك في ريف حلب الجنوبي، خصوصا في محيط بلدة الحاضر التي تشهد مواجهات عنيفة بين الجيش السوري وفصائل المعارضة، على أن يترك ريف حلب الشمالي ـ الغربي وفيه مدينتي نبل والزهراء المحاصرتين إلى حين استكمال تثبيت الجيش لقواعده في الشرق والجنوب.

وخلال السنوات الثلاث الماضية، شكلت حلب وريفها ساحة اشتباك مفتوحة بين مختلف الأطراف، على وقع عمليات كر وفر دون محاولة أي طرف فرض سيطرته الكاملة على المحافظة لعجزه عن تحقيق ذلك بسبب مساحتها الواسعة وكثرة القوى العسكرية الموجودة فيها.

وتتوزع خارطة القوى العسكرية المقاتلة في ريف حلب على النحو التالي:

ـ تنظيم الدولة ينتشر في معظم الريف الشرقي والريف الشمالي الشرقي، بدءا من جرابلس الحدودية مع تركيا مرورا بمناطق منبج وشدود والباب، مع محاولته اقتحام بلدة مارع شمالي حلب.

ـ الفصائل المعارضة تسيطر على معظم الريف الشمالي وبلداته مثل أعزاز، ومارع، وتل رفعت، وحيان، وبيانون، ورتيان، كما تسيطر على أجزاء في الريف الجنوبي وأجزاء واسعة من الريف الغربي.

ـ الجيش السوري يسيطر على الجزء الغربي من مدينة حلب، وعلى مطار كويرس العسكري ومحيطه في ريف حلب الشرقي، وعلى بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين في الشمال، فضلا عن أجزاء من ريف حلب الجنوبي ومنها قرى الحويز والقراصي والحميرة وعبطين وغيرهم.

ـ القوات الكردية، تسيطر على أجزاء من ريف حلب الشمالي، وعلى أجزاء من الريف في الشمال الغربي للمحافظة، فضلا عن سيطرتها على مدينة عفرين.

كما أن سيطرة الجيش على مطار كويرس العسكري من شأنها أن تغير من موازين القوى العسكرية على الأرض، وتمهد لتغييرات في توزيعها خلال المرحلة المقبلة، وإن كان هذا التغيير سيكون بطيئا لكثرة القوى المتصارعة.

سيريان تلغراف | حسين محمد

Exit mobile version