تناولت صحيفة “روسيسكايا غازيتا” الدراسة الجديدة للكاتب الفرنسي تيري ميسان، بشأن دور السيناتور جون ماكين في الأحداث العالمية، مشيرة الى أنه بعد ظهوره في أي مكان تراق الدماء.
جاء في مقال الصحيفة:
السيناتور جون ماكين غني عن التعريف، حيث يعتبر من أشهر صقور الولايات المتحدة. كما تبين أنه المايسترو الحقيقي لـ “الربيع العربي”، حيث كان قد التقى عشية الأحداث السورية والليبية الدامية مع ارهابيين من مختلف الأصناف.
المعروف عن ماكين أنه لا يكتفي بالحقد على تلك البلدان (روسيا، كوبا، سوريا…) التي لا تسير في فلك الولايات المتحدة، بل يبذل مع انصاره جهودا كبيرة من أجل زعزعة الاستقرار السياسي فيها وحياكة المؤامرات ضدها بهدف الاطاحة بأنظمتها. في عام 2013 وصف الزعيم الكوبي فيديل كاسترو ماكين بالقول “ان ماكين يشعر بالارتياح، عندما يأمر أوباما بإطلاق صواريخ أكثر باتجاه القوات السورية”. وماكين لا يخجل من استخدام ابشع واشنع الطرق في التحريض لـ “الربيع العربي”.
يحاول السيناتور ماكين إظهار نفسه خصما ايديولوجيا للرئيس أوباما وادارته. ولكن هل هذا صحيح؟ طبعا لا . صحيح كان ماكين منافسا لأوباما في الانتخابات الرئاسية عام 2008 التي خسرها. ولكنه يستغل أي فرصة سانحة ليلعن الحزب الديمقراطي وأوباما لموقفه اللين تجاه موسكو، منفذا بذلك مخطط النخبة السياسية الأكثر عدوانية في واشنطن. أن ماكين يرأس المعهد الجمهوري الدولي منذ 22 سنة، ولهذا المعهد علاقات وثيقة جدا مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وأجهزة المخابرات الأوروبية، وتمويل هذا المعهد من الميزانية الأمريكية التي يقرها الكونغرس. وقد منعت أغلب الدول نشاط هذا المعهد على اراضيها بعد أن اكتشفت اهدافه الحقيقية.
السيناتور ماكين لا يولي أي اهتمام لقوانين وتقاليد البلدان التي يحاول أن “يصلح انظمتها”. إن سلوك ماكين في الشرق الأوسط (في سوريا وليبيا) تؤكد مرة أخرى على ان المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، يتميزون بعدم مبالاتهم بمصير الناس ومعاناتهم بسبب النزاعات الاقليمية التي يخطط لها في واشنطن. يقول ميسان “تعداد ما ارتكبه ماكين من جرائم نيابة عن الخارجية الأمريكية مثير. فقد ساهم في كافة الثورات الملونة التي حدثت خلال العشرين سنة الماضية”.
يستند الكاتب الفرنسي تيري ميسان في دراسته، الى المعلومات التي حصل عليها من تقرير الاستخبارات الخارجية الفرنسية الذي يفيد بأن ماكين رأس اجتماع الناتو الذي انعقد في القاهرة يوم 4 فبراير/شباط 2011 الذي تم فيه اقرار مخطط “الربيع العربي” في سوريا وليبيا. ويؤكد ميسان، ان الناتو، بتمويل من قطر، أعد في ليبيا 5000 مقاتل، ومنح الخليفة المستقبلي 2.5 مليون دولار.
وهكذا بعد أسبوعين في فبراير/شباط 2011 بدأت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في دمشق وبنغازي بتوجيه من أمريكا، حيث أدت في ليبيا الى اسقاط النظام وفي سوريا الى حرب أهلية شاملة. كما شوهد ماكين في ليبيا عند لقائه أحد السياسيين المحليين في نهاية فبراير/شباط 2011 ، حيث طلب منه بتنظيم عمليات نقل الأسلحة الى سوريا لمحاربة نظام الأسد، وحدد المدن السورية التي ستكون قاعدة لاستقبال المرتزقة.
كما يشير التقرير بوضوح مدعوم بالصور ان الأمريكيين تنفيذا لرغباتهم وطموحاتهم السياسية، مستعدون للاتفاق مع الذين يعتبرونهم ارهابيين. فمثلا عند زيارة ماكين الى سوريا التقى الارهابي محمد نور، المتهم باختطاف رهائن وقتلهم. كما التقطت صورة لماكين بصحبة ابراهيم البدري(البغدادي) الذي ادرجت واشنطن اسمه في قائمة أخطر الارهابيين، حيث وعدت واشنطن بمنح جائزة مالية (10 مليون دولار) لمن يدلهم على مكانه. من هذا يتبين أن ماكين مستعد للتحاور والاتفاق حتى مع الشيطان من أجل تنفيذ مآربه.
طبعا من السذاجة الاعتقاد بأن ماكين يتصرف بمفرده وحسب رغباته. يقف خلف ماكين أناس لهم وزنهم، وبفضل هذا السيناتور المتهور، تتم الاطاحة بالأنظمة غير المرغوب بها في الولايات المتحدة.
سيريان تلغراف