منذ خلق الله الكون والانسان ، والنفاق صفة تميز فئة من الناس في كل زمن .. وأكثر ما وضحت الصورة عندنا نحن العرب والاسلام ما قرأناه عن المنافقين بدءاً من عصر النبوة ، وما تلاه حتى يومنا هذا ، حتى أصبح النفاق شبه موضة ، لا يتحرج ممارسوها من القيام بها وعلى العلن !!
والمنافق ، هو شخص يبطن غير ما يظهر لغاية في نفسه او منفعة ، ولعل أهم الأسماء التي قرأنا عنها في التاريخ هو عبد الله بن سلول .. وقد صار ابن سلول بعد ذلك يعد بالملايين عبر التاريخ ، وصرنا نحن العرب والاسلام بدل أن نتمسك بعاداتنا الأصيلة وأخلاقنا العالية ، صرنا في الأغلب شلة نفاق ورياء ، كي نحقق ما لا يمكننا تحقيقه بالحق ، ووصل كثير من أولئك مع الزمن الى مراكز مهمة ، وحققوا ما كانوا يحلمون به بهذه الطريقة الدنيئة ، وللأسف !!
العربي – وليس الجميع حتماً – استمرأ النفاق حتى صارلديه صنعة ، فنجد الابن ينافق أباه ليحقق مبتغاه ، والزوج ينافق زوجته مع أنه يخونها ، والمرؤوس ينافق رئيسه طمعاً في منفعة أو مرتبة .. تجد المنافق يظهر لك المحبة والاخلاص بينما هو ينجّر الخازوق لمن يداهنه او لواحد غيره ! وصارت الشجاعة والشفافية والصدق والاخلاص وسواها من الصفات الحميد ة ، مهددة بالانقراض ، وخاصة هذه الأيام!!
ولعل الوضع الذي تعاني منه الأمة اليوم ، يساهم بشكل فعال في ازدهار هذه الصنعة ، ومنه وضعنا الذي نعاني منه في بلدنا سورية ! فمثلا ، يتجلى حرص المؤتمنين من المسؤولين على ان يتعاملوا مع كل التقارير التي تصلهم بجدية قد تسبق إعمال العقل في كثير من الأحيان ، ظناً منهم أنهم يتصرفون بشكل صحيح انطلاقاً من حرصهم على امن وامان الوطن ! وأكثر المنافقين خطراً اليوم هم بعض العاملين في الدولة ، فكثير من هؤلاء يجدون فيما يرفعون من تقارير سبيلا للوصول الى ما يحلمون به من الارتقاء، او تحقيق الفائدة المادية او المعنوية ،او تحقيقاً لمآرب يحكمها الحقد والكراهية لشخص ما .. وكم من الشموع أطفأها امثال اولئك لغاية في انفسهم وعلى حساب الكثير من قيم الشرف والاخلاص ، وللأسف !! ذلك ان الجهات المعنية كثيراً ما تعتقد ان المعلومات التي يحملها تقرير مثل اولئك خطراً داهماً على أمن وأمان الوطن فيتخذون الأمر بالتنفيذ ، ويدفع الكثير من الأبرياء الثمن لغاية في نفس معد التقرير، وللأسف !!
ألا خطورة طبقة المنافقين وخاصة في ايامنا هذه ، انهم بفعلتهم وقد أرادوا من تصرفهم تقديم خدمة للوطن بينما في الحقيقة يطمحون إلى تحقيق مآرب شخصية ! وبذلك ، فهم يشبهون من يقتل ويغتصب ويدمر ، وهويعتقد انه يجاهد في سبيل الله !!.. ولذلك تجد ان الكثير من أصحاب الكفاءات تركت بلدها لمثل هذه الأسباب !! وكم من المؤتمنين فقدوا اماكن عملهم بسبب ذلك وتشردت عوائلهم ومن يلوذ بهم !!؟؟ علينا ان نكون يقظين واقدر على تمييز الغث من السمين ، وان نقرأ المعلومة بتأنٍ ، دون ان ننسى ان علينا معالجة الخلل بالسرعة المطلوبة ان تبينت لنا حقيقة الخلل حقاً . فالظلم ان وقع أضر في موقعين : انه يبعد انساناً يحب وطنه والمصلحة العامة عن اداء واجبه ، والثاني انه يرعب الباقين من محبي وطنهم فيفكرون في هجرته والهرب منه ولو الى المجهول !!..
ايها المسؤولون الكرام : انتبهوا ولا تتسرعوا ، وفي ذات الوقت لا تسمحوا لمن يريد الاضرار بالوطن ان يفعلها كي يحقق مراده وغايته الشخصية، وكل ذلك يتعلق بضميركم وحسكم وحرصكم الوطني ، ولا نعتقد ان معرفة الصادق من المدعي الكاذب ، تحتاج الى تحليل مخبري ،ذلك ان من اكتسب الخبرة مثلكم لا تعجزه الحقيقة ولا تنقصه الخبرة كي يصل اليها في الوقت المناسب ، وليس كل تقرير حتى لو اكتسب الصفة الأمنية – كما يفهمه الكثير منكم – هو كلام منزل ..
كثر المنافقون هذه الأيام، وحذار حذارمن كيدهم وحيلهم ، فقد صاروا بضاعة رائجة ، طالما ان ثمة من يسمع لهم ، ويهتم بما يدبلجون ، ويتصرف قبل ان يتبصر ويرى ، وطالما ان ذلك يساعد اولئك على تحقيق ما كانوا به يحلمون ، أياً كانت الطريقة التي يسلكون !.
سيريان تلغراف | ابراهيم فارس فارس
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)