اكتملت عملية ترتيب الأوراق التي بدأت فيها الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة العربية بعد أن سقط مشروعها الرئيس والبديل في المنطقة العربية بصمود سورية، وقد أصبحت مواقد النيران في أوج اشتعالها ولا ينقصها أدنى شرارة لتلتهب وتحرق الأخضر واليابس من حولها، فشرارة الشمس وحر الصيف وما يرافقهما من انخفاض منسوب المياه الذي باتت تتحكم فيه دولة الكيان الصهيوني بشكل مباشر أو غير مباشر كفيلة بإشعالها.
لن يرحم التاريخ غباء مثقفينا ولا سذاجة شعوبنا التي ارتضت أن تكون دمية بيد الغرب يحركها بالغريزة والعاطفة والفتاوى الدينية بستار مذهبي تارة وطائفي وفئوي ونخبوي ومادي تارة أخرى.
اكتملت لعبة الحرب التي سوف تحرق المنطقة بأكملها وتبيد من تبقى من شعوب عربية كريمة كما خطط له الغرب، فهاهي قوات بعض الدول العربية تطلق على نفسها اسم التحالف تضليلاً وتمويهاً وتشريعاً لقوات التحالف الغربي التي دمرت العراق وليبيا، وتقوم بتدمير اليمن ومساندة أمريكا في الخروج من أزمتها التي الواقعة بها بعد فشلها في السيطرة على المتوسط، وحصار قواتها في بركة البحر الأحمر، بأن تتيح لها السيطرة على المضائق الأخرى للبحر الأحمر، أو تجعل العبور عبر هذه المضائق غير آمن, واللافت للأمر أن هذا التحالف الذي تم تشكيله من قوات الأعراب تم للقضاء على شعب يعلن العداء لأمريكا ولم يصدر حتى بياناً أو يُسِرَّ في نيته أن يضرب الكيان الصهيوني ويحرر المقدسات الإسلامية رغم اشتراك بلدين مجاورين للكيان به (مصر والأردن)، واللافت أيضاً أن هذه القوة الأعرابية أطلقت الشعارات السياسية لعملياتها ولم تخف الترويج المذهبي والطائفي له , فبات الشارع في داخلها مقسماً مذهبياً وقابلاً للاشتعال, وفي الجهة المقابلة وبالرغم من الأفعال التي لم تخرج بعد عن العمل المألوف أو الاعتيادي للطرف الآخر المستهدف علناً من الحرب على اليمن وتدميرها، فإن الغرب ومعه الولايات المتحدة الأمريكية قد ساعدوا عملاءهم بالسيطرة على عقول الشباب العربي المسلوبة ببريق فرعون الزمان (الإعلام) من خلال الترويج للاتفاق النووي الموقع مع الجانب الإيراني والتسويق له على أنه القوة المسيطرة في المنطقة العربية , الأمر الذي يعتمد أيضاً على استثمار فرعون الزمان (الإعلام) لبعض الغباء الموجود في الشارع الإيراني، مما ينذر بإعادة سيناريوهات الحرب العراقية الإيرانية مجدداً، ولكن بشكل أخطر مما كانت عليه سابقاً بالمشاركة المباشرة في هذه الحرب من أكثر من دولة عربية أولاً، ولتصدر المملكة الراعية للحرمين الشريفين هذا المشهد الذي يتم التسويق له دفاعاً عن العقيدة، ولتدمير العديد من القوى العربية واستنزاف مقدراتها تحت مسميات الربيع العربي المزعوم(الربيع الدجال).
وبين هذه المشاهد التي تم إخراجها للمشاهد العربي الساذج الذي ينتظر ما يقدمه له الغرب ليملأ وقته به، عملت القوى الغربية وحلفائها على استثمار هذه الأحداث في سورية من خلال التركيز والتنسيق المباشر للسيطرة على مناطق سورية قريبة من الحدود التركية والأردنية لتكون – في حال تأخر مشروع الحرب العربية الإيرانية المذهبية الترويج – مطية إعلامية فقط لتبرير تدخل قوات التحالف بسورية بطلب من القذارة المؤقتة (الحكومة المؤقتة لما يطلقون عليه الثورة)، وأؤكد هنا على أمرين أولها مطية إعلامية فقط لأن إسقاط طائرة أمريكية بالمضادات المتطورة لا يعادل قتل أمريكي بخنجر، والأمر الثاني هو مقولة قوات التحالف مجهولة الهوية لتسويق الإعلام في الفترة الماضية لمقولة التحالف.
فإن كانت سورية قد أحسنت عسكرياً وسياسياً في الفترات الماضية قراءة المشهد الدولي وعملت على تفادي مطباته، بل وأخذت زمام المبادرة القوية في الأسابيع الماضية، فإني أجهل عدم تداركها لحادثتي إدلب ومعبر نصيب الحدودي مع الأردن.
إلا أنني على قناعة مبينة بالوقائع الماضية أن الجيش العربي السوري قادر على إعادة الأمر لما كان عليه سابقاً، خاصة إذا أحسنا قراءة المشهد الدولي عموماً والمشهد العربي الذي تورط في سفك دماء أبناء العشائر في اليمن على وجه الخصوص. وإذا أدركنا تعلم باقي القوى المستهدفة من هذه الحرب من أخطاء الماضي، ويُضاف على ذلك أيضاً أن صواريخ الدفاع الجوي ليست كالخنجر، وأنه لا بد من وجود رجل رشيد يسعى لسفك الدم العربي والإسلامي في منطقة توازن العالم القديم: الشام واليمن، كما وجد في المراحل السابقة
سيريان تلغراف | د. يحيى محمد ركاج
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)