لقد كان الهدف منذ بداية الحرب الكونية على سورية و ما زال هو إسقاط نظام الأسد و قد اعتمد الصهاينة على إسقاطه اعتماداً كلياً على الحرب الإعلامية التي تستخدم فيها جميع الأسلحة عدا السلاح الحقيقي و خاصة على المحطات الفضائية التي تبث سمومها من خلال عرض مشاهد مثيرة للشفقة لتغسل بها العقول و تعيد برمجتها فهي تحاول الضغط على الرأي العام من خلال التلاعب بعواطفهم و مشاعرهم و الذي سيؤدي لتبديل مواقفهم.
هذا هو الفكر الماسوني الذي يتبعه الصهاينة في حربهم الإعلامية على سورية لأنه يعتمد على تغذية الغرائز لتحريكها و إطلاق حريتها و تجميد العقل بتقييد حرية الفكر و استبداله بمنح الحرية المطلقة للغرائز و هذا ما سيساعد بالضغط على الرأي العام لكي يطلق حكمه من خلال ما شاهده بالعين و ليس بالفكر لأن إزدواجية الفكر العربي بشكل عام قّيدت حرية الفكر و منحتها للغرائز.
و لم يكتف الصهاينة بما اقترفوه في سورية بحرب الوكالة من جرائم لم يشهدها التاريخ من قبل في الحروب السابقة بل بدأوا يمارسون بديموقراطيتهم الضغوط على الجالية السورية في الخارج ليمنعوهم من ممارسة حقوقهم الشرعية في الإنتخابات الرئاسية للجمهورية العربية السورية و هذا عندما اتخذوا قراراتهم الهستيرية مؤخراً بإنهاء العلاقات الدبلوماسية بشكل مفاجئ مع سورية و قاموا بإغلاق السفارات السورية في كندا و أميركا و قد احتفظت كندا بالقنصليات الفخرية فقط الأولى موجودة في مونتريال و الثانية موجودة في فانكوفر و مهام هذه القنصليات هي مهام إدارية تهتم بشؤون المواطنين و ليس بشؤون دولتهم و هذا كله ليزيحوا كابوس الرعب الذي يلاحقهم من طريقهم الممثل بشخصية الأسد لأنهم باتوا متأكدين من فوزه بالإنتخابات الرئاسية.
نظام الأسد ربما لا يكون نظام عادل و يحمل الكثير من الأخطاء و لكنه الأفضل بالوطن العربي فالأسد لم يكن رئيساً حاكماً على سورية فقط بل كان قائداً و أباً و أخاً يتعايش مع شعبه و جيشه و وجوده كرئيس لسورية في هذه المرحلة الحاسمة من الحرب مهم جداً لأن وجوده مرتبط ارتباطاً جذرياً بالقضية العربية فبعد أن ضرب الصهاينة الأنظمة المقاومة في الوطن العربي لم يتبقى من قادة العرب المقاومين الشرفاء المتمسكين بالقضية الفلسطينية سواه و إسقاط نظامه و حكمه هو إسقاط لسورية التي تمثل محور المقاومة و نواتها و هذا ما سيسهل عليهم عملية القضاء على العمود الفقري للمقاومة المتمثل بحزب الله في لبنان من الداخل بواسطة العملاء و الخونة و من الخارج و ثم يتم الإستفراد بإيران و بهذا يكونوا قد وصلوا لتحقيق هدفهم الأساسي بالقضاء على جميع الأنظمة المقاومة و التي كانت تقف كحجرة عثرة في وجه مخطط اسرائيل و أحلامها ألا و هي تهويد القدس و تقسيم الشرق الأوسط و إعادة تكوين خارطته من جديد و إستغلال خيراته الباطنية من النفط و الغاز.
الولايات المتحدة الأميركية تعاني من أزمة اقتصادية كبيرة في الوقت الحالي قد تؤدي لإنهيار اقتصادها إن لم تتمكن من انعاشه و هي تعتمد في خطتها لإنعاشه على إستغلال الدول التي تورطت معها في الحرب على سورية ليكون بإستطاعتها أن تكمل ممارسة ضغوطاتها على روسيا و ايران كي تحدّ من توسعهم الإقتصادي و الذي سيليه توسع نفوذهم في الشرق الأوسط لتبقى هي المهيمنة و المسيطرة على الشرق الأوسط و على العالم و ربما عجزها الإقتصادي هو السبب الرئيسي وراء قراراها الهستيري في إغلاق السفارات السورية في الخارج و أيضاً لأنه لم يعد لديهم أي سيناريو جديد من الممكن تنفيذه من أجل إحكام عملية إسقاط نظام الأسد.
