في ألاونة ألاخيرة بدأت الدوائر الرسمية الامريكية تخشى من محددات عامل الوقت وفاتورة التكاليف من جهة ومن جهة أخرى حجم الرهانات والمكاسب الذي يتوقع كل طرف ان يصل ويحصل عليها كمقابل لمشاركته بهذا التحالف ضد تنظيم داعش, فمثلآ الهدف السعودي الإماراتي البحريني يختلف بالمطلق عن الهدف القطري مع أنهم جميعآ متفقين على بعض الرؤى للحلول , ولكن يختلفون حول الطريقة والاسلوب وطبيعة البديل ألانسب لهذه الحلول بحال تعثرها وهذا مابدأت تظهر معالمه بالفترة الاخيرة .
وبمثال توضيحي على هذا فقد بات جليآ ان قطر أبدت تحفظات كثيرة حول الهجمات على اهداف ضربتها بعض المقاتلات السعودية والاماراتية بشكل مقصود قيل انها تتبع ” لجبهة النصرة واحرار الشام ” ببعض مناطق الشمال الغربي السوري “ريف ادلب تحديدا” وهذه المنظمات تحديدا تدين بالولاء المطلق للقطريين، وما وراء الكواليس يخفي الكثير من الاسرار حول طبيعة هذه الخلافات التي بدأت تطفو على ساحة هذا الحلف الامريكي–العربي فقد بات واضحا أن هناك حالة من التمزق والخروج عن بعض الخطوط الحمراء التي وضعت حين قرر الامريكان تشكيل هذا الحلف .
فدول الخليج المشاركة بهذا الحلف مع انها ما زالت وللآن تفتح خزائنها لهذا الحلف ألا أنه بالفترة ألاخيرة لهذه العمليات بدأت تتراجع تدريجيا بعض القوى فيها عن وعود سابقة لها بتمويل هذه العمليات ودفع نسب كبيرة من تكاليفها بعد أن أثبتت العمليات أن مايجري اليوم على الارض السورية هو اشبه بالمسرحية الهزلية وخصوصا بعد ثبوت ضعف التنسيق الاستخباراتي لطبيعة الاهداف والمواقع المستهدفة بهذه الضربات وسقوط الكثير من المدنيين وقلة لا تذكر من القوى المتطرفة، كمحصلة أولية لهذه العمليات، مما سيعرض هذه القوى بالمستقبل القريب لمساءلات قضائية دولية حول طبيعة الاهداف والعمليات فوق الاراضي السورية، والمثير للاستغراب هنا هوأنه كيف تم ببداية العمليات تحديد “مزرعة أغنام بالريف الحمصي ” كهدف أستهدف بالعمليات ضد دواعش سوريا مما يعني أن حجم الدعم الاستخباراتي على الارض ضعيف جدا ومحدود، أوان هناك مخطط اميركي يهدف لإطالة عمر المعركة مما سيمنح الامريكان فرصة العودة البرية الى المنطقة مجددآ .
فمساهمة هذه القوى العربية بقوة بهذا التحالف ومع دخول عامل القوات البرية الامريكية كطرف بهذه الحرب مما يعني عودة اميركا الى المنطقة وهذا ما ترفضه عموم الشعوب العربية وخصوصاً بعد المأساة العراقية المتولدة من نتيجة التخاذل الرسمي العربي والذي سمح بسقوط العراق عام 2003بنيران الفوضى المعدة والمصطنعة أمريكيا. وبذات السياق هناك قناعة عربية تقول ان ما يجري بالمنطقة اليوم من فوضى جزء كبير منها تعود جذورها الى الفوضى الدائرة بالعراق والتي كانت امريكا السبب الرئيسي بحصولها بالعراق واتساع حجمها وتمددها الى جزء واسع من المنطقة العربية فوجود قوى رسمية عربية اليوم ضمن تحالف دولي يسعى لعودة اميركا الى المنطقة من جديد بحجج واهية سيضع عموم هذه الانظمة الرسمية العربية المشاركة بهذا التحالف امام اختبار وامتحان صعب امام شعوبها، مما سيدفع بعض القوى العربية للانسحاب مبكراً من هذا التحالف مما سيضع تماسك وصلابة هذا التحالف على المحك .
