أعلنت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل في لقاء مع هيئة الإذاعة الألمانية أنها مازالت عند موقفها المعارض لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وأن الرئيس أردوغان على علم بموقفها.
أخفق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في دفع المفاوضات مع بروكسل بشأن انضمام بلاده إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، وجددت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل موقفها الرافض لانضمام تركيا إلى الاتحاد.
ميركل شددت في الوقت ذاته على دور أنقرة في معالجة قضية تدفق اللاجئين إلى أوروبا. وفي المقابل، قالت ميركل إن “مساعدة تركيا ضرورية لوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا”. وأعربت عن استعداد بروكسل لتقاسم العبء على نحو أفضل في قضية اللاجئين، مثل تقديم دعم لإيواء اللاجئين السوريين والعراقيين.
وبالرغم من حاجة أوروبا الكبيرة لدعم تركيا في مواجهة أكبر تدفق للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، فإن ميركل أعلنت للمرة الأولى منذ سنوات موقفها الرافض بوضوح لانضمام تركيا إلى الاتحاد الاوروبي. ومعلوم أن المستشارة الألمانية تعارض منذ عام 2005 الخطوة، لكنها تجنبت الإشارة إلى موقفها بوضوح وكانت تؤكد أن محادثات العضوية بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، والتي بدأت قبل وقت قصير من توليها السلطة، يجب أن تتواصل، ولكن من دون أن تكون نتيجتها محددة سلفاً. وفي الوقت ذاته أكدت ميركل أنها مع منح تركيا “شراكة مميزة”، لا تصل إلى حد العضوية الكاملة.
وفي بداية الأسبوع الحالي، وضعت بروكسل مشكلاتها مع تركيا جانباً واستقبلت أردوغان الذي انتهز حاجة أوروبا لبلاده في ملف وقف تدفق اللاجئين من بلدان الشرق الأوسط ودعا إلى اعادة فتح المفاوضات حول انضمام أنقرة الى مؤسسات الاتحاد الاوروبي.
وتعثرت المفاوضات بين الطرفين في السنوات الأخيرة، فمن جهة تراجع الاهتمام التركي بعد ثورات “الربيع العربي” التي بدا في نتائجها الأولية أنها تتجه نحو فوز قوى الإسلام السياسي وتعزيز العلاقات مع تركيا، وتبني نموذجها بقيادة حزب العدالة والتنمية. ومن جهة أخرى ارتفعت حدة الانتقادات الأوروبية لسياسة أردوغان السلطوية وقمع الصحافة والمعارضة الداخلية.
خطة عمل لوقف تدفق اللاجئين
الجانب الأوروبي كشف أن مباحثات أردوغان في بروكسل أفضت إلى التوصل لخطة عمل مشتركة تتضمن “سلسلة خطوات تعاون يجب تنفيذها على عجل لضبط تدفق اللاجئين من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي”، إضافة إلى تقديم أموال أوروبية، وتخفيف الضغط عن تركيا باستقبال أعداد من اللاجئين، مقابل فتح مراكز استقبال لطالبي اللجوء على الأراضي التركية. ورأت المفوضية الأوروبية أن تطبيق الخطة “سوف يسهم في تسريع عملية منح التأشيرات للأتراك الراغبين في السفر إلى أوروبا”.
الجانب الأوروبي كان أعلن في وقت سابق أنه يرغب في فتح ستة مراكز استقبال للاجئين بتمويل من بروكسل، إضافة إلى تسيير دوريات مشتركة في بحر إيجة للحد من تدفق اللاجئين، وأن توافق أنقرة على استقبال “المهاجرين الاقتصاديين” الذين سيتم ابعادهم من بلدان الاتحاد. وتعهدت بروكسل بتقديم مليار يورو لدعم تركيا في عامي 2015 و2016، وإنشاء صندوق بقيمة 500 مليون يورو لتأمين خدمات التعليم والصحة للاجئين السوريين.
عودة أردوغان بخفي حنين
وواضح أن أوروبا في حاجة ماسة لمساعدة تركيا في موضوع وقف تدفق اللاجئين عبر بحر إيجة إلى الجزر اليونانية، فأوساط في بروكسل تخشى من تدفق الملايين في السنة الحالية والمقبلة إثر تقارير تحدثت عن وصول نحو نصف مليون حتى بداية سبتمبر/ أيلول الماضي. لكن بروكسل في المقابل لم تخفف موقفها من قضية منح تركيا عضوية دائمة في الاتحاد الأوروبي. وتشي نتائج زيارة أردوغان بأنه عاد بخفي حنين من بروكسل، بالرغم من حاجته الماسة إلى أي نصر معنوي على أبواب إعادة الانتخابات البرلمانية، والمأزق الكبير الذي دخل فيه نتيجة تدخله في الأزمة السورية، فمن جهة ترفض واشنطن وبروكسل طلبه في فرض منطقة عازلة شمال سوريا، فيما أضعف تدخل روسيا قدرته على التأثير في الصراع السوري المستمر منذ مارس/ آذار 2011. ويبدو أن الوضع لم يتغير كثيرا منذ تحول تركيا إلى دولة مرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي منذ العام 2005، ولم تضف بلاغة أردوغان شيئاً، فالقارة العجوز تفهم لغة المصالح فقط، وتدرك جيدا أنها لا تستطيع هضم دخول تركيا بسكانها البالغ عددهم نحو 80 مليونا وجلهم من المسلمين. وأغلب الظن أن تتواصل المفاوضات صعودا وهبوطا من دون وضع سقوف زمنية أو نتائج محددة.
سيريان تلغراف | سامر الياس