أعلن برنامج الغذاء العالمي أنه استأنف مساعداته لمئات آلاف اللاجئين السوريين في الأردن بعد توقف دام لمدة أكثر من شهر.
ويساعد البرنامج 212 ألف لاجئ سوري من الفئة الأشد حاجة للمساعدة، و226 ألفا ممن هم بحاجة المساعدة، عبر تقديم 28 دولار لكل لاجئ داخل المخيمات و21 دولارا للفئة الأشد حاجة للمساعدة و 14 دولارا لمن هم بحاجة.
لكن هذه المساعدات على أهميتها الشديدة لا تغطي كامل احتياجات اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأردن وهم نحو 600 ألف، فكيف الحال بباقي اللاجئين ممن هم غير مسجلين في المفوضية ويقدر عددهم بحسب السلطات الأردنية بنحو 800 ألف لاجئ.
وأدى توقف البرنامج مؤقتا إلى وقف المساعدات الغذائية لنحو 230 ألف لاجئ سوري خارج المخيمات في الأردن، بسبب نقص التمويل، الأمر الذي أثر سلبا عليهم على الصعيد الاقتصادي ومن ثم الاجتماعي، واضطرت بعض العائلات للعودة إلى مخيم الزعتري للعيش فيه على الرغم من مستوى الحياة فيه، فيما اضطرت عائلات أخرى إلى إخراج أولادها من المدارس للإعالة رغم حملات التفتيش التي تنفذها وزارة العمل الأردنية ورصدها العمالة الوافدة والمخالفة لكونهم يحملون صفة لاجئين.
ويحذر برنامج الغذاء العالمي منذ أشهر بمخاطر الكارثة الإنسانية التي قد تحصل إذا لم يتم توفير الأموال اللازمة، حيث يحتاج إلى 15 مليون دولار شهريا للاستمرار بما يقوم به، ومع أن هذا المبلغ يبدو بسيطا، فإن المفوضية العليا للاجئين تجد صعوبة في تأمينه بسبب تقصير الدول المانحة، سيما الخليجية في تقديم الأموال اللازمة لأسباب سياسة وليست مالية، في محاولة لتضخيم الأزمة الإنسانية كي تتحول إلى ورقة ضغط على المجتمع الدولي للخروج بمواقف أكثر حدة مما يجري في سوريا.
وبدت المفارقة الغريبة في مطلع شهر يوليو/تموز الماضي حين أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قرارا بوقف برنامج الغذاء العالمي في الأردن ولبنان بسبب عدم حصولها على المبلغ اللازم (138 مليون دولار) نتيجة الضغط المتزايد على البرنامج بعد اتساع دائرة الأزمة في اليمن وليبيا وأوكرانيا، فيما كانت قمة الدول المانحة التي انعقدت في الكويت قد أقرت تأمين المبالغ اللازمة التي تحتاجها المفوضية خصوصا في دول الجوار السوري، وبالأخص الأردن ولبنان حيث معدلات اللجوء عالية كثيرا مقارنة بأعداد سكانها.
وإذا كانت الأسباب السياسية وليست الاقتصادية هي السبب الخفي في وقف برنامج الغذاء العالمي في الأردن ولبنان، فإن الأسباب نفسها كانت وراء عودة عمله، ويقول جوناثان كامبل منسق عمليات الطوارئ للبرنامج في الأردن إن مسحا أجراه البرنامج لعائلات اللاجئين السوريين أظهر أن وقف المساعدات دفع نحو نصفهم للتفكير بمغادرة الأردن، وبحسب نتائج المسح “نصف اللاجئين السوريين يفكرون بمغادرة الأردن، 20% منهم إلى أوروبا”.
وعمد الاتحاد الأوروبي منذ نحو شهر إلى تقديم مساعدات مالية لدول الجوار السوري من أجل رفع مستوى المعيشة للاجئين والحيلولة دون تفكيرهم باللجوء إلى أوروبا، ففي الأردن على سبيل المثال جرى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لتقديم منح وأدوات تمويل ميسر كونه من الدول المتأثرة بتبعات الأزمة السورية، فضلا عن محاولة جذب الاستثمارات المولدة لفرص العمل وإيجاد مشروعات للتشغيل في المجتمعات المتأثرة من استضافة اللاجئين السوريين.
وأعلن الاتحاد الأوروبي ذلك، عن تخصيصه مبلغ 365.5 مليون يورو لتعزيز تنمية القطاع الخاص، والإصلاحات الديمقراطية وتحسين الظروف المعيشية في البلدان المتوسطية الجنوبية الشريكة (الجزائر، الأردن، لبنان، المغرب)، وحصل الأردن وحده على دعم بقيمة 135 مليون يورو تستهدف إصلاحات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، وبالتالي المساهمة في الحد من الفقر ومكافحة تغير المناخ.
كما حصل الأردن مطلع الشهر الجاري على منحة من هولندا بقيمة 25 مليون يورو لتخفيف عبء وآثار أزمة اللجوء السوري، ويأتي هذا المبلغ كجزء من منحة تبلغ قيمتها 110 ملايين يورو تعهدت بتقديمها الحكومة الهولندية بتقديمها.
والتزم القادة الأوروبيون الذين اجتمعوا في قمة طارئة ببروكسل نهاية أيلول /سبتمبر الماضي حول أزمة المهاجرين، دفع مليار يورو إضافية لوكالات الأمم المتحدة التي تساعد اللاجئين في الدول المجاورة لسوريا.
وكشفت الأزمة السورية مدى الاستغلال السياسي لكثير من الدول للوضع الإنساني بغية تمرير غاياتها بغض النظر عن التبعات التي قد تترتب عليها، فتحولت ورقة اللاجئين بذلك إلى لعبة سياسية لمعظم الأطراف.
سيريان تلغراف | حسين محمد