أكدت صحيفة “هآرتس” الصهيونية أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” هي الشريك الخفي والعدو المعلن لإسرائيل في الوقت ذاته، مشيرة إلى أن كل التقديرات تؤكد أنه ليس من مصلحة إسرائيل وحماس التصعيد في الوقت الحالي.
وقال الكاتب تسفي برئي، في مقال تحليلي بالصحيفة إنّ التقديرات والتحليلات التي فحواها أن إسرائيل وحماس ليس لديهما مصلحة في تصعيد المواجهة اكتسبت مكانة راسخة سواء بعد إطلاق الصواريخ من غزة أو على خلفية العثور على جثث الشباب المختطفين الثلاثة.
وأضاف أن تلك التقديرات تبدو ظاهرياً بمثابة صافرة تهدئة لكنها تعكس بالأساس الواقع المتعرج الذي يتعين فيه على كل جانب أن يبدو كعدو وفي نفس الوقت التصرف كشريك.
وتابع بأن إسرائيل أعلنت حربا شاملة على حماس، وهو موقف عسكري واستخباراتي وسياسي اقترن بالتعامل مع تلك الحركة منذ سنوات، وحماس من جانبها لا تعترف بإسرائيل وتصفها بالعدو الذي يجب تصفيته أو على الأقل طرده من المنطقة عبر النضال المسلح، مشيراً إلى أن تلك هي العقيدة الثابتة لنافذة العرض.
وأضاف أنه في ظل الظروف المفروضة على إسرائيل وحماس، وهي ليست وليدة الأسابيع الأخيرة، تجد أن الجانبين مرتبطين ببعضهما بعضاً، حيث أن حماس تحتاج الهدوء في القطاع وليس فقط من أجل مواصلة السيطرة هناك في إطار اتفاق المصالحة مع حركة فتح، وإنما من أجل ترميم علاقتها مع مصر.
وتابع بأنه منذ اللحظة التي تم التوقيع فيها على اتفاق المصالحة انبرت حماس للتخلص من صورة المنظمة الإرهابية والفصيل التابع لحركة الإخوان المسلمين التي وصفتها مصر كتنظيم إرهابي، لكنها حاولت في الوقت ذاته الإبقاء على مبادئ المقاومة.
وأردف بأن حماس أيضاً تواجه قوى أكبر منها مثل مصر وقطر والسعودية، والتي فرضت عليها اتفاقية المصالحة والتنازلات التي قدمتها من أجل تحقيق ذلك.
وأضاف أن إسرائيل أيضاً من جانبها، حتى دون أن تقول ذلك علانية، بحاجة لقيادة قوية في غزة، مشيراً إلى أن تصريحات القيادات الإسرائيلية القائلة بأن حماس تتحمل مسئولية كل ما يجري في غزة لها ثمن سياسي، حيث أن تصريحات كهذه لا يمكن أن تعتبر مبرراً فحسب للهجمات الإسرائيلية أو المساس بقيادات حماس، وإنما هي اعتراف بمكانة حماس ومطالبة لقيادتها ببسط نفوذها وقوتها ضد التنظيمات الأخرى، حيث أنه عندما تكون المصلحة الإسرائيلية هي الهدوء في الجنوب فإن حماس فقط القادرة على توفير تلك السلعة، حتى لو لم يكن ذلك بشكل كامل.
واستطرد برئيل، بأنّ حماس تحملت على عاتقها تلك المسئولية وأثبتت قدرتها على حفظ الهدوء على مدار شهور طويلة، كما أنها أقامت وحدات خاصة لإحباط محاولات إطلاق النار على إسرائيل من قبل المنظمات المنشقة التي تتحداها، وهنا تكمن المصلحة المشتركة بين إسرائيل وحماس التي أدت إلى الشراكة غير الرسمية بينهما.
وأشار الكاتب إلى أن أزمة خطيرة نشبت هنا في تلك العلاقة، حيث أن حماس التي تؤكد أنها لم تعرف شيئا عن الاختطاف ولم يكن لديها أية تفاصيل حول ظروف الاختطاف وعطلت كثيراً مشاركتها في المواجهة الصاروخية مع إسرائيل لا يمكنها إلا أن تدعم منفذي عملية الاختطاف، كما أن إسرائيل التي تحتاج لقيادة قوية في غزة لا يمكنها ظاهرياً أن تسمح لنفسها بخروج حماس دون خسائر.
وأضاف أنه بين جانبي الأزمة يحاول الطرفان التصرف بحذر وبشكل مدروس، فإسرائيل لا تريد فعلاً تحطيم قيادة حماس، وكذلك لا تريد معاقبة غزة بشكل مبالغ فيه، حيث أن عملية مكثفة قد تدفع محمود عباس أيضاً للوقوف بجانب حماس وكذلك اتخاذ خطوات على الساحة الدولية.
وخلص الكاتب إلى أن الجانبين يواصلان إدارة حوار بلغة الإشارة للإقرار بحدود الاتفاق بينهما، مشيراً إلى أنه في ظل غياب اتفاقات رسمية، فإن هذا هو أقصى ما يمكن تحقيقه الآن، وهو ليس بالأمر الهين.
سيريان تلغراف