Site icon سيريان تلغراف

إنهم يريدونها حربا طائفية في سورية

أشار الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف إلى أن الوضع في أفغانستان المجاورة لا يحظى بأهمية كبيرة للاستقرار في آسيا الوسطى، كما تحظى الأوضاع في سوريا والعراق.

وأضاف نزارباييف، في المؤتمر الصحافي الختامي لاجتماع قمة رابطة الدول المستقلة والاتحاد الاقتصادي الأوراسي في كازاخستان يوم الجمعة الماضي، “تجري الآن مزايدة حول موضوع السنة والشيعة.. لكن ما يجري في سوريا – هو خطر عام يتهدد الجميع، وبخاصة منطقة آسيا الوسطى”.

وبالفعل يجري استخدام الورقة المذهبية بحماس، وبخاصة من قبل المسؤولين الأمريكيين، الذين ظن المجتمع الدولي أنه ارتاح من تنظيرهم الديني بعدما خلف باراك حسين أوباما جورج بوش- الابن، “كليم الله”، الذي تحدث عن “الحرب الصليبية” عشية الحرب، التي شنها على العراق.

غير أن نجاح العملية العسكرية الروسية في سوريا سرعان ما أجبر أوباما على اللجوء إلى الورقة الطائفية المقيتة، عندما حذر في مطلع الشهر الجاري من أن سكان هذا البلد من السنَّة أصبحوا ينظرون إلى روسيا كعدو، وأضاف “قريبا سينظر إليها السنَّة كذلك في الدول الأخرى”.

وقال جون كيري وزير الخارجية الأمريكي “وقوف (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) إلى جانب الأسد وإيران و”حزب الله”، سيخلق له مشكلات جدية مع دول المنطقة السنية.. ومن الممكن أن يصبح هدفا للجهاديين السنَّة”.

وكان استخدام الورقة المذهبية قد وجد مكانا له قبل بدء العملية العسكرية الروسية في الصحافة الغربية، حيث خرجت صحيفة “أتلانتيكو” الفرنسية في عام 2012 بعنوان “أفغانستان، الشيشان، سوريا – حرب صليبية روسية ضد السنة؟”.

وبعد بدء العملية سأل توماس فريدمان في صحيفة “نيويورك تايمز”، “كم من الوقت سيمضي قبل أن يضع كل مسلم في الشرق الأوسط وجهادي صورة بوتين وهو في مرمى الهدف على هاتفه النقال.. وقبل أن يتحول إلى العدو رقم – واحد للعالم السني؟!”.

وحتى اللبراليون في روسيا لم ينأوا بأنفسهم عن استخدام ورقة الحرب الدينية، حيث أكد قسطنطين ريمتشوكوف رئيس تحرير صحيفة “نيزافيسيما غازيتا” على أثير إذاعة “صدى موسكو” أنه “من الصعب التوضيح للشباب القوقازيين لماذا يجب عليهم محاربة السنة  والوقوف مع الشيعة؟”.

ووجدت النعرات الطائفية مكانا لها في الصحافة العربية أيضا، حيث اختارت صحيفة “القدس العربي” عنوانا لها: “بوتين اختار دعم القوى الشيعية وسيستعدي السنة!”.

كما وجدت الورقة الدينية تعبيرا واضحا لها في بيان 50 عالما سعوديا ونيِّف، دعوا إلى الجهاد ضد “روســـيا الصليبـية الأرثوذكســـية، (التي) تغزو ســـوريا المـســـلمـة لنصرة النظام النصيري..”.

بينما لم يجد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي حرجا من وصف روسيا بأنها “العدو الأول للمسلمين”.

وفي حين تلقى ريمتشوكوف ردا غير مباشر من الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، “أول سني في القوقاز” (حسب تعبيره)، حين أكد أن “الشيشانيين مستعدون للقتال (ضد الإرهابيين) في سوريا”، وشدد على أنهم “سيقومون بذلك من أجل المبدأ وليس من أجل الامتيازات”.

فإن قديروف طالب القرضاوي بسحب تصريحاته عن روسيا، موضحا أن هذه التصريحات موجهة ضد ملايين المسلمين الروس.

ومن جانبه، دان رئيس مجلس المفتين في روسيا “راوي عين الدين” محاولات استغلال عامل الاختلاف بين السنة والشيعة في تقييم العملية العسكرية الروسية في سوريا، وأضاف “نحن نؤيد خطوات دولتنا الروسية في حربها مع خطر الإرهاب العالمي، ونستنكر محاولات تفسير تدخل روسيا العسكري بطلب من السلطات السورية كحرب إلى جانب الشيعة ضد السنة. كما ندين اعتبار عملية بلدنا حربا بين جيش أرثوذكسي ضد تنظيمات إسلامية مسلحة”.

 وكان الرئيس الروسي، وأثناء زيارته إلى قناة “روسيا اليوم”، عام 2013، صرح بأن بلاده لا تريد أن تكون حكما في الخلافات المذهبية الإسلامية، وقال “نحن لا نريد بأي شكل من الأشكال التدخل في النزاع بين مختلف الاتجاهات في الإسلام، ومنها السنة والشيعة. هذا شأن داخلي إسلامي. ولدينا علاقات جيدة جدا مع العالم العربي”.

ولعل جل ما تريده روسيا هو أن “لا يحكم تنظيم “داعش” الجمهورية العربية السورية، وأن تكون السلطة هناك حضارية وشرعية”، كما أكد رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف.

وأن يعود العقل إلى عالم عربي أصابه الجنون.

ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟

سيريان تلغراف | حبيب فوعاني

Exit mobile version