الحقيقة ، فإن ما نراه اليوم في بلدنا سورية والمنطقة بشكل عام ، امر في غاية الخطورة على واقع المنطقة ومستقبلها معاً !!
في بداية الدعوة المحمدية ، كان ثمة من هو بائن بينونة كبرى انه مؤمن ولا شك في ذلك مثل الخلفاء الأربعة ابو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم جميعاً ، وكان ثمة كفار وهم بائنون بينونة كبرى في الكفر مثل ابي لهب وابي جهل ! الكفار هؤلاء كانوا لا يؤمنون بما يؤمن به المسلمون ( الأركان الخمسة ) وكان الا يمان بيـّـن والكفر بيـّـن لذلك عندما نشبت الحرب في ذلك الزمن بين الفريقين لسبب او لآخر وما حملته من نتائج فقد كانت مشروعة وكانت جهادا حقــاً. اليوم نجد ان مايتم في سورية لا يتوافق بالضرورة مع ما سبق ذكره فثمة الكثير ممن يؤمن بالله ونبيه ويصلي ويصوم ويؤدي الزكاة ويحج ان استطاع لكنه يصنف ضمن فئة الكفار ربما لأنه يعارض بقناعاته قناعات بعض هذه الفئات ولذلك فنجده يـُقتل هو وعائلته ويـُدمر بيته ويـُنتهك عرضه وكل ذلك يصنف تحت مفهوم الجهاد في سبيل الله وهنا الطامة الكبرى . وربما كانت منزلة هذا المصنف بالكافر عند الله اعلى من منزلة قاتله ، لكنه يعاقب بمثل هذا المصير، لأنه لا يوافقه الفكر واحيانا يتهم بأنه لا يوافقه ولكنه فعليا معه قلبا وقالبا دون ان يدرك ذلك خصمه عنه ، ومع ذلك فإنه يلقى ذات المصير !!! !!واليوم فإن كل من لا يتفق مع فكر مثل هذه الجماعات هو كافر وادرج الكثير منهم ضمن هذا التصنيف بأسماء ومصطلحات مختلفة وعديدة ، فهذا شيعي وذاك علوي ، وآخر نصيري .. وحتى سني !!. والغريب في الأمر ان هذا الجهاد طاول حتى المساجد والأماكن المقدسة بالخراب والدمار وحرق المصاحف بل ان ثمة من يعتبر القرآن الذي تكفل الله بحفظه بحاجة الى تعديل وان من واجبه كمسلم حق ان يهدم الكعبة لأنها رمز وثني !!؟؟ والأغرب من كل ذلك ان هذا الجهاد اخذ صفة القداسة مع انه ضد الفئات المسلمة في الدرجة الأولى وليس ضد من اغتصب ارض المسلمين ودنس مقدساتها من بني صهيون .!! الكارثة ان ثمة مؤيدين لذلك ويعتبرون ان كل من لا يؤيد هذا الفكر مرتد وكافر وواجب قتله ! اليوم نسبة عالية من سكان دول الخليج يؤمنون بأن ما تقوم به هذه الجماعات صحيح ووجهتهم صحيحة وليس ضد الصهاينة في الجوار القريب !!. اليوم ثمة من يؤمن بأن الجهاد في بلاد الشام مثلا اهم منه في فلسطين ضد الصهاينة اليهود ! الشام التي صدّرت الدين الى اصقاع العالم صار شعبها كافرا والصهاينة بنظرهم اخوة واصدقاء وليسوا بأعداء ، وللأسف !! . كل من يقطن في الشام اليوم ولا يقف الى جانب هؤلاء مرتد وكافر ولذلك يـُقتل المسلم ويـُنتهك عرضه ويـُدمر ملكه !!
في الكويت مثلا – وكثير من دول الخليج – يتنافس اصحاب رؤوس الأموال والشركات للتبرع والحث عليه من اجل هذا الجهاد في الشام وكل من يقصرفي فعل ذلك فهو آثم !!
احد المشايخ قال بكل ثقة : ان الجهاد في الشام اهم من الجهاد في فلسطين !
ثمة من اقترح ارسال دعاة دينيين من تورا بورا ليعلم اهل الشام الدين الحق ؟؟!! واحد من هؤلاء لا يعرف الألف من العصا سيوفد الى الشام – ليعلم اهل الشام التي علمت الدنيا الدين – ليعلمها الدين ؟؟!!
