العقل والمنطق صحة مقولة ما لا يتعارض مع ما إذا كان المرء ملحداً او مسلماً ..هي عبارة نطقها كارل ماركس بغض النظر عن ايمانه او إلحاده فهي أثبتت صحتها مع الزمن ألا وهي (الدين أفيون الشعوب) ….فالمخدر مثلاً يستعمل من اجل عملية جراحية من اجل فيما بعد يخرج المريض سليماً معافى (هنا المخدر ايجابي) ..فإذا استعمل الدين كمخدر مؤثر إيجابياً في معالجة حالة مسلم ما بحاجة للتذكير بقضاء الله وقدره والبلاء من حيث لنبلوكم أيكم أحسن عملاً فهنا استخدم الدين من اجل شيء ايجابي بناء ..ومن جهة اخرى حين يستعمل الدين (تحت نفس المصطلحات) من أجل حشو الدماغ وغسيله وتحريضه على التفكير بتكفير الآخرين من خلال استعمال نصوص وآيات وتفاسير وتأويلات هي أصلاً محرفة ومغيرة بوصلتها بفعل أيدٍ خبيثة هدفها تحريف الكلم عن مواضعه واضعة مصلحة الشعوب عنواناً لها (زوراً وبهتاناً) من اجل استقطاب أكبر عدد من المؤيدين لتيار سياسي ما من اجل غايات سياسية تخدم حكاماً قام حكمهم بهدف الوصول الى السلطة وليس بهدف مصلحة الشعوب …يعني بكلا الحالتين الدين أفيون الشعوب من اجل اجراء عملية غسيل دماغية سواء لمحو آثار سلبية لتحل محها اثاراً إيجابية أو لمحو آثار إيجابية لتحل محلها آثاراً سلبية هدامة في تكوينها ..
والدين كان وما زال مطية حكام الجور في الوصول الى السلطة حيث أمام الدين يضعف المرء “الجاهل خاصة” وخاصة ذلك الذي عنده شعور ان نفسه مملوءة بالخطايا والذنوب وأن هذا الدين مخلصه ومطهره من كل ذنب عظيم ..فتأتي الشعوب أفواجاً أفواجاً لكي تدخل تحت مظلة هذا الحاكم أو ذاك “ظناً منهم” أنه خلاصهم في تطهير انفسهم وأن دينهم هذا هو السبيل الى جنة عرضها السموات والارض..والدليل حين انتخب مرسي (البائد) صوروه على انه المهدي المنتظر ومخلصهم والآخذ بهم الى جنة النعيم لدرجة أنهم أولوا أحاديث نبوية وآيات قرآنية انها نزلت فيه لذلك انتخبوه وبقوة..
والدين هو الذي جعل منه الصهاينة طريقاً لهم الى قلوب يهود العالم من اجل ان يأتوا الى أرض الخلاص ويلسبوا فلسطين لهم وطناً آمناً لهم على انها أرض الميعاد…
وفي تاريخ الاسلام كثيرون استعملوا تحريض الشعوب بواسطة الدين ولمجرد وصولهم الى السلطة يفصلون ديناً خاصاً بهم يتماشى مع أهدافهم السياسية
فمثلاً تحريف الحديث بعد رحيل النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)عن هذه الارض كان متعمداً ولو لم يكن متعمداً لتغيير الحقائق من اجل الوصول الى سدة الحكم لما كانوا حرفوه واستخدموا أقلاماً تكتب فقط ما يروق للحاكم وحاشيته
فحصل تشويه متعمد للحديث وتحريف الكلم عن مواضعه خدمة لحاكم كل فترة آنذاك و وصلوا لدرجة قطع رؤوس وقتل ونفي كل من حفظ الحديث عن النبي في تأويل القرآن وخاصة الايات النازلة في ولاية امير المؤمنين علي عليه السلام ..فعلى سبيل المثال اكثر رواة الحديث خُدّام السلطة أوّلوا القرآن والحديث النبوي الشريف من خلال كتابة أحاديث في جعل أناس أفضل من امير المؤمنين علي (ع) وليس العكس.بل وصل الامر ان قدموا صحابة على رسول الله (ص)………سؤال يطرح نفسه لو لم يكن يوجد هدف سياسي وتحريف الدين عن بوصلته الاساسية فلماذا إذن عملوا على دفن كل من حفظ القرآن وتأويله ووضعوا اسرائيليات دمجوها بالاحاديث النبوية الشريفة ويتداول بها اليوم على انها صحيحة؟؟
