مما لا شك فيه أن الانتخابات التي تجري حالياً هي صفعة بحجم الوطن لمن كان يتاجر باسم الوطن وهو يعيش خارج الوطن , ولا شك أيضا أن الاقبال الجماهيري على الانتخابات بشكل غير مسبوق ما هو سوى ركلة جزائية في مؤخرات أولئك المأجورين الذين كانوا يطلّوا كل يوم على قنواتهم الإعلامية وفي ساحاتهم الإفتراضية كي يقولوا أن النظام الأسدّي ساقط وأن الشعب يريد تغيير النظام , واذّ تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وتبينّ أن غالبية الشعب يريد هذا النظام وأغلبية الشعب يقف الى جانب الدكتور بشار الأسد . وانكشفتّ الكذبة الكبيرة التي حقنوا بها رؤوس الكثير من العرب ومن الأجانب طوال أربع سنوات , ولم يعد بمقدورهم إخفاء إحراجهم أمام هذا الشلال البشري المتقدم للتصويت إلا بمنعّ إجراء هذا التصويت على أراضيهم معتقدين أنهم بهذا الفعل الرخيص سيغطوا على كذبتهم ويثبتون أن الانتخابات ليس فيها شرعية في الوقت الذي أثبتّ الشارع العربي أن الشرعّ كل الشرعّ في شرعية هذا النظام .
يوم الإتتخابات السورية ليس يوم عادي أبداً , ولن يكون يوما عاديا أبداً , فانظروا الى الهستيرية التي تنساب من أفواه الذين إعتقدوا أنهم يملكون حقّ التكلم باسم الشعب السوري , وانظروا الى التخبط الأعمى الذي بدأ فيه بعض الإعلاميين الغارقين الى ذقونهم القذرة في مستنقع الثورة السورية , كيف يخرج الزبدّ من أفواههم وهم يلعنون ويشتمون ويسبّون , وانظروا الى الذين كانوا بالأمس يقولون أن النازحيين السورين كلهم يريدون إسقاط النظام الأسدي في الوقت الذي كان تدافع النازحين السوريين أمام السفارات بمثابة خازوق كبير جلسوا عليه اولئك الذين كانوا يمدون العصابات المسلحة بالحليب والفوط , وانظروا الى حدود سورية بتمعنّ شديد كي تكتشفوا أن سوريا يحدّها من جهة الجنوب إسرائيل العبرية ومن باقي الجهات أيضا إسرائيل العربية .
لقد جلست الثورة السورية اليوم على أرصفة دمشق مثل بائعة الهوى تتسولّ حقّ الانتفاع بالسلطة , في الوقت الذي ما زالت أمها السعودية تشعل لها حطب الحقدّ والكره في صدرها وتثيرها على المشي في الشوارع كي تبثت للناس أن البرد قاتلها لا محالة , ,وما زال الحنطور القطري يقدم لها كل التسهيلات في المواصلات بين الدول المتآمرة على سورية كي تستطيع الوصول الى اي مفرق من مفارق الحي وتبيع شرفها لأي طالب , وما زالت اسرائيل تقدم لها يد العون والاغاثة وكأنه نسينا أو تناسينا من هي اسرائيل المحتلة للأراضي العربية وقاتلة الشعب الفلسطيني , نسينا عناقيد الغضب ونسينا مجازر صبرا وشاتيلا ونسينا سياسة تكسير العظام وما زال هناك حمير عربية تضع يدها في يد هذه القاتلة متناسين أنها مثل العنكبوت السوداء تقتل زوجها بعد أن تمارس الرذيلة معه , وهذا ما أثبته جهاد النكاح الذي أفتوا فيه يوماً والذي طالما تكلمنا عنه بأنه مجرد دعارة قذرة يمارسها إبن حرام مع بنت حرام باسّم الحلال والحرام .
وأنا أتفقّ تماماً مع الذين يعتقدون أن يوم الإنتخابات الحالية ما هي سوى تمثيلية منتهية سلفاً , وأن النتيجة معروفة حتى قبل أن تفتح صناديق الاقتراع , وهو أمر لا يدل على سخافة التمثيلية بقدرّ ما يدل على حقيقة واضحة جداً للجميع بأن الشعب لم يكن يوماً يريد تغيير النظام بل على العكسّ ما زال يؤمنّ فيه ويدفع من دمه وروحه الكثير للحفاظ على هذا النظام , وحين روّجوا على إعلامهم بأن النظام صار مثل الشتاء القاتل الذي ترك شعبه ينام تحت رحمة البرد ,أرسلوا له بائعة الكبريت العاهرة كي تشعل لهم عود ثقاب إسمه الثورة السورية , معتقدين أن عود ثقاب سيشعل البلد كما أن بوعزيزي حين أحرقوه أشعلوا فيه البلد . وبقدر ما يحاولوا أن يظهروا أن الانتخابات هذه ليست شرعية في فصول خياناتهم يزيد إصرار الشعب السوري على القيام بهذا الحق الموسمي متجاوزين كل العراقيل التي وضعتها البلاد القذرة التي منعت حقّ الانتخاب على أراضيها .
اليوم نحن على موعد مع الإشتعال الكبير , وبائعة الكبريت التي تتأبط علبة عيدانها فرغت كلها , ولم يعد معها أي عود ثقاب كي تستدفئ منه ولو قليلا , والأرصفة الدمشقية لفظت كل خطواتها , والثلج الحلبي لم يعد يتشرف بوجود آثارها عليها , والتمر السعودي صار طعمه مراً في حلوق السوريين , والغاز القطري على موعد مع نهاية صلاحيته , والنخوة الأردنية صارت على مرمى حجر ويدفنوها تحت التراب , والتبولة اللبنانية فقدت نكهتها ولم تعد صالحة للأكل البشري , والوجود الفلسطيني على موعد كبير مع طمس هويته الضائعة , والنفاق التركي والطعن الأردوغاني سينتهي لا محال , لأن سورية هي الدولة العربية الوحيدة التي اكتشفنا بعد هذه الأزمة أنها دولة تملك حدود مفتوحة مع الجميع والجميع تبين أنه يملك جبهات قتال بلا حدود على سورية .
\
/
على حافة الانتخابات السورية
الانتخابات السورية
صفعة بحجم الوطن
لكل من تاجر باسم الوطن
وهو يعيش خارج الوطن
سيريان تلغراف | بلال فوراني
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)