شيخ من مشايخ اولئك افتى بجواز قتل ثلث الشعب السوري ، تحت شعار : ومالو ؟ تصوروا ؟؟!!
بعض مشايخ الخليج يتهيأ لهم انهم يعيشون زمن صدر الاسلام وان ابا جهل وابا لهب هم في الشام حاليا ولذا وجب قتالهم واسرائيل هم مجرد يهود واليهود جيران النبي فهم جيران واصدقاء .. نتيناهو عندما سمع ذلك ادلى ببيان رد على هؤلاء بما فهم من مضمونه : ايها البغال ، نحن اعداؤكم رغما عنكم وكسرا لرؤوسكم ولسنا اصدقاء .. وهجم على غزة ليثبت لهم ذلك !!
نتيناهو يدمر ويحرق ويقتل ليس الحجر والحيوانات وحسب بل البشر : اطفال ، نساء ،شيوخ … ولا احد من العرب او المسلمين يجرؤ ان ينتقداو يعلق ولو بكلمة ؟! وكيف له ان يقوم بذلك وهو لن يبقى في مكانه وعلى كرسي حكمه ان فعلها حقا سوى زمن صدور القرار !!اما قرأتم في شريعتكم ايها المدعون للاسلام ان هدم الكعبة عند الله اهون من هدر دم امريء مسلم ، ام انه كتب في جريدة معاريف الاسرائيلية؟؟ اما قرأتكم ايها المدعون للاسلام عن نبينا الكريم محمد(ص) – ويفترض انه نبيكم ايضا – أن المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ، ام انكم قرأتم ذلك في بروتوكولات آل صهيون ؟ من من العرب والمسلمين تجرأ وانتقد اسرائيل على ما تفعله من جرائم في غزة؟ لماذا عندما غضبوا على سورية عقدوا اجتماعا في جامعتهم فورا واصدروا قرار تعليق عضوية سورية فورا وقاطعوها فورا ؟!
هل يتجرأ احد منهم على اغلاق مكتب اسرائيلي في عاصمته ؟ عندما قال الرئيس بشار الأسد ان النيران ستصل الى الجوار قالوا انه يهدد اشقاءه العرب بينما استند الرئيس الأسد في استنتاجه الى ان سورية والأردن ولبنان والعراق و..الخ ليسوا سوى مجموعات عربية فرقتها الحدود المصطنعة بينما جمعها التاريخ والعادات والتقاليد واللغة والمصير المشترك ، جمعتهم المصالح الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية ….التجارة ، القرابات والعلاقات الأسرية المتينة … فهم كفروع اسلاك معدنية متصلة مع بعضها عندما يسخن احدها تنتقل الحرارة الى الآخرين حسب خواص المادة ولذلك لا بد ان ينتشر الخراب الى هذه الدول كما في اسلاك المعدن شئنا ام ابينا !
اكثر الامور استغرابا هو ما نطق به ملك السعودية مؤخرا وكأنه يعيش في عالم آخر ، قال : نحن ضد ارهاب هؤلاء ولسنا مع ما تفعله اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة !! حيوووووو جلالة الملك ! طبعا قالها “قزة “وليس غزة فهو مشهور في فصاحته وخاصة في تلاوة القرآن ؟؟!!
بعض البغال من اتباع 14 آذار قال بكل وقاحة : ان ما يحدث اليوم في المنطقة هو ماتريده الدولة الايرانية والأسدية على حد تعبيرهذا البغل !!
اسرائيل خاضت اكثر من خمسة حروب وهي تمني النفس في القضاء على العرب والاسلام ولتسيطر على ثرواتهم لتعيش بالسلام والدعة التي ما تزال تحلم بها ، صرفت المال والأنفس لأجل ذلك لكنها لم تحقق ولو جزءا من حلمها الكبير بينما تحقق اليوم من خلال هذه الفوضى وبرعاية امريكية فرنسية انكليزية غربية جل ما كانت تحلم به ودون ان تخسر قطرة دم او دولارا واحدا اذ ثمة من يدفع وبسخاء من جربان العرب ويا ويل من يقصر منهم؟؟!!ان اسرائيل وبما ينفذ لها من مخطط وضعته بالتنسيق مع امريكا وينفذ اليوم سيحقق لها مكاسب عدة اهمها هي : – القضاء على العرب وان بقي منهم البعض فلن يكونوا سوى بعض اشلاء ، هكذا تحلم وخسئت ان تستطيع ذلك بالمجمل .
