Site icon سيريان تلغراف

مـن قـلـب مـجـروح … بقلم إبراهيم فارس فارس

في احدى جلسات النقاش ، وما أكثر ما يتناقش السوريون ، قال أحد المثقفين وكما يصنف نفسه : نحن في سورية ، تبنينا القضية الفلسطينية منذ الاستقلال ، وكذلك كل القضايا العربية وكثير من قضايا التحرر في العالم ! ودفعنا لأجل ذلك ثمناً باهظاً انعكس سلباً على حياتنا وأمننا ورغد العيش عندنا . أما آن لنا أن نستفيق ، ونتبع سياسة أخرى ، فنجنب بلدنا وشعبنا هذا العبء الثقيل والمكلف أرواحاً وأملاكاً وطيب عيش ؟ ما الذي حققناه من كل ما قمنا به ؟ هل حررنا فلسطين ؟ وقفنا بحماس منقطع النظير الى جانب حماس ، وكانت حماس أكثر من تنكر لسورية وتضحيات الشعب السوري ، فهل كنا على صواب فيما فعلنا؟ دول الخليج وبعض الدول المتأسلمة اشترت ضمير حماس بالمال والكل يعرف كم هي هذه الدول متماهية مع اسرائيل وحلفاء اسرائيل ، فما الذي حققناه ؟ ما الــذي جنيناه من وقوفنا الى جانب أي فصيل مقاومة مثلاً؟ هل حققنا النصر على اسرائيل؟ هل تحقيق نصر جزئي يحل المشكلة ؟ ما ذنب هذا الشعب كي يدفع الثمن الباهظ طول حياته ؟ماذا استفدنا مثلاً عندما وقفنا الى جانب الثورة في ارتيريا؟! يا أخي ، كرمال محمد ، هل يمكن لسورية وحدها أن تقاوم وبامكانياتها المحدودة قياساً للدول العظمى ، أن تقف بوجه جبروت أمريكا مثلاً؟ امريكا وأوروبة ودول الخليج وبعض الدول العربية والمتأسلمة ، كلها تقف الى جانب اسرائيل ، فكيف لسورية أن تصمد أمام هذا الكم الهائل من القوى العالمية؟ هل للعين مهما كانت قوية ان تقاوم المخرز؟ أليس من الأجدى أن نفكر قبل أن يأخذنا الحماس الى ما لا تحمد عقباه؟ قلت له : وهل اجتمعت الأمة العربية والاسلامية ولو لاسبوع واحد وبقيت اسرائيل على قيد الحياة والوجود ؟ واذا كانت سورية اقل امكانات من العدو فهل يعني هذا أن تستسلم ؟ اليس في ذاتك اعتبار لشيء اسمه الكرامة ؟ واذا كنت في النتيجة ستموت ، بعد عشر سنين ، عشرين … خمسين ، أليس أفضل لك أن تموت بشرف اليوم ، من أن تموت ذليلاً ولو بعد حين ؟ أنا أريد أن أسألك : اذا باغتتك عصابة في منزلك تريد سرقتك وانتهاك عرضك ، فهل تقول لها: أهلا وعلى الرحب والسعة ، أم انك تحاول ما استطعت ان تدافع عن بيتك وملكك وشرفك حتى لو أدى ذلك الى موتك؟ وكذلك اسرائيل . واتمنى لو تجيبني بكل صراحة ، من يضمن اننا لو اعترفنا باسرائيل وعقدنا معها اتفاق سلام وحسن جوار ألا تؤذينا ؟ واسرائيل همها واهتمامها الدائم ومنذ تأسيسها القضاء على العروبة والاسلام ما دام الزمان؟! قال لي: طيب يا أخي أين هذه الدول الصديقة مثل روسية وايران؟هل يعقل أن يتركوا سورية تحترق وتدمر وهما تتفرجان؟ هل يعقل أن دولة عظمى مثل روسية تحسب حساباً لقطرمثلاً؟ ما الذي يمنع روسية ان كانت دولة عظمى حقاً وتريد أن ترد شيئاً من الجميل الذي قدمته سورية لها ،بل حتى ان تدافع عن مصالحها في المنطقة عبر البوابة السورية ، وهي البوابة الوحيدة المتبقية لها عملياً ، أن تقف بحزم الى جانب سورية ومصالحها الاستراتيجية ، حتى لو أدى ذلك الى نشوب حرب عالمية ثالثة ؟ أليس تحقيق المصالح يحفظ الوجود ؟ ألا يجدر بروسية أن ترسل الى العالم كله رسالة انها دولة عظمى يحسب حسابها ولها حضورها ووزنها وتأثيرها في العالم ؟ هل يعقل ان مشكلة مثل مشكلة أوكرانيا يمكن أن تكربج – كما يقال- دولة عظمى ؟ ما هذه الدولة العظمى الأنتيكا اذن ؟ ثم أين ايران ؟ أليس مستغرباً أن يقتصر دورها – وشقيقتها سورية تحترق – على الاستنكار والتضامن النظري وعقد المؤتمرات وتصريحات قادتها ، وبعض هبات المال والطحين والمازوت ؟ هل هذا يكفي لوقف كارثة الدمار والقتل التي تكاد تقضي على هذا البلد؟ هل تخشى ايران الكويت مثلاً ؟ هل تخشى احداً من دول الخليج ؟ الم يخطر على بالها بأنها بالوقوف الى جانب سورية فإنها تعادي أمريكا واسرائيل ؟ لماذا ورطتنا في علاقة مصيرية معها ، ثم وقفت تتفرج؟ هل تنتظر مثلا ان تحن عليها امريكا وتوقع معها الاتفاق النووي ، ثم تتصرف؟ أغلب دول العالم اليوم تقاتل سورية ، سواء لمبدأ وجودي أو لمصلحة !!. أحدث أنواع الأسلحة تتدفق الى ما يسمى الثوار، اموال لا تأكلها النيران ، حقد أسود لا يوجد مثله الا عند أمة العرب والاسلام ، وأمخاخ مغسولة ومبرمجة على القتل والاغتصاب والتدميروبأعداد هائلة .. ماذا يستطيع أن يفعل جيش يعد ببضعة مئات الآلاف امام هذا الحشد اللامنتهي أكثر مما فعله حتى الآن ؟ ولكن ، هل حلت المشكلة؟ هل مشاركة بضعة آلاف من عناصر حزب الله يحل المشكلة ؟والله نحن بحاجة الى جيش بالملايين ، وأي جيش في العالم كان سينهزم بعد كل هذه السنين لولا ان الجيش العربي السوري جيش وطني وعظيم بامتياز.

