التقى الزعيمان الروسي والأمريكي في 28 سبتمبر/أيلول على هامش الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأولت الصحافة الروسية والعالمية اهتماما منقطع النظير لهذا الاجتماع.
وسائل الإعلام الروسية ركزت في تغطية هذا الحدث على أن اللقاء أسهم في دحض التصور العام الذي طالما روجت له الأوساط الغربية في الآونة الأخيرة تأكيدا على “عزلة” روسيا نتيجة لمواقفها، وشددت على أهمية هذا اللقاء في إطار فض الخلافات الدولية وتسوية النزاعات.
وعليه، فقد كتبت وكالة “نوفوستي” في مقال كرسته لهذا اللقاء أنه تسنى للرئيس الروسي أخيرا الإفصاح عن النوايا الروسية تجاه سوريا وعن سبل التسوية فيها، وقدم لواشنطن بذلك إجابة عن جميع التساؤلات التي تؤرقها بهذا الصدد.
صحيفة “غازيتا. رو” بدورها لفتت في تعليقها إلى أن الرئيس بوتين وصف اللقاء مع أوباما بالبناء، وأنه حاول قدر ما أمكن تفادي العبارات الحادة خلافا لما اتسمت به كلمته في الجمعية العامة، والتي انهال من خلالها بالانتقادات اللاذعة على الولايات المتحدة.
صحيفة “كوميرسانت” من جهتها اعتبرت في تعليق على المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده الزعيمان في أعقاب اللقاء أن “العلاقات بين بوتين وأوباما لا تزال مشوبة بالغرابة”. وأضافت أن “الغموض كان يرتسم على وجه الرئيس بوتين، حيث بالكاد كان يبتسم”. وتابعت الصحيفة تقول، ولكن في وصف أوباما: “أما على وجه الرئيس الأمريكي، فقد كانت تظهر خاتمة اللقاء الذي جمعه ببوتين. هذه الخاتمة كانت صامتة بالمطلق”.
صحيفة “RBK” المعنية بالمال والاقتصاد، سلطت الضوء على موقف المستثمرين حيال لقاء الزعيمين وما تمخض عنه، واعتبرت أنه كان “حياديا سلبيا”.
وأبرزت الصحيفة هبوط مؤشرات السوق على خلفية اللقاء نظرا لعدم إفرازه أي خرق جذري قد يفضي إلى تحسن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. وكتبت: “لقد هبطت الأسواق في رد فعل على انعدام صدور أي أنباء إيجابية عن لقاء الرئيسين”.
وختمت الصحيفة نقلا عن كبير محللي شركة “أولما” الاستثمارية قوله في لقاء الرئيسين: “إن المباحثات بين بوتين وأوباما تندرج عموما في خانة الأحداث المطمئنة، إلا أنها لم تخرج في مضمونها بأي أنباء قد تؤسس لانتعاش السوق”.
أما وسائل الإعلام العالمية عموما فتحدثت عن اللقاء الأول خلال عامين بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي باراك أوباما، واصفة إياه بالعملي والبناء لكنه انعقد في جو متوتر.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية من جانبها إن موضوع اللقاء الرئيسي كان سوريا وأوكرانيا وذلك بالحكم على إجابات الرئيس فلاديمير بوتين وبيانات موظفي البيت الأبيض غير الرسمية، مشيرة إلى أن الاجتماع استمر لأكثر من نصف ساعة من الوقت المحدد ليمتد إلى 94 دقيقة، وعلى الرغم من أنه على الأغلب تم تقسيم الوقت بين المسألتين بالتساوي، إلا أن وسائل الإعلام العالمية والأمريكية، ناقشت الحرب الأهلية الدائرة في سوريا في حين أنها كتبت عن النزاع في أوكرانيا بشكل عارض.
وأكدت الصحيفة أن اللقاء كان على الأقل مفيدا كون أوباما خرج منه بفهم واضح لأهداف ونوايا روسيا في سوريا، حيث بدا وكأنه أدرك أخيرا أن موسكو تريد محاربة مسلحي تنظيم “داعش”.
وأضافت أنه في حين تتوافق إلى حد ما آراء المجتمعين حول المسألة الرئيسة وهي الحرب ضد “داعش”، فلا يمكن القول أيضا بالنسبة إلى مسألة الاختلاف الرئيسية ألا وهي مصير الرئيس بشار الأسد، حيث أن روسيا متأكدة أنه دون الأسد لن يكون ممكنا النصر على المتطرفين أما الولايات المتحدة فمقتنعة تماما أنه ما دام الأسد في الحكم، فلن يكون هناك استقرارا أبدا.
وخلصت الصحيفة إلى نتيجة مفادها أن لقاء الزعيمين بغض النظر عن الخلافات التي بقيت، كان مفيدا وأنهما لم يحاولا كسب نقاط سياسية كل على حساب الآخر وأنهما بحثا عن أرضية مشتركة لحوار آخر.
أما قناة “سي إن إن” الأمريكية فقد أشارت أيضا إلى الجو الصعب الذي عقد فيه الاجتماع وأشارت أيضا إلى أن محادثات أوباما مع بوتين جعلته يدرك أخيرا وجهة نظر روسيا بالنسبة إلى الوضع في سوريا.
وقالت إن الزعيمين اتفقا على إبقاء الاتصال على مستوى الخبراء العسكريين، لتجنب النزاع بين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة في المنطقة، موضحة أنهما في الوقت ذاته لم يتمكنا من التوصل إلى توافق في الآراء بشأن كيف يمكن أن يكون هناك حل سلمي للحرب الأهلية في سوريا.
وأضافت القناة أن النتيجة كانت مشابهة أيضا للنقاش حول النزاع الدائر في جنوب شرقي أوكرانيا، حيث قالت إن اللافت للنظر كانت وجهة النظر المختلفة لهذه المسألة. وفي وقت الذي اعتبر فيه الأمريكيون أوكرانيا العنوان الرئيسي للنقاش، أكد الروس أن مناقشة الوضع في دونباس سيكون إذا ما تبقى وقت بعد مناقشة موضوع الشرق الأوسط وسوريا الرئيسي.
وأشارت “سي إن إن” إلى أن توقعات الخبراء السياسيين على وجه العموم جاءت صحيحة حيث لم يتم الاتفاق على أي من القضايا التي تمت مناقشتها حتى ولو من قريب.
سيريان تلغراف