نشرت صحيفة ” نيزافيسيمويه فوينيه أوبوزرينيه” مقالا تحت عنوان “الربيع العربي عام 2015”. وجاء في المقال ما يلي:
أثار هجوم “داعش” في كل من سوريا والعراق وسقوط تدمر والرمادي أزمة في صفوف التحالف المضاد للإرهاب، وذلك بعد أن فاجأت قوات “داعش” الجميع واستعرضت قدرتها على خوض معارك هجومية عملياتية ضد الدولتين في آن واحد.
وإذا كشف سقوط تدمر في أيدي جهاديي “داعش” عن افتقار القوات الحكومية السورية إلى الصمود فإن هروب وحدات الجيش العراقي من الرمادي ما هو إلا وصمة عار بالنسبة للقوات المسلحة التي راهنت عليها واشنطن إلى درجة أجبرت وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر في 24 مايو/أيار الماضي على التبرير في تصريح صحفي أدلى به لـ”سي أن أن” حيث قال: أصف ما حدث بأنه عدم الرغبة في القتال، علما بأن العدو لم يكن يفوق الجيش العراقي عددا، بل على العكس، فالجيش العراقي أكثر عددا من “داعش”. لكنه ترك مواقعه، الأمر الذي يدل على أن أفراده يواجهون مشاكل تتعلق بالروح المعنوية والاستعداد لمواجهة “داعش”.. نحن يمكن أن ندربهم ونزودهم بالسلاح، لكننا نجد أنفسنا عاجزين عن منحهم إرادة النصر”.
أما الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد لواء “القدس” التابع لفيلق الحرس الثوري الإيراني فذهب أبعد من ذلك حيث قال بسخرية: “ألا يعني ذلك أيضا أن الأمريكيين يفتقرون إلى روح قتالية”. تجدر الإشارة هنا إلى أن قاسم سليماني هو الذي كان قائدا للميليشيات الشيعية في المعارك الناجحة التي أسفرت عن استعادة تكريت منذ شهرين.
إن هروب الجيش العراقي من الموصل تكرر في الرمادي حيث تشكل ائتلاف ثلاثي يضم إسلاميي “داعش”، والضباط السابقين في جيش صدام حسين، والقبائل السنية التي رفضت عقد تحالف مع الجيش العراقي، ما أثار خوف قائد القوات العراقية في الأنبار وأجبره على الانسحاب إلى مواقع محصنة في الحبانية، حسب قوله.
إن واشنطن تواجه مشاكل في إعداد الكوادر على الجبهة السورية أيضا. فيما لبى الكونغرس الأمريكي طلب الإدارة الأمريكية بتوظيف مبلغ 500 مليون دولار لتدريب وتسليح ما يسمى بـ”المعارضة المعتدلة”.
وكان البنتاغون قد أعلن في 7 مايو/أيار الماضي عن بدء تدريب أول دفعة مؤلفة من 90 مسلحا من المعارضة السورية الموالية له من أصل 400 فرد. وأزعجت سرعة السلحفاة التي يسير بها المدربون الأمريكيون، أزعجت الجهات الرئيسية المعنية بإسقاط نظام بشار الأسد، وهي السعودية وقطر وتركيا التي قررت أن تتصرف بشكل مستقل عن “المدربين الأمريكيين”.
وهكذا تشكل في 24 مارس/آذار الماضي في محافظة إدلب ائتلاف سمي “جيش الفتح”، ودعا الملك السعودي إلى تشكيل ائتلاف جديد يرمي إلى إسقاط نظام بشار الأسد، فأقنع شركاءه الأتراك والقطريين بألا يتدخل الأمريكيون في شؤونهم.
ونقلت الصحيفة عن موقع “Debkafiles” الإسرائيلي للدراسات والتحاليل قوله إن لدى المعارضة السورية الآن دبابات “تي – 55″ و”تي-62″ و”تي – 72” وعربات مشاة قتالية “بي أم بي” ومدافع هاون ورشاشات ثقيلة منصوبة على عربات. وهذا ما تسبب في سقوط مدينتي إدلب وجسر الشغور.
وصرح وزير الخارجية التركي مولود أوغلو الذي زار الولايات المتحدة في نهاية أبريل/نيسان الماضي أن الحرب مع “داعش” مهمة، لكن الشر الرئيسي هو بشار الأسد، وطالب واشنطن بتشكيل “مناطق آمنة” تحميها طائرات التحالف لحماية اللاجئين ومقاتلي المعارضة المعتدلة.
إلا أن واشنطن لم تستعجل في الانجرار إلى النزاع السوري، معلنة أن موازين القوى في سوريا غير مستقرة، ويمكن أن توجه ضد أي طرف. ولعب حسن نصر الله دورا معينا هنا، بعد أن ألحقت قوات حزب الله هزيمة بمقاتلي جبهة النصرة في معركة القلمون.
إن القوات الحكومية السورية وجدت نفسها تحارب في آن واحد “داعش” و”جيش الفتح” الذي تزوده السعودية وقطر وتركيا بالسلاح الحديث، الذي سيقع عاجلا أو آجلا بيد “القاعدة”.
إن موازين القوى تتجه تدريجيا إلى مصلحة الإسلاميين. وفي حال انتصار المعارضة التي تسلحها الولايات المتحدة وتركيا والأردن وغيرها، فإن سوريا قد تصبح البلد الأول، ولكن ليس الأخير، الذي يسقط بيد تنظيم “القاعدة”، علما أن اليمن يقف أيضا في هذا الطابور.
سيريان تلغراف