منهم من لم يعلن صراحة هذا الأمر (استحى) أوخاف من الاغلبية الساحقة(العارفة) التي عاصرت الرسول (ص) وأخذت عنه الحديث الاصل.. ولكن معاوية بن أبي سفيان (لم يكن خجلاً)و لم يتوانَ عن فضح مآربه حين اعتلى كرسي الخلافة التي أخذها عنوة من الإمام الحسن بن علي “المجتبى” (عليهما السلام) فقال : ( ( يا أهل الكوفة أترونني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم وألي رقابكم ، وقد آتاني الله ذلك وأنتم له كارهون . ألا إن كل دم أصيب في هذه مطلول ، وكل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين))))))/راجع الكامل لابن الاثير وغيره
العباسيون استخدموا آل محمد (عليهم الصلاة والسلام) دعاية لهم وأن المهدي منهم فركب معهم من ركب وساعدوهم في اعتلاء السلطة .ولما وصلوا الى الحكم أمعنوا السيف في رقاب الامويين وعملوا على ابادة جماعية للعلويين خاصة (اهل الحكم الاصلي في ولاية أمر المسلمين ) وكانت المقابر الجماعية وتركة المنصور الدوانيقي المتعطش للدماء (الذي سماه أبو حنيفة باللص المتغلب على الخلافة) لابنه من رؤوس العلويين في اسطوانات بغداد خير دليل على انه ادعى امر اهل البيت عليهم السلام من اجل السلطة وليس حباً في الله ورسوله واهل بيته ..ووصل لدرجة انه تباهى بأنه فوق الرسول وفرح بمن ادعوا له الالوهية حيث قالوا عنه رب العزة هذا الي يطعمنا ويسقينا/انظر تاريخ الطبري/
وبعدها العباسيون بشكل عام قضى بعضهم على بعض من اجل السلطة وقضى الرشيد على جعفر البرمكي الذي صار يتصرف بالخلافة العباسية كما لو انه خليفة عباسي فلما استفحل الامر وصار الآمر الناهي في البلاد (مستعيناً بفقهه الديني ومعارفه الواسعة) قُضِيَ عليه لكي لا يكون الامر له في نهاية المطاف ونفي الرشيد وغيره من العباسيين وإبادتهم.
.والقرامطة أيضاً اعتلوا السلطة باستخدام دعاية الدين ونبذ ما يسمى عنصرية اي استعملوا مزدوج الدين والعنصرية معاً فكانت حركتهم السياسية بلبوس الدين انجع لهم ……
هذه نمازج مختصرة عمن جعلوا الدين مطية لهم في اعتلاء السلطة عبر التاريخ وفي التاريخ الحديث السعودية وآل سعود ومحمد بن عبدالوهاب قامت دولتهم وسلب مكة وشعابها بإمعان السيف والتكفير والسبي والقتل والاغتصاب..
والاخوان المسلمين حيث لم يتوانوا عن اي فعل حرام سواء في رقاب الناس او في اي معاهدات تضمن له الوصول الى السلطة .. وما يسمى داعش وأخواتها أشهر من نار على علم في جرائمهم الوحشية ضد السوريين والعراقيين ..
إنه الاسلام المسيس المعروف بمصطلح (الاسلام السياسي) ولكن الفرق بين الاسلام السياسي بالامس واليوم أنهم نجح أصحاب هذا التيار في الأمس في الوصول الى الحكم (بكل وسائل الوحشية وغير الوحشية) وحكموا لعقود طويلة إنما في وصول مثلاً الاخوان المسلمين الى السلطة في مصر مؤخراً لم يدم عمرهم السياسي طويلاً وذلك بسبب الوعي الذي طغى على عقول الشعوب فانتفضوا وأقالوهم (بغض النظر عن البديل لأنه ليس أفضل منهم على كل حال)…
الثورة الاسلامية في إيران قامت ايضاً بفعل الدين وتحت تأثير مخدر الدين من حيث ايقاظ عقول الشعوب المستضعفة وتحريضها على رفض الظلم تماماً كما فعل رعاة مايسمى الاسلام السياسي ويفعلوه اليوم ولكن الفرق بين الحالتين أن الامام الخميني ودعوته الدينية كانت صادقة وهدفها الاساسي هو كرامة المواطن الايراني وان كرامة الشعب الايراني من كرامة القائد وبالعكس وانهم صحيح اعتلوا السلطة باسم الدين الاسلامي (الشيعي الامامي الاثني عشري) ولكنهم جعلوا الاسلام في خدمة الشعب وليس الاسلام في خدمة الحاكم فقط من دون الشعب
إذن كان مخدر ديني ايجابي فيما يتعلق باستخدام الدين في ايران ونتائجه نتابعها اليوم وتباعاً حتى بطريقة تعاملهم مع الاحداث خارج حدود ايران..
