Site icon سيريان تلغراف

هل أمة اليوم خير خلف لأمة الأمس ؟؟!! .. بقلم ابراهيم فارس فارس

أنا أعتقد جازما ً ، أن امة العرب والاسلام معا ً ، لم تصل يوماً منذ بدء تاريخها الى هذا المستوى المتدني سياسيا ً ووطنياً وقومياً وانسانياً واخلاقياً ودينياً ، كما وصلت اليه اليوم !!

لم أسمع يوماً ولم أقرأ أن مسلماً قتل أخاه المسلم فقط لأنه يخالفه الرأي مع أن أخاه ملتزم بدينه وربما مقامه عند ربه أعلى وأحسن !

لم أسمع يوماً أن مسلماً أباح قتل مسلم وأباح عرضه وشرفه وملكه مع انه يشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ويصلي ويصوم ويؤتي الزكاة ويحج عندما يستطيع ، فقط لأنه ليس معه في الرأي!!

لم أسمع ولم أقرأ يوماً ان اسرائيل ليست محتلة لأرض فلسطين وانها وبدعم امريكي وغربي لم تحتل الأرض وهجرت الشعب وانتهكت الأعراض ونهبت الملك وانها لم تدنس أقدس مقدسات الاسلام المسجد الأقصى ثم يأتي بعض قادة وعلماء الدين في دول العرب والاسلام ليفتوا بأن الجهاد في سورية أهم من فلسطين ؟؟!!

لم أقرأ ولم اسمع يوماً ان حاكماً يحكم بلده بقبضة من حديد سوى في بلاد العرب والاسلام انه يطير بنفخة من اسرائيل او امريكا عندما تنزعج منه لسبب أو لآخر ، كما حدث في قطر مثلاً!!

لم اسمع ولم أقرأ يوماً ان حاكما ً في العالم ما عدا بعض الحكام العرب يجتمعون ويلقون الخطابات ويصرّحون .. ولكن بما لا يخالف تعليمات امريكا واسرائيل المسبقة ، ويا ويل من يخالف ؟!

منذ فترة ، وربما بعيدة بعض الشيء ، اقتحم الصهاينة المسجد الأقصى ومعهم بعض السفلة من الشباب والشابات ، وقام هؤلاء بأفعال يندى لها الجبين في ردهات المسجد الأقصى ، فهل تجرأ ولو واحد من قادة العرب والاسلام ان يعلق ولو بكلمة واحدة تعبر عن بعض الانزعاج ؟ خللي القبضاي يحكي شي كلمة لحتى يشوف حالو بأنو مزبلة بدو يصير !!

ملك السعودية المرحوم فيصل ، بعدما زار القنيطرة عام ثلاثة وسبعين وبعد نصر تشرين ، حكى الزلمة كلمة ،مجرد كلمة ، قال: سأصلي في القدس .وكان قصد المرحوم انه يتمنى كمسلم ان يصلي في المسجد الأقصى ذلك المحراب الذي اول من توجه بالصلاة اليه سيدنا محمد(ص) ، لكن اسرائيل اعتقدت انه ربما يقصد تحرير بيت المقدس ، فأرسلت له ابن أخيه بعد ان جننته ، وقتله !

الملك عبد الله الحالي ، لم يُكلف ولم يُوافق على توليه مقاليد الحكم الا بعد تعهده بعدم مخالفة اسرائيل وامريكا !

تصوروا ان احد خلفاء بني عثمان رفض يوما ً السماح بهجرة اليهود الى فلسطين بينما وافق مؤسس السعودية على ذلك وبارك !

ملك الأردن من الجد حتى الحفيد ، منبطح امام الرغبات الاسرائيلية والامريكية والا يذهب مع الريح ، وتنقطع عنه المعونات التي يعيش عليها كما يعيش المريض على السيروم ! جلالة الملك هذا ، عندما حدثت كارثة البرجين في نيويورك ، طار الى امريكا وعند موقد الحطب ، وقف بكل احترام امام الرئيس بوش يومها قائلاً بالانكليزية : نحن وشعب الاردن معكم ومع الشعب الأمريكي .. وأنا هنا لأفعل ما ستقوله لي ؟؟!!

والغريب وعبر التاريخ ، ونتحدى كل من يدعي غير ذلك ، ان سورية وسورية وحدها ، لم تقصر يوماً تجاه أي بلد عربي بل وحتى الأجنبي خاصة اذا كانت لقضيته صفة انسانية ووطنية . فمثلاً كانت مع السودان دائماً قلباً وقالباً ولما وقفت السودان أحيانا الى جانب سورية وفاء لما قدمته لها ، دبرت الصهيونية لرئيسها قضية في المحكمة الدولية فصار ملاحقاً اينما ذهب ومهدداً بالاعتقال ،وتم فصل نصف السودان عنه ، حتى وقف أخيراً ضد سورية في أكثر من محفل !! هذا مثال على بلد عربي ومسلم ، اما جنوب افريقية غير العربية وغير المسلمة فإن قائدها مانديلا في تسعينات القرن الماضي وعندما قصدها وفد سوري لطلب مساعدات تقنية قال يومها : اعطوا سورية ما تطلب فهي دولة لها علينا فضل ونحن لا ننسى .. ولم يحسب يومها حساب امريكا او اسرائيل ، كما عند قادة العرب الأشاوس!!

لا أحد يستطيع ان ينكر ان سورية كانت البلد الوحيد الذي كان يأتيه المواطن العربي ويتجول في انحائه كما لو أنه في بلده بل وأحسن من بلده . ولكننا بطيبة قلوبنا ودافعنا الوطني الصادق جعلنا ندفع الثمن غاليا هذه الأيام ، فقد كان قسم من هؤلاء مجرد عملاء اتوا لتنفيذ مؤامرة ضد سورية وتنفذ اليوم !