ان على ايران ان تقف بحزم ووضوح الى جانب من أخلص لها وصدق في علاقته معها واعتبرها شقيقة ، حتى لو أدى ذلك الى نشوب حرب في المنطقة ، هل يعقل أنها لم تحسب حساباً لذلك ؟!. يجب عليها ان تلجم التطاول الخليجي وبحزم والا فعليها ان تنكفيء وتنسحب فليس هكذا تكون العلاقة والواجب ! واذا كانت ايران وروسية تعتقدان ان القضية السورية سيتم حلها دون ثمن تقدمانه في لحظة ما ، حتى لو كان باهظاً فهما مخطئتان حتماً ! كما أن التدخل الايراني الروسي ان تأخر فإنني كمواطن يعشق بلده أرى ان نراجع سياستنا ونختار البدائل الناجعة حتى لو كان الوقت متأخراً !

انني كمواطن ، أثق كل الثقة ببلدي وجيش بلدي وشعب بلدي وقيادة بلدي ، ولكن علينا ان نجد الطريقة التي من خلالها نجعل كلا من ايران وروسية أن تحزم أمرها ، فما هكذا تكون العلاقات بين الدول ولا هكذا تحل الأمور . وان ما حدث في ادلب مؤخراً أمر في غاية الخطورة ما لم يتم اعادة الأمور الى سابق عهدها وبأسرع مايمكن ،وأنا واثق كل الثقة بجيشنا البطل وشعبنا الوفي وبقيادة السيد الرئيس حماه الله ، بأن استعادة ادلب الى حضن الوطن لن تطول ومن بعدها الرقة وكل شبر من أرض هذا الوطن الغالي ، وكلما تأخرنا أصبح الأمر أكثر صعوبة وربما مستحيلا ، وأملنا في جيشنا وقيادتنا ان تعيد تقييم الأمور لما فيه خير هذا البلد وبأسرع ما يمكن ، ومن ثم ايصال سفينته الى شاطىء الأمان من جديد.

سيريان تلغراف | إبراهيم فارس فارس

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version