فرق شاسع بين خطاب قائد الثورة الاسلامية في ايران في الدعوة الى الوحدة بين المسلمين (باسم الاسلام)وبين خطاب الآخرين في الدول العربية الى التفريق بين المسلمين وقتل بعضهم البعض ( باسم الاسلام) …..
الوحدة الإسلامية في كلام السيد القائد الخامنئي
http://www.youtube.com/watch?v=G8fh58JrKsE
وبين من يدعو الى التفريق بين المسلمين المحرض على مقاومة حزب الله ووصفه بحزب الشيطان والفتوى بهدر دماء علماء مسلمين سنة على انهم دعاة للنظام كما فعل من يسمى رئيس الاتحاد العالمي للمسلمين القرضاوي
المقطع الأعنف في خطبة الجمعة للشيخ القرضاوي يصف حزب الله بحزب الشيطان
http://www.youtube.com/watch?v=J-npCduuHNw
هذا قائد مسلم(الخامنئي) ، وهذا قائد مسلم (القرضاوي) وشتان بين القائدين قائد يدعو الى الرحمة بين المسلمين والوحدة وقائد يدعو الى التفريقة وقتل المسلمين بعضهم بعضاً فكاناً مثالاً أحدهم إمام هدى والاخر امام ضلال..
وفرق كبير بين خطاب الرحمة والمودة من قبل سماحة الشيخ بدر الدين حسون وبين خطاب الفتنة والتحريض والتكفير من قبل من يعتلي منابر السعودية وقطر وما بينهما
إنها اخلاقيات (وإنك لعلى خلق عظيم) في أمة محمد تُضَادُّ اخلاقيات السفهاء من امة محمد
وعليه السؤال الذي يطرح نفسه هو انه هل نموذج ايران والسعودية يندرج تحت مسمى اسلام سياسي ام سياسة اسلام؟
أقول : إن كان جعل الاسلام في خدمة الحاكم وكرسيه وضمان عرشه فهنا نجد اسلاماً سياسياً مهجن على الطريقة التكفيرية التي عاشتها الشعوب المستضعفة في التاريخ ونعيشها اليوم حيث يكفر كل من ليس مع هذا الحاكم بل ممنوع الخروج على الحاكم (إلا في سورية طبعاً على اساس ان الحاكم كافر بنظرهم) هذا الاسلام السياسي الميت أصلاً في مهده لأنه اسلام مزيف وغير شرعي ..وان كان جعل الاسلام وسياسته (على اساس ممارسة سياسة رسول الله (ص) في السلم والحرب وجعل هذا الاسلام في خدمة الشعوب المستضعفة وجعل مصلحة الشعوب فوق كل اعتبار فهنا نجد سياسة اسلام تمارس في هذه البلاد وليس اسلام سياسي همجي بربري وحشي لأنها سياسة منبثقة عن سياسة رسول (الاسلام) في طريقة التعايش المشترك سواء في البلد الواحد او مع البلدان الاخرى كما تفعل ايران اليوم حيث مع عدو الاسلام هي عدوة له ومع المسلمين ومع صديق الاسلام هي صديقة ..
ختاماً
أخذ على الرئيس الاسد في تعليقه على انهيار حكم مرسي الاسلامي السياسي حين قال (انه سقوط للاسلام السياسي) لدرجة استعملها اعداؤه ضده على انه طعن ايران وحزب الله في هذا القول ولكن الرئيس الاسد عنى مايقول لأنه يعلم يقيناً ان سياسة ايران وحزب الله سياسة “راقية اسلامية صافية” يمارسون الاسلام على الطريقة السياسية المحمدية الاصيلة في السلم والحرب ولا يمارسونها على الطريقة الاخوانية الداعشية السعودية البربرية الهمجية التكفيرية الابادية وشتان بين المصطلحين اسلام سياسي هدام وسياسة اسلام بناءة .وكذلك في سورية كما قلت سابقاً في مقال صحيح ان هوية سورية أموية “تركة بني أمية” ولكن الحكم اليوم يندرج تحت سياسة اسلام في خدمة الشعب وليس اسلام في خدمة الحاكم ولو كان اسلام في خدمة الحاكم كما في غيرها من البلدان العربية لما قامت ثورة ضد هذا الحاكم وأئمة المسلمين في سورية بشكل خاص….
سيرياناSyryana
https://www.facebook.com/SY.RY.ANA.SYRYANA
سيريان تلغراف | عشتار
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)