Site icon سيريان تلغراف

ما هو مسموح به ليوبتر ليس مسموح به للثور .. الأزمة السورية بين التضليل الإعلامي وازدواج المعايير

لا تزال المؤشرات تؤكد على تباعد المواقف بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى، بشأن التعامل مع الأزمة السورية.

التحذيرات الغربية لروسيا تتصاعد، لدرجة أنها تأحذ أحيانا شكل التهديد. ومع ذلك يعتبرها البعض تحذيرات وتهديدات إعلامية للاستهلاك المحلي والدولي، ولاعتبارات انتخابية. بينما العمليات العسكرية للطيران الروسي تسير بدون أي عوائق أو منغصات ضد تنظيم داعش الإرهابي وأخواته. ذلك على الرغم من الحملات الإعلامية الغربية والعربية المثيرة للشفقة، بسبب تكرارها نفس العبارات والجمل القديمة منذ “الجهاد من أجل الإسلام في أفغانستان” و”نصرة الإخوة في الشيشان لإقامة دولتهم الإسلامية المستقلة”.

لقاء وزيري الدفاع الأمريكي آشتون كارتر ونظيره البريطاني مايكل فالون في لندن يثير الكثير من التساؤلات حول الخطوات المقبلة في سوريا لكل من البلدين اللذين لا تنفصل سياساتهما عن بعضها البعض.

آشتون أعلن صراحة أن “رحيل الرئيس السوري بشار الأسد هو الحل الصحيح الوحيد”، مشيرا إلى أن خطوات موسكو في سوريا خاطئة تماما وستؤدي إلى نتائج سلبية. وربما هذا الكلام بتلك الصيغة تحديدا، هو أيضا موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما نفسه، الذي سيقدم قريبا اقتراحات حول تعديل برنامج تدريب المعارضة في سوريا. ومن الواضح أن التحالف الأمريكي يرغب في توازن على الأرض أمام الجيش السوري. وعندما تحقق واشنطن وحلفاؤها ذلك، سوف يتغير الحديث في اتجاهات أخرى تماما.

هذه ليست التحذيرات والتهديدات الأولى من نوعها، فرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي وصف قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقصف مواقع الإرهابيين داخل سوريا بأنه “خطأ فادح”، أكد على أن الجهود الروسية ستزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. وكرر نفس الاتهامات التي وجهتها واشنطن إلى موسكو، مشيرا إلى أن “معظم الضربات الجوية الروسية حتى الآن استهدفت أجزاء من سوريا لا تخضع لسيطرة الدولة الإسلامية، لكن تخضع لمعارضين آخرين للنظام.

مثل هذه الاتهامات تكتسب قدرا من السخرية، عندما نسمع وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان يقول إن “تنظيم داعش يستخدم المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، كدروع، حيث يختبئ قياديو التنظيم في مدارس ومساجد ومستشفيات. ما يعرقل إجراء العمليات في سوريا والعراق كثيرا، لأن جميع الأطراف تسعى لتجنب سقوط خسائر في صفوف المدنيين”.

هذه هي تصريحات وزير الدفاع الفرنسي التي تكرر نفس التصريحات الروسية بشأن اتهام قواتها الجوية بقصف المدنيين في سوريا. الأمر الذي يثير السخرية من اتهامات الغرب لروسيا بقصف المدنيين، بينما يعترفون هم بصعوبة الأمر. وذلك عملا بالمثل اليوناني “ما هو مسموح به ليوبيتر، ليس مسموح به للثور”!

الكرملين أكد أن العملية العسكرية التي ينفذها سلاح الجو الروسي في سوريا مرتبطة بالتقدم الذي يحرزه الجيش السوري على الأرض. وذلك بهدف تقديم الدعم للقوات المسلحة السورية، أما مدتها فستتطابق مع الأطر الزمنية لتقدم القوات المسلحة السورية.

هذا التصريح ليس جديدا على الإطلاق، ولكنه يضع النقاط على الحروف، للتأكيد على هدف موسكو النهائي من كل تلك الإجراءات. في حال وافق جميع الأطراف على التخلي عن سيناريو التسوية المسلحة أو تقسيم سوريا أو تسليمها لتنظيم داعش وأخواته.

موسكو أكدت في وقت سابق أيضا، على لسان مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف، بأن عملياتها الجوية في سوريا غير محددة بسقف زمني، لأنها تستهدف خطر الإرهاب الذي يهدد منطقة الشرق الأوسط والعالم، وأن روسيا تنوي التواجد في الشرق الأوسط، في المجالين الدبلوماسي والسياسي، وإذا لزم الأمر، ففي المجال العسكري أيضا اعتمادا على القانون الدولي، وأن التواجد العسكري الروسي في المنطقة ليست مثيرا ببهذا القدر مقارنة مع تواجد بعض الدول الأخرى هناك. وذكر المسؤول الدبلوماسي أنه ليس على علم بموعد انتهاء العملية الروسية في سوريا، موضحا أنها ضرورية طالما يوجد هناك تهديد إرهابي.

ومع ذلك، فروسيا تعلن صراحة أنها لا تريد سباق تسلح أو تغيير التوازن الاستراتيجي. هذه الفكرة جاءت على لسان مندوب روسيا الدائم لدى حلف الناتو ألكسندر غروشكو الذي أكد على أن روسيا لا تريد الانجرار إلى “سباق تسلح جديد” أو تغيير التوازن في المنطقة “اليورو- أطلسية”. ولكنه أشار في نفس الوقت إلى أن حلف الناتو يربط خططه التوسعية بـ”ضرورة ردع روسيا”.

سيريان تلغراف | أشرف الصباغ

Exit mobile version