Site icon سيريان تلغراف

معاذ يُحرق مرتين !! .. بقلم هاني شاهين

في لعبة قتل الطيار الأردني رحمه الله رائحة قذرة من لاعبين لديهم أهداف فكان لمعاذ الكساسبة الحصة الأكبر في دفع الثمن، فالمخطط القادم يحتاج الى كبش دسم.

لا وقت للبكاء على معاذ ولا فائدة ولنبتعد عن العاطفة قليلا التي أضرت بالعرب أكثر مما أفادتهم، فمن يحب معاذ عليه أن يبحث جيدا في الكثير من المعلومات المتوفرة والواضحة حتى يكتشف وبكل سهولة أن معاذ هو كبش فداء لمشروع أو عملية قادمة.

فمثلا إن أردنا أن نمسك طرف الخيط علينا أن نسأل أنفسنا لماذا وقعت طائرة معاذ الأمريكية وكيف وقعت؟!، من المعلوم أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعطي أي سلاح استراتيجي أو حساس بالمعنى الفتّاك لأي دولة في العالم إلا إن أصبحت هذه الدولة عبدا طيعا ومطيعا لها. السؤال الأهم، هل هناك إمكانية للمخابرات الأمريكية زرع جهاز أو شريحة للتحكم بالطائرات التي تبيعها الى الدول التابعة لها؟!، نعم هناك إمكانية كبيرة جدا وهناك تقارير ومصادر كثيرة عن هذه الإمكانية، هذا يأخذنا الى فرضية راجحة بأن وقوع الطائرة كان مدبراً وكان بفعل فاعل.

إعدام السجينان الإرهابيان العراقيان ساجدة وزياد لا يعني شيء ولا يساوي شيء، فداعش لا يعنيها أمرهما والسلطات الأردنية تعلم ذلك جيداً، وتعلم أيضا أن داعش هي صنيعة المخابرات الصهيو غربية بالتعاون مع المخابرات الأعرابية، فإعدامهما لم يأتِ إلا لتنفيس غضب الشارع الأردني.

إن شاهدنا الفيديو الذي بثته داعش عن كيفية إعدامها للطيار معاذ، نُدرك جيدا أن هذا الإنتاج السينمائي لا يمكن إدارته وإنتاجه بهذا الشكل المحترف إلا إن توفرت جميع الإمكانات التقنية من أجهزة وأفراد محترفون بالإخراج التلفزيوني والسينمائي. نلاحظ أيضا أن هذا العمل السينمائي تم في وضح النهار وبطبيعة الأحوال مثل هكذا عمل عادة ما يحتاج الى ساعات عدة أو أيام من التصوير المتواصل كما أنّ المسلحين المحيطين بمكان التصوير يذكروننا بالقوات الخاصة لحلف الناتو وذلك بطريقة لبسهم ووقفتهم وكيفية حملهم للسلاح وحتى بنيتهم الجسدية المتناغمة، من الواضح أن ليس فيهم أي عربي!

 الغريب في الأمر كيف أن الأقمار الاصطناعية الأمريكية والإسرائيلية المُسلطة والمتسلطة على هذه البقعة من الأرض العربية الساخنة جدا لم تستطع التقاط تحركات هذا الحشد الكبير من الممثلين والمخرجين والمنتجين والتقنيين الداعشيين؟!!.

طالما أننا استطعنا الإمساك بطرف الخيط، دعونا الآن نمشي قليلا على الخيط، فلنرجع قليلا الى الوراء وبالتحديد الى الصحفيين اليابانيين اللذين أعدمتهما داعش بكل روح روبوتية، تذكرون كيف أنَّ السلطات الأردنية وافقت بمقايضة السجينة ساجدة الريشاوي بالصحفي الياباني الثاني بعد أن تم إعدام الصحفي الأول، ولكن بعد بضعة أيام تعقدت الأمور بعد أن طالبت السلطات الأردنية بإقحام الطيار معاذ في عملية التبادل رغم أنهم يُدركون تماما أنّ معاذ قد تم حرقه قبل شهر وهذا ما ظهر لاحقا باعتراف السلطات الأردنية نفسها.

إذا مَن الذي أمر السلطات الأردنية بإقحام ملف الطيار معاذ في صفقة التبادل اليابانية والتي أدّت الى تعقيد الأمور مما أدى الى ذبح الصحفي الياباني الثاني؟! لم تكن اليابان منخرطة بالشكل المطلوب في محاربة الإرهاب الذي زرعته المخابرات الغربية طبعا بالتعاون مع ربيبتها إسرائيل وبعض الحكومات العربية الذليلة فكانت مساهمتها خجولة خاصة من الناحية المادية. عملية إعدام اليابانيان هي محفز قوي وبنفس الوقت ابتزاز للحكومة اليابانية بالمساهمة ماديا بشكل فعال وواسع بتغطية مصاريف الحرب على الإرهاب أو بمعنى آخر بتغطية مصاريف العملاء في المنطقة.

بعد إعدام الصحفي الثاني تم نشر الفيديو السينمائي الخاص بالطيار معاذ الذي أشعل وأغضب قلوب العرب والعالم أجمعين، فطريقة الإعدام كان عملا مشينا وشيطانيا الى أقصى حد؛ أن تنتج فيلما خاصا بهذا الاحتراف لطيار عربي لهو أمر مريب وغريب وله أهداف معينة.

ما هي الأهداف التي حققتها الإعدامات الثلاث؟

أولاً: المزيد من الدعم السياسي والمالي من اليابان

ثانيا: تبدل الشارع الأردني من رافض بالانخراط في العمليات العسكرية والأمنية في سورية والعراق الى داعم ومشجع بالانخراط وبقوة

ثالثا: التخلص من سجينين لديهما معلومات مهمة عن تورط بعض الأجهزة الأمنية العربية والغربية في عمليات إرهابية

رابعاً: رشوة سنوية بقيمة 400 مليون دولار للأردن من الولايات المتحدة تذهب الى جيوب العملاء الأوفياء

خامسا: زيادة في الموازنة الأمريكية السنوية الخاصة بمكافحة الإرهاب، وهذه الأموال عادة ما تذهب الى جيوب المنتفعين والعملاء وإشعال الحروب.

سادسا: النجاح في إطلاق سراح المرشد الروحي للتكفيريين أبو محمد المقدسي إذ أنَّ الشعب الأردني منتش وهو في حالة عدم الإدراك والوعي من شدة غضبه فلا بأس من إطلاق سراح هذا الفتنوي والمحرض وإرساله ربما لاحقا الى منطقة الجولان في سورية لتولي الشؤون الشرعية لجبهة النصرة هناك.

أخيرا وليس آخرا، إن عربي ما وبالأخص أردني صدّق أو اعتقد أن السلطات الأردنية جادة في محاربتها للإرهاب أو أنها ستنتقم من داعش وأخواتها فهو بذلك يُشعل النار في جسد معاذ مرة أخرى بل وفي روحه، فالقاصي والداني يعرف أنّ السلطات الأردنية شرّعت حدودها لجميع أنواع الإرهابيين وأجهزة المخابرات لاقتحام المجتمع السوري والعراقي لتفكيكه وذبحه وتدمير ثقافتهما وتاريخهما عن بكرة أبيهما.

الحروب هي صنيعة الطامع والطامح وهي باب رزق لهؤلاء، فطالما أنّ هناك أحذية بالية في عقول معظم العرب ستبقى الحرب مشتعلة في منطقتنا الى أن يستبدل هؤلاء العرب هذه الأحذية البالية بعقول طبيعية بالحد الأدنى.

سيريان تلغراف | هاني شاهين

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version