Site icon سيريان تلغراف

الفساد و الإرهاب وجهان لعملة واحدة و لولا خونة الداخل لما تجرأ أعداء الخارج على سورية .. بقلم دنيز نجم

لقد فشل الصهاينة و العرب المتصهينيين في إسقاط سورية و رغم الحصار الشامل الذي أحاطوها به و الدمار و الخراب الذي حلّ بأرضها و شعبها بقيت صامدة و قد حاولوا تنفيذ العديد من المخططات و السيناريوهات لإسقاطها و كانت بدايتها الإنشقاقات و من ثم تم إرسال العصابات الإجرامية التابعة لتنظيم القاعدة لترتكب الجرائم و المجازر ليتم ترويع الشعب و تهجيره و إلصاق الجرائم بالجيش العقائدي السوري ليتم تجريمه و فرض التدخل العسكري الخارجي عليها.

و انضمام رجال حزب الله إلى الجيش العقائدي السوري للدفاع عن سورية و حماية حدودها كان ضربة موجعة للصهاينة خاصة في المناطق الإستراتيجية التي كبدّهم فيها الخسائر الكبيرة بدايةً من معركة القصير وصولاً إلى معركة يبرود و القلمون و انهار هرم العصابات الإجرامية الهشّ أمام جبروتهم و بدأ المخطط الصهيوأميركي الذي يهدف لإسقاط الأسد و سورية ينهزم بشكل تام.

و بعد أن ضمت روسيا القرم أدركت أميركا أنها أمام تحدي كبير من الهيمنة الروسية التي بدأت تتغلب على هيمنتها خاصة بموقفها إزاء الشرق الأوسط و دعمها المتواصل للأسد و المقاومة و بدأت أميركا بإعادة ترتيب أوراقها من جديد مع حلفاؤها لضرب دول المقاومة و لكن بشكل بطيء و دقيق حيث تكون النتائج فيه مضمونة لصالحهم.

لقد نجح الصهاينة بتحالفهم مع بعض الدول المستعربة بضرب بعض الأنظمة المقاومة في الوطن العربي و إغراقه في مستنفع الطائفية حتى سبح بالدماء و لم يبقى للسيطرة على الشرق الأوسط سوى دول المقاومة و الممانعة فبدأوا بزرع خلايا الإرهاب في الدول المجاورة لإيران من أجل الإستفراد بها فيما بعد و بدأوا بتسخين ساحة الحرب على حزب الله في لبنان و لكن نجاحهم في ضرب إيران و القضاء على حزب الله في لبنان و تهويد القدس يعتمد إعتماداً كلياً على إسقاط محور المقاومة سورية و على إسقاط حكم الأسد الداعم للقضية العربية.

لقد ارتكب الصهاينة خطئ كبير في محاربة الأسد حين أرسلوا العصابات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة إلى عمق الأراضي السورية لأنها جعلت الشعوب العربية تتمسك بالأسد كرمز لخلاصهم و نجاتهم من الإرهابيين و خوفاً من أن يطالهم فتيل الحرب المشتعلة بداخلها و الذي سيمتد للدول المجاورة و لكن الجيش العقائدي السوري لا يدافع عن سورية و شعبها فقط بل يدافع عن الوطن العربي نيابة عن الأمة العربية لأنه يقاتل على أرضه عصابات إرهابية عالمية محترفة بالإجرام و قتال الشوارع و المضحك المبكي أنهم يطلقون على أنفسهم لقب مجاهدون في سبيل الله و هم يقتلون الإنسان بالسيف بطرق بشعة باسم الله ليشّوهوا صورة الدين الإسلامي الحنيف و الأغرب من هذا كله أن الغرب ما زال يطلق عليهم لقب ثوار الحرية و يدعمهم بشتى الوسائل و يدّعي بأنهم يحاربون نظام الأسد القمعي و هم قتلة و مجرمون يقتلون الشعب السوري بكل طوايفه و لم يسلم من إجرامهم أحد و ثورتهم لم تكن سوى غطاء لتدمير سورية من أجل إسقاطها و قد اعتمد الصهاينة في هذه الحرب على الإعلام المفبرك كمكنة تغسل العقول و تعيد برمجتها فقلب الحقائق ليصبح الإرهابي ثائر و المقاوم أصبح إرهابي ليضغطوا بها على الرأي العام و يؤثروا على ردود أفعاله التي بدورها تصبّ في خدمة مصالح الصهاينة .