– القضاء على الاسلام بعد ان تنجح بصهينته وبدعم من العرب والاسلام وللأسف وخسئت ان تستطيع تحقيق ذلك بإذن واحد احد وبتضحيات المخلصين من امة العرب والاسلام وفي مقدمتهم الشعب العربي السوري الأصيل والجيش العروبي الوفي ، الجيش العربي السوري ، وبقيادة هذا الرجل الرائع بشار الأسد ، وان غدا لناظره قريب .
– احداث ما امكن من تفرقة وتجزئة لأمة العرب والاسلام لتخلو لها الساحة على كافة الصعد وبإذنه تعالى لن يتحقق لها كل ذلك ، وان نجحت قليلا بذلك حتى اليوم .
يــا عيــب الشــوم ، ايها العرب والمسلمون ، يا من تدعون انتماءكم للعروبة والاسلام ! وغريب امر العرب والمسلمين فعلا ً ،ان مظاهرة واحدة لم تظهر في شوارع مدن العرب والاسلام ،ولو احتجاجا ً على ما يحدث هذه الأيام ، فهل يجرؤون ؟ غريب انه حتى من هم في الضفة الغربية من عرب ، لم يتحركوا بل حتى لم يستنكروا التزاما بتعليمات اخوانييهم ودعاتهم كرمى لخاطر امريكا واسرائيل فقط حتى كيلا تزعل منهم …!
يا عيب الشوم ايها الأعراب الأذناب والمتأسلمين !!
كم اتمنى لو استطيع ان اقابل ملك السعودية او احد نعاج الخليج الآخرين لأسأله: بربك ، بدينك ، بإلهك ، بعروبتك … ان كنت تعترف بأي من هذه المصطلحات : هل اسرائيل محتلة لفلسطين ام لا ؟ فإن كان الجواب لا وهذا ما اظن انه مجبر ان يجيبه فعلى الدنيا السلام ، اما اذا كان الجواب نعم ، فسأسأله : هل بيت المقدس (المسجد الأقصى )هو اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين كما جاء في القرآن الكريم ام لا ؟ فإذا كان الجواب لا ، فعلى الدنيا السلام وان كان نعم فسأسأله : فأين يكون الجهاد اكثر اهمية ومشروعية ، هل في الشام حيث تعج بالكفرة كما تعتقدون مع انهم بنوا آلاف المساجد ومدارس تعليم القرآن والدين ام عند من احتل بلدا عربيا هي فلسطين وقتل واحرق واغتصب ودنس ويدنس احد اهم مقدسات الاسلام : المسجد الأقصى وسواها من المقدسات ؟ فإن كان الجواب في بلاد الشام فعلى الدنيا السلام ، اما اذا كان الجواب في فلسطين فترحموا على صاحبنا لأنه اختفى !! ايها الأعراب ، ايها المتأسلمون اما يكفي ما تم حتى تاريخه من خراب ودمار وقتل اناس ابرياء؟ اما تحرك فيكم ولو مقدار شعرة شيء من جوهر الدين وصدقية الرهبة من خالق هذا الكون بأن ما تقومون به جريمة لا تغتفر ، ولا بد ان تحاسبوا عليه الحساب العسير ذات يوم ؟
حسبي الله فيكم ايها الأعراب والمتأسلمون . ان كل شيء له نهاية فهل تعتقدون انكم بما تفعلون ناجون . يا حيف عليكم وانتم تتنكرون حتى للخبز والملح ، ولأناس كنا نعتقد انهم اخوة لكم . محال انكم مسلمون فالاسلام دين الرحمة والمحبة وليس دين القتل والاغتصاب كما قال احد المفكرين الألمان مؤخرا بناء على ما يراه في ديار العرب والاسلام!! الا ان الاسلام وبما تفعلون بريء منكم ، افلا تعلمون ؟ام انكم تعلمون ولكن تتجاهلون ؟
سيريان تلغراف | ابراهيم فارس فارس
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)