يتقن “داعش” استخدام شبكة الإنترنت لترويج أفكاره وجرائمه، إذ أصبح موقعا فيسبوك وتويتر منصات لبث دعاية الإرهابيين، ما يثير مخاوفا بشأن قدرة التنظيم على النجاح في “الجبهة الرقمية”.
ويلجأ “داعش” للترويج رقميا لدولته المزعومة، مستخدما دعاية ضخمة انطلاقا من حسابات يملكها على تويتر وفيسبوك، بالإضافة إلى فيديوهات على اليوتيوب والتي باتت هاجسا ثقيلا على القوى التي تتصدى للتنظيم في حرب رقمية ترى “داعش” أنها لا تقل أهمية عن المعركة على الأرض.
وأفاد الأميرال بيل جورتني قائد القيادة الأمريكية الشمالية وقيادة دفاع الفضاء الجوي الأمريكية الشمالية، الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الأول إن حملة التجنيد التي يقوم بها عناصر التنظيم عبر آلاف الحسابات على موقع تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى لا تزال تمثل أحد أكبر التهديدات التي تواجه واشنطن.
إرهاب الكلمات
الإرهاب الرقمي الذي يخوضه “داعش”، يستند لـ”كلمات” كفيلة باستقطاب المقاتلين من كل حدب وصوب، فتدفق هؤلاء المسلحين أصبح أكبر تهديد عابر للقارات.
وشدد جورتني على أن “الكفاح ضد داعش سيكون طويلا”، مضيفا أن واشنطن تحتاج إلى التصدي لأفكار التنظيم مؤكدا في الوقت ذاته أنها “حرب كلمات ولا بد من تحطيم هذا الأسلوب المتشدد”.
وأعرب المسؤول العسكري الأمريكي عن قلقه تجاه “الشباب المتشدد” في الولايات المتحدة، مضيفا أن السلطات الأمريكية قادرة نوعا ما على تعقب المجندين الذين يتواصلون مع “مسؤولي التجنيد” في التنظيم ولكن المهمة الأصعب تتمثل في تحديد المجندين المحتملين مثل الشخص الذي قتل 5 عسكريين في تينيسي في شهر يوليو/تموز.
ورفع هذا الأمر من درجة الإجراءات الأمنية في القواعد العسكرية إلى أعلى مستوى بمختلف أنحاء الولايات المتحدة، نظرا إلى عدم قدرة الحكومة الأمريكية على التنبؤ بموعد أو مكان وقوع هجمات من هذا النوع.
وذكر تقرير نشره الكونغرس الأمريكي في الـ 29 سبتمبر/أيلول أن الولايات المتحدة تبدو وكأنها لم تبذل إلا القليل من الجهد لمنع تدفق المسلحين إلى بؤر الصراع.
وأشار التقرير إلى أن حوالي 30 ألف أجنبي بينهم أكثر من 250 أمريكيا قد انضموا لتنظيم “الدولة الإسلامية”، وفصائل متشددة أخرى للقتال في سوريا والعراق، وهو ما يمثل ضعفي العدد الذي تم رصده في العام الماضي.
ودعا التقرير الذي استغرق إعداده 6 أشهر وصاغه أعضاء جمهوريون وديمقراطيون في لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب إلى وضع استراتيجية وطنية بشكل عاجل لمواجهة تهديد مثل هؤلاء المقاتلين بتوفير معلومات أفضل سواء داخل الولايات المتحدة أو على المستوى الدولي.
وقال التقرير إن بضع عشرات من المسلحين عادوا إلى الولايات المتحدة وإن هناك 5 آلاف مقاتل حاليا يحملون جوازات سفر غربية تتيح لهم دخول الولايات المتحدة دون تأشيرات.
وقال العضو الجمهوري بمجلس النواب مايكل مكول، وهو رئيس اللجنة، خلال مؤتمر صحفي إن “الإحصاءات تدعو للقلق.. اعتقل نحو 70 من أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية في الولايات المتحدة العام الماضي”.
كما اهتمت الدراسة التي نشرها الكونغرس إلى استخدام المتشددين لمواقع التواصل الاجتماعي من أجل تجنيد الأجانب، حيث أفاد العضو الجمهوري مكول بوجود حوالي 200 ألف تغريدة لتنظيم “الدولة الإسلامية” بموقع تويتر يوميا.
وكان “مارك والاس” السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة، والذي يرأس مشروع مكافحة التطرف في أوروبا، أعلن عن وجود حوالي 40 ألف حساب مؤيد وداعم لتنظيم “داعش” على موقع “تويتر”.
اعتداء شارلي إيبدو ..الحرب المضادة
بعد اعتداءات “شارلي إيبدو”، تلقت شركات تويتر وغوغل وفيسبوك طلبات من السلطات الفرنسية لمساعدتها في إجراء التحقيقات، وإزالة أي محتوى دعائي للجماعات المتشددة.
وتوجه وزير الداخلية الفرنسية برنار كازنوف إلى ولاية كاليفورنيا لزيارة شركات الإنترنت، داعيا إيها إلى مضاعفة الجهود وإلى بناء علاقات وطيدة مع السلطات الأمنية الفرنسية، لكي يتم نزع أي محتوى إرهابي بشكل سريع، بعد ربع ساعة فقط من النشر، عوضا عن فترة شهر كما في الماضي.
علاوة على ذلك، أعرب المتحدث باسم الفيسبوك عن تقاسم الأهداف ذاتها مع الحكومة، موضحا أنهم يريدون تحديد التنظيمات الإرهابية ومنع أنشطتها، ونحن نريد أن نضمن عدم استخدام فيسبوك من قبل الإرهابيين بأي شكل من الأشكال”.
كما انطلق منذ شهر يوليو/تموز مشروع مواجهة التطرف في أوروبا ببروكسل، عبر مشاركة مسؤولين سابقين رفيعي المستوى في عدد من الدول، بينهم رؤساء أجهزة استخبارات سابقون، ونواب وزراء خارجية، وسفراء، بهدف مواجهة حملات التطرف الدعائية ووقف تجنيد الشباب الأوروبي عبر الإنترنت.
ومما لاشك فيه، أن الالتحاق بـ”داعش” لا يزال يرهب جميع الحكومات بلا استثناء، لما تمثله من خطر ليس في ساحات الصراع فحسب، وإنما في العودة المرتقبة لهؤلاء المقاتلين لزرع الإرهاب في أوطانهم.
سيريان تلغراف