صرّح السيد ف. هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية، بتاريخ 10.10.2013أنه قلق على مصير مسيحـيي سوريا… فَ ردّد المسيحيون صدى هذا التصريح العجيب قائلين : إنا نعرف حق المعرفة من يؤجّج معاناتنا ومن هم عـرّابو التمرّد…
وجاء دور السيد الوزير ل. فابيوس، يوم 27.3.2015، الذي ألقى صرخة الميؤوس مدعـياً ـ بكل جـرأة ووقاحة ـ أن فرنسا هي الحامية التقليدية لِمسيحـيي المشرق، عبر التاريخ. مرة أخرى كان صدى هذا التصريح العجيب لدى مسيحيـي سوريا : إنا نعرف هوية القوى الظلامية التي تـقـف وراء هذه الحرب الظالمة على سوريا وعلينا.
يا سيادة الوزيـر، أرجو أن تسمح لِ مواطن سوري مسيحي بسيط بهذا السؤال :
- خلال شهر نيسان 2011، كان المتمرّدون يردّدون، بأعـلى أصواتهم، أثناء تظاهراتهم في حـمـص وغـيرها من المدن : ” العـلوية عَ التابوت، والمسيحية عَ بيروت ! “
- في أوائل سنة 2012، طلب الجهاديون الوهابيون ’الطيبون‘ من مسيحيي الحسكـة : ” كي تحافظوا على حياتكم عليكم أن تتنازلوا لنا عن ممتلكاتكم العقارية ! “
- خلال سنة 2012، أنذرتْ قيادة ’الجيش السوري الحر‘ مسيحييي القصيـر وَ ربلة طالبين منهم مغادرة منازلهم ومدينتهم… وهكذا هجّروا 15.000 مسيحي من أرضهم !
هل أحاطوك علما بهذه الأحداث، يا سيادة الوزيـر ل. فابيوس ؟…
- لا نزال في سنة2013 ، حين احتلّ مدينة يبـرود من يدّعـون أنهم ’ ثواراً ‘( من جبهة النصرة) وأجبـروا الخوري جورج حداد على تحصيل وتسديد الجزية، لقاء بقاء المسيحيين على قيد الحياة.
- هؤلاء ’ الثوار‘ الذين احتلوا يبـرود، دخلوا عنوة الى بازليك القديسة هيلانة (بنيتْ هذه البازليك في القرن الرابع) ودنّسوا وحطموا الصلبان والأيقونات والكتب المقدسة.
- يوم 23.4.2013، قام المجاهـدون الشـيـشان ’طـيـبـو القـلـوب‘ بِ خطف مطـرانيْ حلب : الأسقف يوحنا إبراهيم
والأسقف بولس يازجي… حتى تاريخه لا نـزال نجهل مصيرهم !
هل انت على علم بِ هذه الوقائع، يا صاحب السيادة ؟…
- خلال شهر أيلول سنة 2013، استولى ’الجهاديون الأحباء‘ على مدينة معلولا، حيث يتكلم المسيحيون والمسلمون
الآرامية لغة السيد المسيح… وعاثوا فسادا بِ كنائسها، التي شيّدها أجدادنا منذ نيّف وألف وسبع مائة سنة، ونهبوا أيقونات ومخطوطات اديـارها وباعوها بِ أبخس الأثمان.
- في شهر تشرين الثاني/كانون الأول 2013، احتلّتْ جبهة النصرة وأخواتها وإخوانها قارة ودير عطية والنبك في القلمون. وقد جاء هؤلاء ’المتمردون الطيبون‘ وأكثرهم مستورد من كافة أصقاع الأرض، وقبل أن يتمكن الجيش السوري من طردهم، كانوا قد نهبوا البيوت السكنية ودنسوا الكنائس ودمروا بعضها.
- قبل شروق شمس 21.10.2013 ، تـقّـدم أصدقاءُ أصدقاءِ سوريا واحتلوا صدد ـ المدينة المسيحية بامتياز ـ والتي جاء ذكرها مرتين في التوراة، وكانت النتيجة ثلاثين شهيدا وكنائس مدمّرة ومنهوبة. وقد شاهدنا على الفيس بوك فوارغ الويسكي والواقيات الذكرية والمنشطات ملقاة على أرض الكنائس بعد هروب ’الجهاديين‘.
