Site icon سيريان تلغراف

وكالات أنباء عالمية تدخل على خط تشويه الحملة العسكرية الروسية

تتبنى وسائل الإعلام الغربية حملة مكثفة تقوم خلالها بنشر معلومات وأنباء خاطئة أو مغلوطة غايتها تشتيت الأنظار عن الهدف الرئيسي للتدخل العسكري الجوي الروسي في سوريا.

المفارقة الرئيسة أن عملية التشتيت والتشويه هذه لم تقتصر على وسائل إعلام بعينها، بل شملت بعض الوكالات العالمية التي ينبغي أن تتمتع بالمصداقية، وفي مقدمها وكالة رويترز الشهيرة.

في مساء التاسع من الشهر الجاري، نشرت الوكالة خبرا بعنوان “اتفاق نادر في سوريا يسقط ضحية التدخل الروسي”، واعتمدت رويترز في خبرها على مصدرين: الأول من المعارضة السورية، والثاني من مسؤولين بارزين في الحكومة السورية.

مصدر المعارضة أرجع انهيار الهدنة في (الزبداني، الفوعة، كفريا) إلى التدخل العسكري الروسي، من دون أن يوضح ذلك ولو بشكل بسيط، في حين قال أحد المسؤولين في الحكومة إن الهجوم البري للجيش السوري وحلفائه جعل الاتفاق غير ذي معنى، بينما قال المسؤول الآخر إن “الهجوم الذي بدأ من ريف حماه باتجاه ريف إدلب سيؤدي الى تحرير كفريا والفوعة حكما وبالتالي انتفاء السبب الحقيقي للاتفاق”.

نحن هنا أمام حكم قيمي لا يستند إلى أساس واقعي أطلقته المعارضة وتبنته وكالة رويترز كما هو، وأمام حكم واقعي كشف عنه مسؤولان سوريان وتجاهلته الوكالة بشكل مقصود، في خطوة لتحميل الروس مسؤولية أخلاقية عن انهيار هدنة إنسانية.

والغريب في الأمر أن خبر الوكالة يورد في نهايته فقرة تؤيد ما ذهب إليه المسؤولان السوريان في أن السبب الحقيقي لانهيار الهدنة مرتبط بعودة المعارك في المدن الثلاث، تذكر الفقرة: “… وقالت الأمم المتحدة في الثاني من أكتوبر / تشرين الأول إنها اضطرت لتعليق العمليات الإنسانية بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، بسبب “زيادة النشاط العسكري”، وفي هذه المناطق الثلاث لا وجود عسكريا لروسيا، ولم تجر عمليات قصف روسية لها.

لم تكتف الوكالة بذلك، ففي نفس اليوم نشرت خبرا بعنوان” المرصد السوري: طائرات روسية تقصف قاعدة لمقاتلين دربتهم أمريكا”، وفي مضمون الخبر نقلت رويترز عن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن طائرات حربية روسية قصفت يوم الجمعة قاعدة في شمال غرب سوريا تابعة للمعارضة “الفرقة 13” تلقت تدريبا أمريكيا، قرب قرية خان شيخون في محافظة إدلب متسببة في إصابة مقاتلين وحدوث دمار في المقر.

شكل هذا الخبر مفاجأة لدى المتابعين للشأن السوري بمختلف انتماءاتهم، فالقول إن “الفرقة 13” تلقت تدريبا أمريكيا غايته الإيحاء أن موسكو تهدف إلى القضاء على المعارضة السورية، ومحاولة تشويه الجهود السياسية الروسية الرامية إلى إيجاد شركاء سوريين في المعارضة المسلحة ضمن حملتها العسكرية ضد “داعش”.

والمعروف للجميع أن الولايات المتحدة دربت 54 شخصا ضمن برنامج تدريبها لما تسميه “المعارضة المعتدلة”، ولم يبق من هؤلاء سوى أربعة أو خمسة أشخاص باعتراف الولايات المتحدة نفسها، أما “الفرقة 13″، فقد تلقى بعض عناصرها تدريبا على يد المخابرات المركزية الأمريكية قبل أكثر من عام خارج إطار برنامج التدريب الأمريكي الذي يرعاه البنتاغون.

ومن المفارقات، أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة قصف في نهاية أيلول/ سبتمبر عام 2014 “لواء الحق” المعروف بانضوائه ضمن ما سمي “المعارضة المعتدلة”، ولم تثر آنذاك ضجة إعلامية كالتي أثيرت حول “الفرقة 13”.

وفي ذات اليوم، التاسع من الشهر الجاري، نقلت الوكالة عن المصدر المعارض ذاته أيضا خبرا مفاده “أن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية استولوا على قرى تل سوسين قرب مدينة حلب من معارضين منافسين لهم رغم حملة جوية وبحرية تشنها روسيا وتقول إنها تستهدف التنظيم المتشدد”.

واضح من الخبر أن الوكالة تريد إيصال رسالة تبين فيها أن الروس قد مهدوا الطريق أمام “داعش” للتقدم في حلب، لكن الوكالة ونقلا عن المرصد السوري، تنشر خبرا بعد ساعات تؤكد فيه أن تنظيم “أحرار الشام استعاد السيطرة على قرية تل سوسين في محافظة حلب”، ولو كان للقصف الروسي دور في سيطرة تنظيم الدولة على القرية، لكان منع المعارضة المسلحة من إعادة السيطرة عليها.

وأحد الانزلاقات الكبرى لوكالة رويترز، أنها لم تتطرق إلى دور التحالف الدولي الذي يشن غارات في محافظة حلب ودمر محطة لتوليد الكهرباء بدلا من توجيه الضربات للتنظيم في هذه المنطقة، كما لم تتطرق الوكالة إلى حصيلة العملية العسكرية للتحالف منذ أكثر من عام، ومدى فشله في إلحاق الأضرار بالتنظيم الذي توسع في شرق البلاد بعد أشهر من الحملة العسكرية للتحالف، في حين بدأ التنظيم يتلقى ضربات موجعة منذ بدء التدخل العسكري الروسي.

سيريان تلغراف | حسين محمد

Exit mobile version