كرر سبحانه وتعالى في القرآن الكريم النهي عن اتباع خطوات الشيطان ولم يكرر عبارات اتباع الشيطان لأسباب عديدة لعل أبرزها هو إدراك الجميع للعداوة التي يكنها الشيطان لنا نحن البشر، فلن يتبعه منا أحد، أما خطواته فيسير عليها البشر رويداً رويداً جهلا حيناً، وتعنتاً وتكبراً حيناً أخر، واللافت للنظر ورود ذكر خطوات الشيطان في مواضع مختلفة نصفها يتعلق بالأكل والشرب.
لكني أود وبدون الخوض في هذه التفاصيل أن أشير إلى اتباع بعض الدول العربية لخطوات الشيطان وصولاً إلى تغذيته وتقمص دوره من خلال ما قامت به العديد من الحكومات العربية والعالمية بالتآمر على سورية وتغذية الإرهابيين وتسهيل وصول العتاد والإرهابيين إليهم، ولم تعتبر هذه الدول من التحذيرات التي أطلقتها الدول التي تعاني من هذا الإرهاب، ولم تعتبر أيضاً من دروس الماضي، فكانت قائمة الدول الداعمة والممولة لهذا الإرهاب تكتوي واحدة تلو الأخرى به، فكانت السويد ففرنسا ثم غيرها من الدول التي لم تفصح عن التهديدات الإرهابية التي حلت بأرضها خوفاً من ردود أفعال شعبها أولاً، ولأن الإرهاب الذي تعرضت له كان ضمن النطاق التي ألفوه من إرهابهم الذي يغذوه.
لكن الطريقة التي قم بها التنظيم الإرهابي المسمى (داع ش) بقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة أثارت ردود أفعال قوية على المستويات الشعبية والرسمية،بما فيها بعض الأوساط الداعمة والممولة لهذا الـ (داع ش)، رغم قيام الـ (داع ش) بالتمثيل بالعديد من جثث الشهداء السوريين سابقاً دون أية ردة فعل عالمية أو دولية أو حتى عربية، الأمر الذي يستدعي الوقوف عنده من عدة جوانب تتمثل بــ: هل خرج التنظيم المسمى بـ (داع ش) عن سيطرة مموليه وداعميه وأصبح يتصرف متحدياً إياهم؟ هل السلوك الداعشي الهولوكوستي في التعامل مع الشهيد الطيار العربي الأردني كان بإيعاز ممنهج من المتحكم الرئيس به، حتى يبرر خروج الممول عن نهجه التمويلي والداعم للإرهاب؟ ألم يدرك بعض الحكام وخاصة العرب أن من يغذي الشيطان ويوصل له غذاءه سوف ينقلب هذا الشيطان عليه يوماً ويأكل أبناءه، إن افترضنا أنهم أبناؤه؟ ألم يدرك هؤلاء الحكام أننا لن نصبح بشراً وهم معنا إلا إذا أصبحنا مواطنين – كما يقول روسو- والمواطنة هنا أن يكون كل شيء في الدولة والسلطة والحكم مسخراً لخدمة المواطن وحمايته وحماية حقوقه بغية إعلاء شأنه لأنه الرأسمال الحقيقي لبناء الأوطان؟ كما أن توقيت بث الشريط وما رافقه من تصريحات وتسريبات رافقت خروج التسجيل المهين لمشاعر الأمتين العربية والإسلامية، والسلوك المفاجئ لأوروبا في الترويج لأخلاق النبي و الرسول الكريم وإبعاد شبح الإرهاب عن الطابع الإسلامي توحي أيضاً بأشياء كثيرة تحدث على الأرض، يرافقها جنباً إلى جنب ما يُعلن عنه من هروب بعض أمراء هذا التنظيم وبعض المسؤولين فيه من المدن والمناطق السورية نحو تركيا، وما يحدث في الكيان الصهيوني من زيادة في المستوطنات وزيادة أكبر في تهجير وإبعاد الفلسطينيين نحو الأردن، الأمر الذي يشير إلى: – المأزق الذي يعاني منه هذا التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها في سورية نتيجة التعامل الحكيم السياسي والعسكري للسوريين معه.
– محاولة الدول المارقة الداعمة للإرهاب إلباس طربوش الدين لكيان آخر جديد يلعب مكان (داع ش) من خلال إلغاء الصفة الإسلامية عن هذا التنظيم باعتبار أن الدين يدعو إلى الرحمة والتسامح ونبذ العنف، وأن سلوك التنظيم يقوم على الوحشية والبربرية واحداث بدع جديدة في الدين تتمثل بطرق جديدة لتطبيق حدود الله والشرع على حد زعمهم.
– محاولة الدول المارقة حجز مقعد جديد في مسرح التحكم بالشعوب بعيداً عن الدين الإسلامي، والذي يبدو للوهلة الأولى بالاعتماد على ما يسمى هيئات أو تجمعات مدنية أو مؤسسات للحكم الرشيد وما إلى ذلك من نماذج مختلطة يسعون إلى تجهيزها وإظهارها لتعمل على استنزاف قوة الدول والشعوب ريثما يتم الإنتهاء من جيش القوى الناعمة الذي يقومون بتجهيزيه عبر المنح الدراسية والتعليمية وبرامج التنمية البشرية التي يقدمونها حصراً للسوريين كما فعلوا مع العراقيين سابقاً.
وأياً كانت الأحداث ودلالاتها فإن الرسالة الأقوى التي ينبغي لحكومات الدول التي لا تزال تخادع شعوبها بمحاربة الإرهاب جهلاً أم عمداً، مفادها أن من يريد مكافحة الإرهاب في المنطقة عموماً، والإرهاب الداعشي على وجه الخصوص لابد له أن يتوجه بسلوك الطاعة والإحترام والتعاون مع الجيش العربي السوري الذي تمرس في محاربة هذا الإرهاب طيلة الأعوام الماضية التي كانوا يغذونه خلالها، على أقل تقدير حتى لا يقوم الشيطان الداعشي بالتهام المزيد من أبنائهم ويتركهم للعيش كمواطنين والموت كبشر لا كخنازير الهولوكوست الموبوءة .
سيريان تلغراف | د. يحيى محمد ركاج
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)