يا سيادة الوزيـر، هل علمتَ بِ هذه الأحداث ؟…
- خلال شهر أذار 2014 ، قام المرتزقة والجهاديون الذين سلحتهم و ساندتهم تركيا بالهجوم على مدينة كـسـب ذات الأغلبية الأرمنية، وكأنهم يسعون لِ تذكير هذه الكنيسة بالذكرى السنوية الأولى لِ مذابح العثمانيين سنة 1915 !
- اخـتطـفـتْ جبهة النصرة راهبات معلولا واقـتادتهنّ الى جبال القلمون. واختفى أثرهـنّ لمدة اشهر ثلاثة. ولم يسمع العالم شيئا عـن راهبات محصنات ذنبهنّ الصليب الكبير على صدورهنّ، وقد نُزعه الجهاديون. ولم يعدن لِديرهن حتى قبضت النصرة ملايين البترودولار، من دولة خليجية محسنة وفاعلة خير، في أوائل أذار 2014…
- الأب فرانس فات دير لوغة، الراهب اليسوعي الهولندي الذي خـدم كافة مواطني حـمـص بما فيهم المسلمين، هذا الإنسان الطيب اغـتاله ’المتمردون‘ بِ صلية رشاش عن قرب، في شهر نيسان 2014.
يا سيادة الوزيـر ل. فابيوس، هل علمتَ بهذه الأحداث ؟…
- الأب باولو دالوليو، الراهب اليسوعي ورئيس دير مار موسى الحبشي في النبك، نشر منذ سنوات، كتابا بِعـنوان ” عاشق الإسلام المؤمن بِ يسوع.” أبعدتْه سوريا لِ تعاونه العلني مع المتمردين… خلال شهر تموز 2013 دخل الى الرقة بطريقة غير شرعية… فأختطفه المسلحون الإسلاميون، وحتى الأن لا يزال مصيره مجهولا.
يا سيادة الوزيـر فابيوس، هل أطلعوك على مصيـر هذا الكاهن، صديق ’الإنتفاضة‘ التي تدعـمها فرنسا بِدون حساب ؟…
لن أسألك يا سيادة الوزير أذا كنت على عـلم بما حدث لِ مسيحيي مدن دير الزور والرقة وعربـيـن ومحـردة والصقيلبية، وحلب والحسكة وقرى الأشورييـن الخـمس وثلاثيـن، على نهـر الخابور… وليس لدي الشجاعة كي أسألـك إذا كـنتَ عارفا بما يجري للمسيحيين خارج سوريا… في العراق مثلاً… هل بالغتُ في الأسئلة ؟…
سؤال أخير، إذا سمحتْ سيادتك : بِأي صفة سمحتَ لِ نفسك بِ القول : ” الرئيس بشارالأسد لا يحقّ له العيش على الأرض”
إليك الجواب يا سيادة الوزير : ” طوال اربعيـن سنة بِ قيادة آل الأسد، عاش االسوريون ـ مسيحيون ومسلمون ـ جنبا الى جنب بِ سلام واحترام : طوال اربعين سنة لم تُـدمّر أو تدنّس كنيسة، لم يُـنهب أو يُحرق ديـر، لم يُـسرق أو يباع مخطوط أو أيقونة، لم يُـنحـر أو يُـهجّر أو تُـنزع ملكية مسيحي لأنه مسيحي، طوال اربعين سنة لم يُـقـتـل أو يُـذبح أو يخطف أسقف أو شيخ أو راهب او راهبة، كما حصل في مناطق من يدعـمهم الغرب الذي يدّعي المسيحية، و وعلي أيدي عملائهم…
أرجوك يا سيادة الوزيـر قل لي : أين كانت فرنسا الحامية التـقـليـدية لِ مسيحيي المشرق خلال جُلجلة السوريين، مسلمين ومسيحيين. أين كانت فرنسا طوال السنوات الأربع من المعارك مع ازلام عبّاد المال ’مامون‘ ذي رائحة الغاز والنفط ؟…
” أهل مكة أدرى بِ شعابها…” هذا التعـبـيـر كي أقول لك، يا صاحب السعادة، أن سوريا تعرف ماذا يجري عندها وحولها… والعبرة : لا تـتـدخّـلوا في شؤوننا كي لا تغـرقـوا في رمال سوريا المتحـرّكة…
أشكر سيادتك لأنك سمعـتـني حتى النهاية.
سيريان تلغراف | فؤاد عزيز قسيس
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)