سورية مثلاً هي البلد الذي ضحى أكثرمن أي بلد آخر في سبيل فلسطين – وبدون أدنى منة – فقد احتضن الشعب الفلسطيني وفتح ابوابه اما م كل الفصائل لتمارس حقها في النضال ومنها حماس ، وآخر ما كنا نتوقعه من حماس هذه ان تكون احدى ركائز الأخوانية وانها تجاهد على أرض سورية بدل فلسطين !!؟؟

ان ما يحصل اليوم في سورية ليس سببه اننا لسنا ديموقراطيين مثلاً ، وان كان ذلك هو السبب، فهل يجرؤ حاكم عربي ممن حضروا آخر مؤتمرات القمة العربية ان يصرح جهاراً بأنه ديموقراطي ؟ مع أننا نسبقهم جميعاً بسنيين ضوئية في مجال الديموقراطية وخاصة ملوك البترول !! اسرائيل وامريكا وبريطانية خططوا ، والعرب والاسلام ينفذون ويا ويل من لا يتقيد منهم بالتعليمات! ولكي يتحقق ذلك كان لا بد من صهينة الاسلام وتوظيف العملاء الذين دفع لأجلهم الملايين ومن اموال العرب وللأسف ، كي ينصبوهم أئمة ودعاة ، فصار لدينا المسيحي والعلوي والرافضي وسواهم كثيرمن الأسماء والمصطلحات المفرقة ..كما حاولوا ان يصنفوا ويخلقوا ، بعدما كان السوريون جسداً واحداً لا تميز فيه انساناً عن آخر الا بقدر مواطنيته …ثم أفتوا بأن كل اولئك كفرة ويجب قتلهم وقتل ابنائهم وكل من يلوذ بهم لأنهم كما يدعون ويروجون خطر على الاسلام ، حتى أنهم يصنفون كل من يقف مع الحكومة بأنه كافر!! . ومن اجل ذلك يتم تدمير سورية وترتكب فيها كل هذه الجرائم ، وهو الحلم الذي طالما تمنته اسرائيل ويتحقق لها اليوم وبدون ان تهدر اسرائيل قطرة دم ، او ان تخسر دولاراً واحداً !!

يا عيب الشوم على هيك امة عربية ، وهيك قادة عرب وهيك شعوب عربية لم تستطع حتى الآن ان تنتبه الى حقيقة المؤامرة ضد هذا البلد الذي لم يقصر بحق احد كرماً وعطاءً ومحبةً !

يا عيب الشوم على هيك امة اسلامية انتيكا ، تنام على كل شيء الا تحقيق مصالح اسرائيل كيلا يجتاحها الاعصار الاسرائيلي ويطيح بحاكميها من على كراسيهم النتنة!

اين الضمير والوجدان ايها العرب والمسلمون ؟ هل اذا كنتم على خلاف مع الحكم في سورية فإن هذا يعني ان تدمروا هذا البلد ؟ الم يؤلمكم ضميركم ولو قليلا وانتم ترون النساء والأطفال والأبرياء يقتلون من دون سبب ، فقط لأن هذا ما تريده اسرائيل!

يا عيب الشوم على هيك امة وعلى هيك شعوب مغيبة ، اهم ما لديها ان تأكل وتشرب وتعاشر النساء كالحيوانات ، وأخوة لهم يقتلهم من توهم الجهاد وهو قادم من آخر الدنيا !هل تعلمون ايها الشعب العربي ان واحداً من بني شيشان يدعي الجهاد في سورية وهو يعتقد انه انما هو في فلسطين ويقاتل الصهاينة ؟ حتى في مصر التي لم تكن الأمة العربية بخير الا عندما كانت سورية ومصر متحدتان ، يأتي اليوم احد اعلامييها توفيق عكاشة وفضائياتها الوطنية لتهلل للموقف السعودي بدعم القيادة في مصر ضد الأخوان وكأن مصر بقامتها العالية ومثقفيها لا يعلمون ان السعودية عمرها لم تكن الا في صف اسرائيل وضد كل ما هوعربي واسلامي ! اذ كيف يقبل المصري ادعاءات السعودية والامارات بالوقوف ضد الأخوان في مصروهم قلبا وقالبا مع الأخوان في سورية!!

اللهم يارب غفرانك ورحمتك . اللهم يارب عفوك . اللهم يا رب لا اعتراض على حكمك . فأنا مجرد انسان ولي الفخر انني مسلم ملتزم بما امرتني به من خلال قرآنك الكريم ونبيك الأمين محمد(ص) . قرأت في كتابك العزيز :”وما اوتيتم من العلم الا قليلا ” وكذلك قولك : ” وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم ” وبرغم انني لا املك الا ما وهبتني من العقل ، فإنني وبما املكه اتساءل وبعد ان قرأت في كتابك العزيز : ” كنتم خير امة أخرجت للناس ” فهل هذه هي خير أمة أخرجت للناس ؟ عندما ناقشت هذا الأمر مع صديق متنور قال لي : الأمة التي عنتها الآية الكريمة – والله أعلم – هي الأمة التي فتحت الأندلس ووصلت الى حدود الصين ، وليس هذه الأمة هذه الأيام ، وقديما ً قالوا : خير خلف لخير سلف ، فهل هذه الأمة هي فعلاً خير من يتابع حمل راية تلك الأمة الغابرة المجيدة ؟ يقيناً ، ليست هي ، والواقع المؤسف الذي وصلنا اليه خير دليـــل !.

سيريان تلغراف | ابراهيم فارس فارس

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version