و لكن الصهاينة أغبياء لأنهم حاربوا شخص الأسد و لم يحاربوا الفكر المقاوم و هذا الخطئ الفادح الذي ارتكبوه و الذي بدوره سيقلب السحر على الساحر و يجعلهم يخسرون الحرب حتى لو لم يبقى الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية لأنهم من غبائهم حاربوا الأمة العربية الإسلامية في الوطن العربي و نسيوا أن من بنى بلادهم و طور منها هم العرب الموجودين في بلادهم و على أرضهم و جميعهم مرتبطون بجذورهم في وطنهم الأم و ما سيصيب الوطن العربي سيكون له تأثير كبير على الغرب من ردود أفعالهم لأن العربي بطبيعته يحمل الفكر الثوري بداخله يتمسك بتراب وطنه و يدافع عنه و يفديه بدمه و إن نجح الصهاينة بإغلاق الأبواب أمام الجالية السورية في الخارج و منعوها من المساهمة في الإنتخابات و ضمنوا رحيل الأسد و أسقطوا حكمه و تولى الحكم رئيس جديد يتناسب فكره مع الصهاينة كدمية سهلة يقودوها كما يشاؤون و تبدأ عملية إسقاط سورية و ضرب المقاومة في لبنان هنا سينفجر البركان الذي كان بداخل كل عربي مغترب يحمل الفكر المقاوم و ستبدأ ثورة الحرية في بلاد الغرب و لكنها لن تكون مشابهة للحرب على سورية بل ستكون أكثر دموية منها و عواقبها وخيمة لأنهم سيواجهون قوافل من المقاتلون تنحدف عليهم من كل جهة بداية من العرب الموجودين في بلادهم و شعبهم الذي فاض به من حكوماته التي تسعى وراء شنّ الحروب و تسرق أموالهم بفرض الضرائب و الجهة الأخيرة هي العصابات الهمجية التابعة لتنظيم القاعدة و التي تهرب من ضربات الجيش العقائدي السوري و كلهم سيجتمعوا في بلاد الغرب و على أرضهم ستدور الحروب لينتقموا منهم أشد انتقام و بهذا يكون الصهاينة بغبائهم قضوا على بلادهم لأنهم حصروا فكرهم في محاربة شخص الأسد و نظامه و لم يحاربوا الفكر المقاوم بل أطلقوا الحرية له لأنه لن يصمت عن تهويد الهوية العربية و لن يقبل العيش بالذل و الصهاينة سيخسروا المعركة لأنهم لم يفكروا بردود الفعل العكسية لهذه الحرب.
إن زعماء الصهاينة و قادتهم لا يعرفوا أن الشعب الفقير هو صانع القرار في انتخاب أي رئيس و الشعب السوري الصامد في الداخل قال كلمته بصموده أكثر من ثلاثة أعوام و الشرفاء من الشعوب العربية ستنتخب الدكتور بشار الأسد رئيساً لسورية و قائداً للوطن العربي و لن يقف في وجههم أي عائق و قد قال الحجاج يوماً عن أهل الشام : ( لا يغرنك صبرهم و لا تستضعف قوتهم فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا و التاج على رأسه و إن قاموا على رجل ما تركوه إلا و قد قطعوا رأسه فانتصروا بهم فهم من خير أجناد الأرض ) و هذا دليل على أن الشعب السوري سواء في الداخل أو الخارج لن يتنازل عن القائد بشار الأسد و إن لم يسمحوا للجالية السورية في المهجر أن تمارس حقها بالإنتخابات فربما سينقلوا ثورة الحرية إلى بلادهم ليطالبوا بالديموقراطية و الحرية و حرية الرأي لأن هذه الشعارات هي نفسها التي حاولوا تطبيقها في سورية و في الوطن العربي لضرب الأنظمة المقاومة و لكنهم لم يطبقوها على شعبهم الذي يعاني من حكوماتهم و التي تفرض عليهم الحرية للغرائز و تقيد الفكر الحر المقاوم و تحاول القضاء عليه لأنها تؤمن بالفكر الماسوني الذي يسخر العباد في خدمته ليكونوا عبيد له و ترفض الفكر المقاوم و تقتله بدلاً من أن تحاربه.
سيريان تلغراف | دنيز نجم
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)