دمشق … اسم للشرف عنوان، للمقاومة قبلة وضمان، انتفضت فانتصرت المقاومة في غزة ولبنان، مرضت، تعبت، طُعنت من أعدائها، وغُدِرَت ممن احتضنتهم بعواطفها وإرادتها، لكنها أبت الانكسار وأبت إلا أن تكون للنصر طريقاً وأمان.
ارتفع نباح أبناء السوء لإسقاطها أو تدميرها وتهميشها، وتحالفوا مع الكيان الصهيوني لأجل ذلك، وشاركهم المكتب السياسي لحركة حماس وبعض عناصره في دمشق، علّها تتخلى عن عروبتها وقوميتها، وتلتحق بركب الأعراب والطوائف والمذاهب، فكان ردها مزلزلاً من قلب غزة رمز العزة، بصواريخ سورية الصنع والشرف والكرامة تصل إلى قلب مدينة تل الربيع (تل أبيب)، رداً أصبح معه مطار بن غوريون الصهيوني يبدو وكأنه مدينة مهجورة مسكونة بوهم القوة الزائفة، وجعل المستوطنين الصهاينة في حالة ذعر وثبور. فانقلبت الموازين عليهم، وأعلنوا إفلاس قببهم وأساطير حمايتهم الزائفة، الأمر الذي استدعى طلب النجاة من أبواق الأعراب، فلبوا النداء هم وأذنابهم من محللين ومقدمي برامج وشيوخ دم ودعاة تدمير وهدم للدين الصحيح، فسارع أحدهم بالظهور على إحدى فضائيات الفتنة ليتجاهل جرائم الكيان الصهيوني بحق البشرية وإبادته للأطفال الفلسطينيين ويطلق على هذه الجريمة مصطلح الحرب، ويُنكِرُ أن الكيان الصهيوني قد قصف المدنيين الفلسطينيين بالفوسفور الأبيض المحرم دولياً، ويستميت بالدفاع عن فكرته التي تبرئ الكيان الصهيوني من فعل الموبقات وجرائم الحرب كأنه يدافع عن أبيه وولي أمره، وآخر باسم الدين يتهم المقاومين الشرفاء من أهل غزة الذين رفضوا الذل والهوان بأنهم خونة وعملاء، فقد قضّوا مضجع وليُّ نعمته الكيان الصهيوني بإرادة عربية حرة، متجاهلاً قتل الكيان الصهيوني للمدنيين الفلسطينيين والأطفال حتى في ليلة القدر التي قال عنها رب العزة سبحانه وتعالى “سلامُ هي حتى مطلع الفجر” وآخرون استتروا تحت المساعدات الإنسانية برداءة عربية ليعلنوا عمالتهم الوضيعة وجاسوسيتهم برداء عربي لصالح الكيان الصهيوني الغاصب بتشويه أرقى المهن الإنسانية وهي الطب.
ولم تكفهم أدوات الأعراب وعمالتهم لانتشالهم من مأزق غزة، فكانت الدعوة إلى مساندة معلنة من تنظيمات إرهابية مفضوحة، تسعى إلى تدمير ما تبقى من موارد في سورية صانعة القوة والعزة للمقاومة، في محاولة فاشلة لاحتواء زائف للانتصار والإباء الذي أعلنه الرئيس العربي السوري في خطاب القسم لولاية دستورية تمتد حتى عام 2021، الأمر الذي تجسد بارتكاب أبشع الجرائم كما يفعل الكيان الصهيوني في فلسطين، من قتل وإبادة للسكان، وقصف للأراضي الزراعية والمحال التجارية وتدمير مصادر رزقهم، وحصار حتى صياديهم في البحر ضمن حدود 3 أميال بحرية كنوع من تضييق الخناق عليهم لتجويعهم واستعبادهم وإسقاط إرادتهم، وسرق ما تم اكتشافه من نفط في منطقتهم. فكان الهجوم على حقل الشاعر النفطي وارتكاب أفعال مشابهة لما يفعله الصهاينة في فلسطين.
ولعل متاهة الذل الكبرى عند الأعراب بما يفعلوه بتوجيه من بعض قياداتهم العميلة لا تنتهي، فهي تتجسد يومياً في تعميق الانقسام الفلسطيني بين الفصائل المقاومة، وفي مساعدة حركة حماس في هذه الأيام -بعد ارتباطها بالعمالة القطرية- من أجل محاولة إعادة السيطرة المطلقة على القرار الفلسطيني المقاوم في غزة على حساب باقي الفصائل الفلسطينية التي ترفض الخضوع لإرادة عملاء الصهيونية، وتتجسد أيضاً في التعمية والتضليل الذي مارسوه بعض الحكام العرب على جزء كبير من شعوبهم، في إسكاتهم عن الحق المبين في نصرة الأقصى وتحرير فلسطين، أو صمتهم القذر عن إراقة دم الإنسان العربي، دون أدنى خجل حتى مما صرح به أحد أعضاء البرلمان الإنكليزي الذي فضح خيانتهم عندما قال لو كنت في فلسطين لأطلقت الصواريخ على الكيان الصهيوني (إسرائيل).
إن تطورات الأحداث البطيئة في مراحلها والمتسارعة في أدواتها في غزة ودمشق وباقي محور المقاومة، وما يشهده العالم من مواجهة جديدة بين القوى المتغطرسة في العالم وباقي شعوب العالم المستبشرة بصعود منظومة البريكس، لم تترك خائناً أو عميلاً إلا وفضحته، حاملة معها الكثير من المفاجآت القادمة، ولعل أبرزها على ما يبدو اندماج ملفات الجولان وغزة والأردن في قالب واحد، وإعادة بلورة الدولة الكردية المزعوم إقامتها، وإقليم دارفور وجنوب السودان وسيناء، وانتفاضة شعبية عالمية ضد جرائم الكيان الصهيوني وأدواته في العالم، والفضل في ذلك أولاً وأخيراً إلى صمود وتطور محور المقاومة من سورية إلى إيران.
سيريان تلغراف | د. يحيى محمد ركاج
باحث ومحلل في السياسة والاقتصاد
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)