أكدت وزارة الخارجية السورية الثلاثاء 17 مارس/آذار أن فرنسا وبريطانيا تواصلان ممارسة سياسات من شأنها توريط الاتحاد الأوروبي في إطالة أمد الأزمة بسوريا والمشاركة في سفك دماء أبنائها.
ونقلت وكالة “سانا” عن الوزارة في بيان “هذا النهج القاصر المتمثل بموافقة الاتحاد الأوروبي على مواقف هاتين الدولتين إنما يؤدي إلى جعل الاتحاد الأوروبي مسؤولا عن إطالة الأزمة في سوريا وتنامي الإرهاب واستهداف المواطن السوري”.
وطالبت الوزارة في بيانها من “الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي عبرت في أكثر من مناسبة عن استيائها من هذا النهج بوضع حد لسياسات بعض دوله وخاصة فرنسا وبريطانيا والتي تورط الاتحاد (…) وتسخره لخدمة أجندتها الخاصة تجسيدا لتاريخها الاستعماري”.
كيري يدعو للتفاوض مع الأسد وأوروبا ترفض
وجاء هذا البيان بعد إعلان الدولتين رفضهما القاطع للتفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد، عملا بدعوة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التي انتقدتها أطراف غربية ورأت فيها خروجا عن المسار الداعي إلى رحيل الأسد عن السلطة.
وكان بيان للخارجية البريطانية قال الاثنين إن لندن ترفض أي دور للرئيس بشار الأسد في مستقبل سوريا.
وأكد البيان أن “العقوبات على سوريا ستستمر حتى يغير الأسد منهجه ويوقف العنف ضد أبناء شعبه ويبدأ التفاوض مع المعارضة المعتدلة”.
بدوره أعرب رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الاثنين عن أسفه لتصريحات كيري.
وقال في حديث لقناة “كانال بلوس”، إن تصريحات كيري غير مرحب بها، “لأنني اعتبر الأسد مسؤولا عن مقتل آلاف السوريين”.
وأضاف أن “الحل في سوريا غير وارد حاليا مع وجود بشار الأسد في الحكم.. وجون كيري يعلم ذلك”.
كما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس أن التفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد، يعد بمثابة تقديم هدية لتنظيم “داعش”.
وأضاف فابيوس على هامش اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل الاثنين أن “حل الأزمة السورية يكمن في انتقال سياسي يحافظ على مؤسسات الدولة وليس على الرئيس بشار الأسد”.
من جانبه أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال أن باريس لا تنوي إجراء مفاوضات مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وتتالت التصريحات الرافضة لتصريح وزير الخارجية الأمريكي إلى حد أن البعض اعتبر أنه لم يقصد الأسد بتاتا، إذ قالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، فيديريكا موغيريني إن جون كيري لم يتحدث عن الرئيس السوري عندما تطرق إلى موضوع المفاوضات مع دمشق.
كما بررت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جين بساكي تصريح رئيسها المباشر موضحة أن جون كيري لم يقصد التفاوض مع بشار الأسد وإنما التفاوض مع حكومته.
الأسد: ننتظر أفعالا وليس أقولا
من ناحيته رد الرئيس السوري بشار الأسد على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالقول إن دمشق ما تزال تنتظر أفعالا وليس أقوالا قبل اتخاذ أي قرار.
وفي ما يخص موقعه في مستقبل سوريا، قال الأسد إن ذلك يتوقف على قرار السوريين دون غيرهم.
موسكو تدعو إلى جولة جديدة من المشاورات السورية
ويعتبر مراقبون أن تصريحات كيري الأخيرة تتناغم مع ما كانت ولا زالت تدعو إليه موسكو على الدوام منذ سنوات، وهو التفاوض مع جميع أطراف الأزمة السورية دون شروط مسبقة.
ويؤكد المراقبون أن موسكو بخلاف الغربيين تقرن الأقوال بالأفعال إذ احتضنت مؤخرا حوارا سوريا – سوريا بمشاركة ممثلين عن المعارضة السورية وكذلك عن الحكومة وتستعد في هذا السياق لمتابعة هذا المسعى لحقن الدماء في سوريا.
وفي هذا الإطار أعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، أن موسكو وجهت دعوات إلى المشاركين المحتملين في الجولة الثانية للقاءات التشاورية السورية، المتوقعة الشهر القادم.
وأكد الدبلوماسي الروسي أن عملية التحضير للجولة الثانية قد انطلقت، ومن المرتقب عقدها خلال الأيام العشرة الأولى من أبريل/نيسان المقبل.
وأوضح غاتيلوف في تصريح صحفي أن الدعوات أرسلت إلى المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، والحكومة السورية، وعدد كبير من الجماعات والهيئات المعارضة، بما فيها القوى التي رفضت المشاركة في الجولة الأولى للمشاورات والتي عقدت بموسكو في يناير/كانون الثاني الماضي.
يذكر أن جولة المشاورات الأولى في موسكو التي انتهت في 29 يناير/كانون الثاني أسفرت عن اعتماد 10 بنود سميت بـ”مبادئ موسكو”.
وأكد المشاركون فيها من المعارضة أنهم لم يمثلوا أنفسهم فقط في الجلسات بل مثلوا أحزابهم التي ينتمون أليها، وكذلك رغبة الشعب السوري في الحل السياسي للأزمة السورية. وأثنوا على الدور الروسي في إنجاحه لجلسة الحوار مع الحكومة السورية.
وتباينت قراءة نتائج الجولة الأولى من الحوار السوري بين ممثلي الحكومة والمعارضة، في العاصمة الروسية، حيث توافق المجتمعون على العناوين العريضة مع وجود خلافات حول بعض التفاصيل.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد قبل المشاورات السورية أن مهمة الانتقال إلى الحوار وحل المسائل الملحة المطروحة على جدول الأعمال الوطني تتطلب جهودا كبيرة واستعدادا لتقديم تنازلات متبادلة لا بد منها وإيجاد حلول وسط.
سيريان تلغراف