وبألاضافة الى كل العوامل السابقة هناك أيضآ عامل ومحدد ,الوقت ,الذي تحدثت عنه الإدارة الاميركية والذي قدرته بسنة الى ثلاث سنوات كعمر أفتراضي لهذه الحرب وهذا الحلف للقضاء على التنظيمات المتطرفة بسوريا والعراق والكلف الباهظة لهذه العمليات وحجم الرهانات والاهداف والمكاسب الذي يتوقع كل طرف من هذه الاطراف أن يصل إليها كمحصلة لمشاركته بهذه الحرب وهذا الحلف فهذه المحددات جميعها تعتبر من اهم نقاط الضعف لهذا الحلف والتي من المتوقع ان تكون من اهم العوامل التي ستطيح بهذا الحلف آجلا ام عاجلا فطول مدة الحملة دون الوصول الى نتائج فعلية ومع أرتفاع كلفة فاتورة هذه الحملة التي من المتوقع أن تتحمل نسبه كبيرة منها “السعودية والامارات وقطر والبحرين ” ومع عدم حصول أي اختراق مع طول المدة والتي يقابلها زيادة بفاتورة التكاليف ومع عدم حصول أختراق ينبئ بقرب وصول جميع الاطراف الى مكاسب وأهداف وضعت كأهداف عامة ومشتركة لهذه الحملة، سيتقرر حينها أعلان انهيار هذا التحالف وخصوصاً مع حديث ألاميركان الاخير عن انهم ألان يجهزون قوات برية من الجيش الامريكي ستنطلق طلائعها من العراق لمحاربة التنظيم الهلامي هناك بالعراق وهذا ما ينبئ بأن هناك معادلات جديدة بدأت تدخل الى طبيعة هذا التحالف مما سيعطي نتائج اكثر سلبية على المدى القصير المنظور للقوى العربية الرسمية التي تشارك بهذا التحالف امام شعوبها .
وبالنهاية هناك عوامل كثيرة ستدفع هذا التحالف للإنهيار أجلاً أم عاجلاً. فعامل الوقت وفاتورة التكاليف والرهانات لكل طرف وعودة اميركا الى المنطقة ووو، الخ. فجميع هذه ألاسباب والمحددات ستكون سبباً واقعياً ومنطقياً لانهيار هذا التحالف، والسؤال هنا ففي حال أنهيار هذا التحالف فماهي الخطة الاميركية – السعودية، المقبلة لتعويض الفراغ والنقص الحاصل لهذا الانهيار؟؟. وهل ستكون مصر هي البديل أم الأتراك وما هو الثمن الذي سيطلبه الاتراك لتعويض هذا النقص، أم أن النظام السوري وحلفائه سيلتقطون الإشارة سريعاً ومبكراً حينها ليثبتو للجميع أن النظام السوري هو المرجع الوحيد وانه الطرف الأقوى القادر على التحكم بمسار الحرب على الارهاب فوق أراضيه، أم أن اميركا ستقوم بمشاركة ألاتراك و السعوديين بحال انهيار هذا التحالف مبكراً بإكمال هذه الحرب من خلال القيام بعملية جراحية سريعة بالعراق,بحجة محاربة تمدد تنظيم داعش ,مما سيعطيهم شرعية أكثر لتكوين حلف دولي أوسع وأشمل، مما سيتيح لأمريكا العودة وبقوة الى المنطقة من جديد ومن هنا سننتظر القادم من الايام ليجيبنا عن كل هذه الاسئلة والتكهنات .
سيريان تلغراف | هشام الهبيشان
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)