تزايد التعاون والتنسيق بين “المعارضة السورية” سواء كانت السياسية أو العسكرية خلال الشهور القليلة الماضية والعدو الإسرائيلي، حيث لم تعد العلاقات بينهما واللقاءات تتم في تكتم أو سرية كما هو كان متبعا خلال بداية الأزمة السورية قبل عدة سنوات، بل دخلت المعارضة وتل أبيب مرحلة جديدة لم يعد التكتم جزءاً منها، خاصة خلال الأسابيع القليلة الماضية التي حملت أنباء كثيرة تعكس مدى التعاون والتنسيق بين الطرفين.
بداية التعاون العسكري بين العدو الإسرائيلي والجماعات المسلحة التي تقاتل الجيش السوري كانت عبر نقل بعض الجرحى والمصابين إلى المستشفيات “الإسرائيلية” من أجل تلقي العلاج والعودة إلى ميدان المعركة مجدداً، ثم تطورت العلاقة بعد أن قدمت تل أبيب بعض التقارير الاستخباراتية عن أماكن توزيع وانتشار القوات السورية، ووصل الأمر إلى تنفيذ القوات الجوية “الإسرائيلية” عدة غارات ضد الأراضي السورية بهدف دعم ومساندة الجماعات المسلحة أو توفير الغطاء الجوي لتحركات هذه الجماعات وخلال معارك الاشتباك مع الجيش السوري.
مطلع الأسبوع الجاري، تناقل عدد من المواقع الإخبارية أنباء عن مقتل “ضابط إسرائيلي” خلال غارة نفذها الجيش السوري ضد الجماعات المسلحة قبل عدة أيام في منطقة ريف القنيطرة، موضحة أن الضابط الصهيوني قتل مع مجموعة من قيادة ما يُعرف بـ”الجيش الحر” بينهم القائد العسكري أبو أسامه النعيمي، مشيرة إلى أنه على ما يبدو أن “الضابط الإسرائيلي” يتبع لواء جفعاتي الصهيوني الذي يعمل في شمال الأراضي المحتلة، مرجحة أن يكون من شعبة الاستخبارات العسكرية أو ضابط اتصالات ضمن وحدة تقنية تابعة للواء جفعاتي الإسرائيلي.
لا شك أن مقتل أحد ضباط جيش العدو الإسرائيلي خلال الغارة التي نفذها الجيش السوري تحمل عدة مؤشرات تؤكد حجم التدخل الصهيوني في الأزمة السورية وسعيها لتدمير دمشق وإسقاط الدولة السورية، فضلا عن أن هذا النبأ يعكس مدى التطور الذي وصلت إليه العلاقات بين العدو الإسرائيلي والجماعات المسلحة، حيث وصلت إلى مرحلة عمل ضباط الاحتلال كمستشارين عسكريين لهذه الجماعات التي تقاتل الجيش السوري.
بعيداً عن العلاقات العسكرية والتنسيق بين تل أبيب والجماعات المسلحة، فإن قنوات التواصل السياسية بين المعارضة السورية والكيان الصهيوني تسير على قدم وثاق مع تطورات التعاون العسكري، حيث تحرص قيادات المعارضة السورية السياسية على زيارة تل أبيب وعقد لقاءات مع قياداتها السياسية والمشاركة في بعض المؤتمرات الأمنية التي يتم عقدها في تل أبيب.
كشفت وسائل الإعلام الصهيونية خلال اليومين الماضيين عن زيارة أحد كبار قيادات المعارضة السورية إلى تل أبيب، موضحة أنه قدم الشكر للكيان الصهيوني على المساعدات التي قدمها لما أسماهم بـ”الثوار في سورية”، مطالبا تل أبيب بتقديم مزيد من الدعم عبر التسليح وفرض الحظر الجوي على بعض مناطق الأراضي السورية من أجل تعزيز وضع الجماعات المسلحة التي تقاتل الجيش السوري.
أوضحت صحيفة “هآرتس” الصهيونية أن “المعارض السوري” الذي زار تل أبيب خلال الأيام القليلة الماضية ألقى محاضرة أمام “الطلاب الإسرائيليين” في كلية “ترومان” بـ”الجامعة الإسرائيلية” في القدس المحتلة، وأشارت الصحيفة إلى أن “المعارض السوري” كان موظفا رفيع المستوى بالمؤسسة الطبية السورية قبيل اندلاع الأزمة في البلاد قبل 4 سنوات، لكنه فضلت عدم ذكر أسمه صراحة، مكتفية بالإشارة إلى الحرف الأول من اسمه (أ).
هذه الزيارة ليست هي الأولى، حيث أجرى المعارض السوري البارز “كمال اللبواني” خلال شهر الماضي زيارة إلى “تل أبيب”، كما أنه شارك في مؤتمر “سياسات مكافحة الإرهاب” الذي عقد في مدينة “هرتسليا”.
زيارة “اللبواني” إلى تل أبيب كانت الأولى من نوعها، لكنها لن تكون الأخيرة، خاصة بعد الكشف عن زيارة أحد قيادات المعارضة السورية إلى الكيان الصهيوني خلال الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي يعني أن التنسيق بين العدو الصهيوني والجماعات السورية سواء كانت المعارضة السياسية أو المسلحة يزداد يوما تلو الآخر.
هذه التطورات التي تشهدها الأزمة السورية خلال الوقت الراهن، تؤكد أن الحديث عن التعاون بين العدو الإسرائيلي والجماعات التي تقاتل الجيش السوري أو تلك التي تسعى لإسقاط الدولة لم يعد مجرد تكهنات، بل أمر واقع على الصعيدين السياسي والعسكري.
سيريان تلغراف