Site icon سيريان تلغراف

الثبات : صمود سوريا يحوّل “الربيع العربي” إلى مزابل التاريخ

بعد نحو 45 شهراً على اندلاع الأزمة السورية، مرت خلالها بمنعطفات كثيرة وخطيرة، ثمة حقيقة واحدة تتكشف، وهي أن هناك عدواناً على الدولة الوطنية السورية لا يمتّ بصلة إلى أي نوع من الخلاف السياسي.

هو عدوان ليس على النظام، ولا على المشروع السياسي، وفي كل يوم من عمر هذه الحرب تتوضح أهدافه الحقيقية، التي لا تقتصر على تدمير سورية وحسب، إنما على تفكيك الدولة وتشظيها.

وفي مسلسل الحرب على سورية، لعله قد يكون ضرورياً النظر إلى خريطة واقع حلف العدوان من الداخل السوري إلى الخارج.

فعلى مستوى الداخل، ماذا يجمع فلول يسارية سابقة من أمثال جورج صبرا وميشال كيلو، مع “الإخوان المسلمين” و”السلفيين” و”التكفيريين”، وفلول علمانيين من أمثال برهان غليون وبسمة القضماني وسهير الأتاسي، وغيرهم مع فلول بعثية اكتنزت من خيرات النظام السوري أولاً، ومن ثم خيرات النهب المنظم في لبنان من أمثال المرتد عبد الحليم خدام، ومحمد سلمان (وزير إعلام سابق)، بالإضافة طبعاً إلى أسماء أخرى يقول عنها حتى بعض حلفاء دمشق إنها “معارضة مقبولة”، من أمثال هيثم المناع المقيم في باريس، والحائز على جوائز من لجان “حقوق الانسان” أميركية، وغيره من الأسماء التي تطول قائمتها، والتي تجد مع الأسف الشديد منابر إعلامية محسوبة صديقة توفّر لهم الدور والإطلالة الإعلامية.

هذه الفسيفساء الاصطناعية الداخلية من المعارضات كانت لها – كما تكشف الوقائع على مدى الأزمة السورية – حواضنها الخارجية؛ تدريباً وتمويلاً وتسليحاً وإعداداً، من خلال حلف خارجي يبدأ في الولايات المتحدة، المأزومة بحروبها وباقتصادها، ويمرّ على معظم دول الاتحاد الأوروبي، وعلى الدول الخليجية، وتحديداً السعودية وقطر والإمارات، ولا ينتهي بالعدو الصهيوني، لأنه يمر أيضاً على مجموعات عربية من الدمى التي تتحرك كل دمية منها تبعاً لارتباطاتها، وهي تمتد من جماعات تدعى “إسلامية”، إلى فلول “يسارية” سابقة، وما بينهما، كحال جماعة 14 آذار في لبنان.

وبالطبع، فإن هذا الحلف العدواني الواسع ضد الدولة الوطنية السورية، والذي سُخِّرت له كل الإمكانيات المذهلة، بما فيها حتى “الشعارات” البراقة التي انخرط فيها كتاب وصحافيون ومدّعو ثقافة وفكر، فكان “الربيع العربي” المزعوم، و”ثوراته” العمياء، التي حاولت وتحاول أن تبيع الشعوب العربية أوهاماً كاذبة وخادعة، وهم في الحقيقة لم يكونوا سوى صدى للصهيوني برنار هنري ليفي، وأدوات في مخططات الـ”C.I.A” والبنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية، وحروبهم وغزواتهم التي تبدلت وتغيرت وتنوعت تبعاً للوقائع الميدانية، فتحولت من الحرب والغزو المباشر إلى شن العدوان والحروب بالواسطة، عبر أجنحة “القاعدة” المتعددة التي بدأت على الثروة والإمارة، علماً أن هذه الخطة هي من بنات أفكار الجنرال بترايوس، والتي وصلت إلى حد التدخل الصهيوني المباشر والعملي في دعم أحد رموز “القاعدة”، وهي “جبهة النصرة” في جنوب سورية، حيث أخذت توفّر لهم كل وسائل الدعم، بما فيها الاستشفاء والطبابة في مشافيها، والتي تتكامل في الشمال السوري مع التسهيلات والدعم الذي يوفره قائد الانكشارية رجب طيب أردوغان؛ تدريباً ومعسكرات، واستيراد القتلة وشذاذ الآفاق من كل أنحاء العالم لصالح “داعش”، من أجل قتل الإنسان السوري وتخريب وتدمير سورية.. وكل ذلك يجري بتمويل مذهل من قبل بائعي الكاز العربي.

ثمة حقيقة تتوضح أكثر فأكثر مع كل يوم يمر في عمر الأزمة السورية، وهي أن الربيع المزعوم ينهار ويسقط أمام صمود ومواجهة الدولة الوطنية السورية بجيشها وقيادتها وشعبها، وبحلفائها الحقيقيين في المقاومة اللبنانية، وإيران، ومجموعة “البريكس”، والتي أخذت تتوسع أكثر فأكثر وما صرخة رئيسة الأرجنتين في وجه كل زعماء العالم في الأمم المتحدة عن حقيقة الإرهاب والمؤامرة التي تتعرض لها سورية إلا صوتاً آخذاً في التوسع، ما يعني أن صار لزاماً على دمشق وحلفائها من دول وقوى سياسية وإعلام فتح الحساب، وكشف الحقائق، من أجل هزيمة الحلف المعادي سواء كانوا ضيوفاً على الشاشات الصغيرة أو كتاباً، أو منظّرين مزعومين، أو دول لأنهم في الخلاصة هم بائعو أكاذيب وأوهام مرتبطون بالمخطط الاستعماري – الصهيوني – الرجعي – العربي ( وقد لا يعجب هذا التعبير بعض منظّري اقتصاد السوق)، وهم باختصار باعة دم وسماسرة لبرابرة التاريخ والمراحل السوداء.

سيريان تلغراف

Exit mobile version