أعلنت وزارة الخارجية البلغارية أن صوفيا رفضت فتح مجالها الجوي أمام طائرات روسية حملت مساعدات إنسانية إلى سوريا.
وأوضحت الوزارة أن الحكومة البلغارية رفضت طلبا قدمه الجانب الروسي خلال عطلة الأسبوع الفائت، بشأن فتح ممر جوي لطائرات نقل عسكري روسية، وذلك بسبب “شكوك قوية في تطابق طبيعة الشحنات على متن الطائرات مع ما أعلنته موسكو بهذا الشأن”.
ونقلت وكالة “تاس” عن الناطقة باسم وزارة الخارجية البلغارية بيتينا جوتيفا الثلاثاء 8 سبتمبر/أيلول أن الوزارة اتخذت هذا القرار بصورة مستقلة (في إشارة إلى تقارير إعلامية تحدثت عن ضغوطات أمريكية على بلغاريا في هذا الشأن).
من جانب آخر، قال متحدث باسم وزارة الخارجية اليونانية إن موسكو أبلغت أثينا أنها لم تعد بحاجة إلى ممر جوي عبر المجال الجوي اليواني ، بل ستستخدم مسارا آخر يمر شرقي الأراضي اليونانية.
وكانت أثينا قد أكدت رسميا الاثنين تلقي طلب أمريكي بإغلاق المجال الجوي للبلاد أمام الطائرات الروسية المتجهة إلى سوريا، مضيفة أن هذا الطلب قيد الدراسة.
يذكر أن مصدرا دبلوماسيا يونانيا كان قد كشف أن أثينا رفضت إغلاق مجالها الجوي بوجه الطائرات الروسية التي تحمل مساعدات إنسانية إلى سوريا، بناء على طلب سفارة واشنطن بأثينا.
وقال المصدر لوكالة ” نوفوستي” يوم السبت :” تقدمت السفارة الأمريكية بطلب إلى الحكومة اليونانية، بحظر عبور الطائرات الروسية الأجواء اليونانية. لكن الحكومة اليونانية رفضت القيام بذلك، كي لا تتفاقم العلاقات مع روسيا”.
ووفقا للمصدر، فإن موسكو حصلت على إذن من أثينا للتحليق فوق المجال الجوي اليوناني لنقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا في الفترة من 1 – 24 سبتمبر/أيلول.
هذا وسبق لروسيا أن واجهت مشاكل عندما كانت ترسل مساعداتها الإنسانية إلى سوريا عبر المجال الجوي التركي.
وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 2012 احتجزت السلطات التركية طائرة سورية قادمة من موسكو، وصادرت من متنها شحنة من الأجهزة الالكترونية، أرسلتها شركة روسية لزبونها في سوريا.
ووصفت موسكو هذه الخطوة التركية بأنها غير شرعية. وذكرت أن الأجهزة التي صودرت من متن الطائرة كانت مخصصة لاستخدامها في محطات رادار، مؤكدة أنه لا توجد أية اتفاقية دولية تحظر توريدات مثل هذه الأجهزة.
من جانبه اتهم رجب طيب أردوغان الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس الوزراء التركي، موسكو بتوريد الذخائر لدمشق، دون أن يقدم أية أدلة تثبت صحة الاتهام.
وتأتي الضغوط الأمريكية في سياق حملة دعائية تشنها واشنطن تتهم فيها موسكو بزيادة مساعداتها العسكرية لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد كررت في بيانها الذي صدر يوم السبت الماضي، مزاعم إعلامية نشرت الأسبوع الماضي، إذ نقلت وسائل إعلام إسرائيلية وعربية عن “مصادر” زعمها أن مقاتلات روسية تشارك في العمليات العسكرية بسوريا. ولكن وزارة الدفاع الروسية نفت هذه المزاعم بشكل قاطع.
على الرغم من ذلك، ذكرت واشنطن أن وزير الخارجية الأمريكي كيري بحث خلال مكالمته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، التي جاءت بمبادرة من واشنطن، “القلق الأمريكي من التقارير التي أشارت إلى حشد عسكري روسي مباشر وموسع في سوريا”. وحذر كيري، حسب بيان لوزارة الخارجية الأمريكية، من أن مثل هذه الخطوات، في حال كانت التقارير الإعلامية صحيحة، ستؤدي إلى المزيد من تصعيد الأزمة، وإلى سقوط ضحايا أبرياء جدد، بالإضافة إلى زيادة تدفق اللاجئين وتنامي خطر نشوب مواجهة مع التحالف المعادي لـ”داعش” في سوريا، حسب اعتقاد الوزير كيري.
أما وزارة الخارجية الروسية فذكرت، تعليقا على المزاعم التي تكررها واشنطن، أن لافروف أكد لكيري خلال المكالمة أن بلاده لم تخف أبدا تزويدها دمشق بمعدات عسكرية لدعم الأخيرة في مكافحة الإرهاب.
ومن اللافت أن صحيفة “نيويورك تايمز” تحدثت في الوقت نفسه عن إرسال “فرقة عسكرية روسية متقدمة” لدعم الجيش السوري، بالإضافة إلى “خطوات روسية أخرى”، تخشى واشنطن من أنها تدل على وجود خطط روسيا لتوسيع الدعم العسكري لحكومة بشار الأسد بقدر كبير، حسب مزاعم الصحيفة الأمريكية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قال في مؤتمر صحفي عقده يوم الجمعة الماضي في مدينة فلاديفوستوك بالشرق الاقصى الروسي: “إننا نقدم لسوريا دعما كبيرا، بما في ذلك توريدات المعدات والأسلحة وتدريب العسكريين السوريين”.
وأعاد بوتين إلى الأذهان العقود الموقعة بين موسكو ودمشق في المجال العسكري، مضيفا أنه يجري تنفيذها حاليا. وتابع: “إننا ندرس مختلف الإمكانيات في هذا السياق”، مشيرا إلى أن روسيا ستجري مشاورات مع سوريا والدول الأخرى في المنطقة حول زيادة الدعم لها في مكافحة الإرهاب.
وفي الوقت نفسه أكد الرئيس الروسي أنه من السابق لاوانه الحديث عن مشاركة بلاده في عمليات التحالف الدولي المناهض للإرهاب لاستهداف مواقع تنظيم “داعش” في سوريا.
ويأتي التوتر الأخير بين روسيا- والولايات المتحدة حول سوريا مفاجئا لدرجة كبيرة، بعد بروز بوادر إيجابية اعتبر كثيرون أنها تدل على تقارب مواقف البلدين، فيما بعد مشاورات مكثفة حول الملف السوري أجرتها موسكو الشهر الماضي مع واشنطن والرياض ومختلف أطياف المعارضة السورية.
لكن وزارة الخارجية الروسية نفت قطعا مزاعم نشرتها وسائل إعلام عن تعديل موسكو لموقفها من الأزمة السورية ومستقبل الرئيس بشار الأسد.
ووصفت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الوزارة في تصريحات صحفية الاثنين 7 سبتمبر/أيلول، التقارير الإعلامية التي تحدثت عن توصل موسكو إلى اتفاق مع واشنطن والرياض حول الإطاحة بالأسد، بأنها أوهام ومعلومات مزورة.
وشددت قائلة: “إننا لا ننخرط في أية هندسة اجتماعية، ولا نعين رؤساء في دول أجنبية، ولا نقيل أحدا منها في إطار تأمر مع طرف ما”. وأكدت أن ذلك “يخص سوريا والدول الأخرى في المنطقة، التي تستطيع شعوبها تقرير مصيرها بنفسها”.
سيريان تلغراف