أما الدمى المتحركة من الصعاليك الذين أطلقوا عليهم اسم المعارضة هم ليسوا سوى واجهة لهذه الحرب اللعينة وضعها الصهاينة في بوز المدفع لتكتمل المسرحية أمام الرأي العام و يثبتوا لهم وجود ثورة حرية في سورية و معارضون يطالبون بإسقاط نظام الأسد القمعي و لنفترض أن نظام الأسد قمعي فلن يكون أكثر قمعية من إجرامهم و إرهابهم الذي قتل روح الحياة في سورية بحجة محاربة نظام الأسد.

الجميع يعتقد بأن مسلسل الإنشقاقات في سورية قد انتهى بعد أن أصبح المنشقّين مجرد كروت محروقة منتهية الصلاحية و لكن ما زال هناك الكثير من العملاء و الخونة الذي تركهم الصهاينة مزروعين في الداخل ليكونوا عيونهم التي تراقب الأمور عن كثب و تنقلها لهم بحذافيرها و لا داعي لإعلان إنشقاقهم و السفر إلى الخارج لأنهم يتمتعون داخل وطنهم بجمع ثروات هائلة في وقت قصير و بنفس الوقت يقدمون أكبر خدمة للصهاينة .

لقد بدأ هيكل المعارضة في الخارج ينهار أمام الرأي العام و بدأت تتكشف حقائق المؤامرة التي تتعرض لها سورية خاصةً بعد انتصارات الجيش العقائدي مؤخراً في معركة يبرود و بعد توسع شعبية الأسد في الخارج و في أنحاء الوطن العربي كونه أصبح رمز الإنتصار للأمة العربية و أيضاً لأنه ما زال متمسك بالقضية العربية.

و قد ساهم صمود الشعب السوري بالداخل في مواجهة الحرب إلى حدّ كبير في صمود سورية بإلتفافهم حول القائد و تأييدهم له و حول الجيش العقائدي الذي ساهم دعمهم له في رفع معنوياتهم و أخذوا يحققون البطولات و يصنعون النصر في عدة معارك و بوقت وجيز و هذا ما يثبت أن الإنسان هو أهم العوامل في صنع النصر لأن اليد الضاغطة على السلاح هي من تصنع النصر و ليس السلاح و على الرغم من عروض الهجرة المغرية التي قدمتها بعض الدول ليتم إخلاء سورية من سكانها خاصة للطائفة المسيحية في العاصمة دمشق بعد أن سلطوا العصابات الإرهابية عليهم لتستهدفهم في الكنائس و المدارس و المناطق السكنية الآمنة و لكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل و زادت من تمسك الشعب بأرضه.

صمود الشعب السوري بالداخل و استمراره بدعم الجيش و تأييده للأسد فتح بصيرة الشعوب و جعلها تكتشف أن ما تتعرض له سورية لم يكن ثورة حرية بل مؤامرة كونية و أصبح صمود هذا الشعب يشكل خطراً بتأثيره الكبير الإيجابي على الرأي العام و خاصة على المغتربين في المهجر لأنهم أصبحوا من الداعمين للأسد و مساندين للشعب بصموده في وجه الإرهاب و بعد أن لمست الولايات المتحدة الأميركية هذه الحقيقة و أدركت أن ترشيح الأسد للإنتخابات الرئاسية أصبح أمر مفروغ منه أغلقت السفارات السورية و القنصليات الفخرية و طردت السفراء دون سابق إنذار و هذا القرار له تأثيره السلبي على المدى البعيد على الجالية السورية من الضغوطات التي تمارسها عليهم الولايات المتحدة الأميركية بديمقراطيتها و سيشتت شملهم و يحدّ من نسبة الأصوات التي ستشارك في انتخاب الأسد في حال وجدوا السبيل للمشاركة بالإنتخابات الرئاسية.

و بعد الضغوطات التي مارستها أميركا على المغتربين لإعاقتهم من المساهمة بإنتخاب الأسد بدأت أياديها الممتدة إلى داخل سورية من العملاء و الخونة تمارس الضغوطات نفسها على الشعب الصامد بالداخل و لكن بأساليب مختلفة لتضرب جذر العصب الرئيسي لصمود سورية و انتصار الجيش و بقاء الأسد هذا عدا تأثيره على الرأي العام و الذي بدأ يشكل خطراً على المخطط الصهيوأميركي و إسقاط حكم الأسد له أهمية كبيرة في الشرق الأوسط لأنه مرتبط بإسقاط سورية محور المقاومة و بالقضاء على عمودها الفقري حزب الله في لبنان و ضرب إيران و تهويد القدس.

