صحيفة “موسكوفسكيه نوفوستي” تنشر مقالة للمحلل السياسي فيودور لوكيانوف يتناول فيها بالتحليل، الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية. يقول لوكيانوف: إن الأجواء في المجتمع الإسلامي تتغير. حيث أصبح الإسلام الراديكالي جزءا لا يتجزأ من العملية السياسية. وجاء ذلك في آن واحد مع العمليات السياسية الجارية في أوروبا، والتغييرات في الموقف الجماهيري هناك، نظرا لتفاقم مسائل الهجرة والتعايش بين الثقافات. وهذا ما أدى في النتيجة، إلى أن جميع الأحزاب التي كانت تعتبر في الماضي راديكالية بالكامل، أو حتى متطرفة (اليمين المتطرف)، أصبحت جزءا رئيسيا من التيارات السياسية. وفي هذا السياق يمكن التأكيد أن مصير الحكومة في هولندا أصبح مرتهنا بمزاج أو موقف حزب “غيرت فيلديرز” المعادي للإسلام وللمهاجرين. وفي فرنسا، جاء حصول مارين لوبين المرشحة للرئاسة الفرنسية على نسبة لا يستهان بها من أصوات الناخبين وهي 20 % ، جاء نتيجة لمناظراتها داخل “الحركة الشعبية المتحدة” الديغولية، حول أهمية التعاون مع اليمين المتطرف.
إن التزامن في ظهور هذه الأمزجة في أوروبا والشرق الأوسط، وسيرهما بشكل متواز ينذر بظهور بوادر غير سارة في علاقات هذين الجزئين من العالم، المرتبطين ببعضهما ارتباطا وثيقا. ذلك أنه في الوقت نفسه، تتنامى قوة الحركات التي تتغذى على أفكار متشابهة من حيث الروحية، لكنها مختلفة من حيث الأهداف؛ حيث يعارض الإسلاميون الغرب. والمناهضون للهجرة في أوروبا ـ يعادون الإسلام والمنحدرين من أصول شرق أوسطية. أي أن الأساس الإيديولوجي لتصعيد التوتر أصبح ظاهرا للعيان.
ويضيف لوكيانوف أن أحداث ما يسمى بالـربيع العربي، تفتتح حقبة جديدة نوعيا. ذلك أن رغبة الشعوب الاسلامية في التحرر، تتخذ طابعا ديموقراطيا في ظاهره، لكن قوى إسلامية متطرفة، تكمن خلف ذلك الستار الديموقراطي. ولا يستطيع المجتمع الدولي أن يتعامل مع هذه القوى، باستخدام أسلوب مكافحة الارهاب. وكل ما يستطيع فعله هو: إما الاعتراف بحقها السياسي في الصعود إلى سدة الحكم، أو شن حرب شاملة ضد تلك الدول، التي تنتعش فيها هذه المجموعات. من الواضح أن الغرب اختار الخيار الأول. وفي محاولة منها لعدم فقدان زمام المبادرة، نرى الدول الغربية تساهم في التغييرات الديموقراطية وحتى أنها انخرطت في صراع الشعوب الثائرة ضد الأنظمة الاستبدادية بكل الوسائل، بما في فيها العسكرية منها. لكن استرتيجية التعاون المشترك مع تطورات الأوضاع في الدول التي نجحت في الإطاحة بأنظمتها، توحي بأن هذا الغرب، يمكن أن يندم لاحقا. لأنه ليست هناك أية ضمانات بأن الأنظمة الصاعدة، يمكن أن تنتهج سياسات عقلانية.