Site icon سيريان تلغراف

لماذا يتعاون الرئيس الأسد بإيجابية مع المبعوث الدولي الجديد ؟

فرص العودة الى الحل السياسي للأزمة السورية حظيت في اليومين الماضيين بدفعة قوية، مع تأكيد الرئيس بشار الأسد استعداده لدراسة المبادرة التي طرحها المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا والمتعلقة بـ “تجميد” القتال في منطقة حلب.

الرئيس الأسد قال على صفحته الرئاسية الرسمية على موقع “الفيسبوك” ان مبادرة مستورا “جديرة بالدراسة، ومحاولة العمل عليها، ومن اجل بلوغ أهدافها التي تصب في عودة الأمن الى مدينة حلب”.

من الواضح، ومن خلال هذه التصريحات الإيجابية من الرئيس السوري تجاه مهمة المبعوث الدولي، أن الاستعداد السوري للتعاون مع هذه المهمة وصاحبها أكبر بكثير بالمقارنة مع نظرائه الآخرين وخاصة السيد الأخضر الإبراهيمي، وربما يعود ذلك إلى انه، أي المستر دي مستورا لم يقع في الخطأ نفسه الذي وقع فيه سلفه (الإبراهيمي) من حيث المطالبة بتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة، تتولى تسلم السلطة في المرحلة الثانية.

ولا نبالغ إذا قلنا إن المستر دي مستورا يحظى بقبول اكبر من السلطات السورية؛ لأنه لا يحمل صفة مبعوث الجامعة العربية مثل سلفه السيد الإبراهيمي، وهي الجامعة التي جمدت عضوية سورية فيها، وانحاز أمينها العام السيد نبيل العربي الى مواقف الدول الخليجية، والسعودية وقطر على وجه الخصوص التي تمول المعارضة السورية وتسلحها من اجل إطاحة النظام السوري، مضافا الى ذلك أن المبعوث الدولي التقى الرئيس الأسد مرتين…، وأكد فيهما على ضرورة مواجهة “الجماعات الإرهابية” على أن يترافق ذلك مع “حلول سياسية جامعة” للازمة السورية.

السلطات السورية ترتاح كثيرا لهذه اللغة، التي تتماشى مع أدبياتها، وتؤكد ان سورية تواجه “مؤامرة” من قبل “جماعات إرهابية” مدعومة من الخارج، ولا بد من تعاون العالم معها من اجل محاربتها والقضاء عليها.

ربما يكون من السابق لأوانه الإغراق في التفاؤل تجاه هذا الترحيب من قبل الرئيس الأسد بمبادرة المبعوث الدولي ونصوصها، لانها ما زالت في بدايتها اولا، وكل ما قاله الرئيس انه “سيدرس″ بنودها، ولم يقل صراحة انه سيقبل بها، والدراسة هذه قد تستغرق اياما او أسابيع او أشهر.
النقطة الاخرى التي يجب التوقف عندها بتمعن تتعلق بموقف “المعارضة السورية المسلحة” تجاه هذه المبادرة، فهل ستقبل بها، واذا التزمت هل ستوقف إطلاق النار فعلا وهو البند الأبرز والاهم فيها؟

نشك في ان المعارضة المسلحة في حلب مستعدة لوقف إطلاق النار، واذا قبل بعضها به، فإن فصائل عديدة أخرى قد لا تلتزم، فهناك اكثر من الف جبهة ومنظمة وفصيل تقاتل ضد النظام في حلب وباقي مدن الشمال السورية.
نشرح أكثر ونقول في حال قبول السلطات السورية بالمبادرة الأممية هذه هل ستقبل بها جبهات لا تعترف بالأمم المتحدة ولا مبادراتها مثل “داعش” و”جبهة النصرة” و”أحرار الشام” وهي الفصائل الأقوى والأكثر تشددا على الساحة السورية؟

وقف إطلاق النار في حلب يظل خطوة جيدة لحقن الدماء، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية والغذائية لأهلها المحاصرين الذين عانوا من سفك الدماء والقصف المتواصل والمواجهات طوال الاعوام الثلاثة الماضية، فنجاح هذه الخطوة قد يكون مقدمة لنقل هذه “الهدنة” الى مدن سورية أخرى، مضافا الى ذلك أن أي “هدنة” في حلب اكثر قبولا من اقتراحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بإقامة “مناطق عازلة” في سورية بحماية أمريكية، تكرس التدخل الغربي، وتقسيم أو تفتيت سورية إلى كانتونات طائفية وعرقية.

سيريان تلغراف | رأي اليوم

Exit mobile version