صحيح أن اعتراف دي ميستورا بأن الرئيس الأسد جزء من الحل وأنه ما زال رئيسا، فيه الكثير من التحدي لمن يرفضون مجرد فكرة من هذا النوع، إلا أن التوصيف الحقيقي للأسد أنه زعيم وقائد لمرحلة من تاريخ سوريا يمكن أن يطلق عليها بمرحلة تأسيس لا تجديد الواقع .. والمؤسس عادة صاحب رؤية ثاقبة وفكر نفاذ وتجربة عريقة، أليس هو ابن حزب له تجربة تفوق الستين عاما، وهو في الحكم منذ أكثر من خمسين عاما، وأنه يكفي أن يكون حافظ الأسد من ورثه الزعامة لبلد ليس عاديا لاجغرافيا ولا تاريخا.
من المفارقات أن أكثر من عايشوه من عرب وغير عرب رحلوا، وظل هو نشيطا على حلم أمة، مقتدرا بكتابة نص نضالي عنوانه التحدي في زمن سقوط الآخرين وكان هو موضوعا في مقدمتهم، حينما قاد ذلك الغبي الصهيوني برنار هنري ليفي ذلك الائتلاف السوري، تحت ظنون انه فيلسوف ” الثورة ” السورية وانه مثلما اتحفت افكاره الواقع الليبي فخسر الليبيون دولتهم ونظامهم ومؤسساتهم وهدوءهم، كان يقود عقول صغار من المعارضة التي تربت على موائد الفتات ولم تحلم يوما ان يكون لها اسم في نشرة اخبار او حضور في مؤتمر او مصافحة لرئيس ومسؤول.
بقي الأسد الزعيم وحيدا يتلفت حواليه، فكل من عانده سقط، وكل من اعتدى عليه كتبت له نهاية درامية او فاجعية. وفي حين لم يبق الا القليل منهم، فان لعنة سوريا سوف تطيح بهم ايضا ،, سيظل الأسد واقفا محمر الوجه معافى، ينام ملء جفونه عن شواردها كما يقول المتنبي، ولديه دائما صناعة حلم انتصار، دونه في اكثر من مكان، وهاهو كقائدا اعلى للقوات المسلحة يضع بصمته الاساسية على معركة جنوب سوريا المظفرة ليحسم نقاشا في الميدان عمره من عمر الازمة، وليدون انقلابا هو عودة للجيش العربي السوري ليزأر بعين جنوده جنودا صهاينة مقابلين له على بعد امتار، فيظل حلم الجولان ارثا ثقيلا يحتاج لواقعة يبدو انها ليست ببعيدة بعد التغيير الجديد.
ما نطق به دي ميستورا أغاظ بعض العرب الذين مازالوا يحلمون بسوريا بلا زعيمها الأسد. وحلمهم الذي انطلق منذ الايام الاولى للأزمة، ظل على حاله رغم أن آخرين من غربيين غيروا وبدلوا وقدموا أدلة على أنه باق ..( وهنا أود التدخل في استعمال كلمة باق التي أراها دخيلة على المعنى الحقيقي لما يخص الأسد، راجيا حذفها من القاموس الذي يخصه لانه تجاوزها تماما) ..
ومن باب الرومانسية، هل يمكن قبول سوريا بدون وجود للرئيس الأسد فيها، على الدنيا السلام عندها كما رد كاتب معروف .. لانغالي القول انه ولد رئيسا لسوريا، زعيما لمرحلة صعبة وكل مراحل المنطقة مليئة بالصعاب، لكن سيسجل له قيادته لزمنها وخلاصها.
كلام دي ميستوار ليس من عندياته ولو أنه مسؤول محترم كما يصفه بعض عارفيه، الاوساط الغربية التي يجتمع بها تتداول مثل هذا الكلام وأكثر.
سيريان تلغراف