و الطريقة الوحيدة التي تضمن للصهاينة عدم فوز الأسد في الإنتخابات لإحكام إسقاط حكمه من الداخل هي ضرب جذور صمود الشعب المؤيد له بتكثيف الضغوط عليه من جميع النواحي حتى يستفزوه و يخرجوا أسوأ ما فيه ليفقد صبره و يضعف إيمانه من برك الدم التي يسبح فيها فسيف الإرهاب ينتظرهم و شبح الموت يلاحقهم في سعيهم وراء أرزاقهم و لقمة العيش أصبحت مغمسة بالدم من كثرة طعنات الغدر و الخيانة هذا عدا الأمراض المنتشرة التي يعانون منها مع استمرار استهدافهم من قبل العصابات الإرهابية بالقذائف و العمليات الإجرامية فالشعب الذي صمد طوال فترة الحرب سيصل بذروة صموده إلى مرحلة اللاشعور من معاناته التي فاقت الخيال في قدرة تحمله و عندها ستبدأ ردود فعله التي يراهن عليها الصهاينة و ينتظروها بفارغ الصبر عندما ينتفض الشعب على الحكومة و على الرئيس و على كل شيء من حوله عندما يشعرون بأن سيف الحكومة المسلط على رقابهم لا يفرق كثيراً عن سيف الإرهاب فالفساد و الإرهاب وجهان لعملة واحدة.

كل ما تتعرض له سورية يثبت بأنه لولا خونة الداخل لما تجرأ أعداء الخارج عليها و لا استمر الإرهاب على أرضها و قد أثبتت الأزمة السورية أن المال قد لعب دوراً كبيراً في شراء الذمم من ضعاف النفوس و خونة الداخل لن يكونوا أقل أهمية بمراكزهم الحساسة من الذين انشقوا في السابق و لكن هؤلاء العملاء و الخونة فضلوا البقاء في الداخل ليجمعوا ثروة مالية بالطرق الملتوية ك ( تجارة السلاح و المخدرات و تسهيل مهام الصهاينة بتزويدهم بالمعلومات التي تفيد أجهزتهم الإستخباراتية الموجودة في الداخل ) و هم ما زالوا داخل وطنهم يتمتعون بخرابه و قتل أبناء جلدتهم .

إن الشعب السوري الصامد في الداخل هو المستهدف بكل طوايفه و العملاء الخونة يعملون على حرق أعصابهم و إتلافها بطرق استفزازية ليخرجوا عن طوعهم و يفقدوا صبرهم و لم يترك لهم خونة الداخل أمامهم سوى عدة خيارات فإما أن يهاجروا أو يستسلموا للأمر الواقع الذي فرضوه عليهم ليبدلوا مواقفهم أو أنهم سيواجهون مصيرهم الذي ينتظرهم بحكم الإعدام البطيء الذي سينفذوه بهم ليدفنوا بعضهم البعض.

لقد شتت هذه الحرب الكونية على سورية شمل شعبها من الدمار و الخراب الذي لحق بوطنهم و بهم فهناك نسبة 25 % منهم قد هاجر و25 % استشهد و 25%  انضم إلى صفوف الجيش و 10%  انشق و خان و باع و لم يبقى من الشعب الصامد في الداخل سوى نسبة 15 % و لكنهم رغم ضآلة عددهم كان لهم تأثير كبير و قوي جداً على الرأي العام خاصةً في الخارج و الذي بات بدوره يشجعهم على صمودهم و يساندهم و لكن إلى متى سيصمد هذا الشعب و هو ينزف بعد أن كثرت السيوف المسلطة على رقابهم و حتى الجهات المعنية في الحكومة بدأت تصدر قرارات غير منطقية لا تتناسب مع ظروف المواطن في ظل هذه الأزمة و التي بدأت تجبره على تبديل موقفه بالحدّ من الخيارات الموضوعة أمامه فإما أن يموت جوعاً أو يموت على يد الإرهابيين أو مجبر على الهجرة و من يتخذ أي قرار يكون ضد مصلحة الشعب فهو يستهتر بكرامتهم و بحياتهم التي لا تعنيه و هو إنسان غير مبالي بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه هذا الشعب الذي ينتظر من حكومته مساندته في الحصول على لقمة العيش حتى يبقى صامداً و لكن من اتخذ هذه القرارات بهذه الظروف فهو إنسان فاسد أخلاقياً و أناني لأنه وضع نفسه و مصلحته الشخصية فوق مصالح الشعب و الوطن.

 هذا كله يثبت بأن المخطط لإستهداف شعبية الأسد بدأ تنفيذه من الداخل ليضمن الصهاينة عدم فوزه في الإنتخابات و لكنهم واهمون لأن المغتربين في الخارج سيجدون الوسيلة المناسبة ليشاركوا في الإنتخابات الرئاسية و سينتخبون الأسد رغم أنوفهم و الشعب الصامد في الداخل سيبقى صامد في وجه مؤامراتهم و إرهابهم و فسادهم حتى لو باعوه الهواء الذي يتنفسه لأنه شعب عقائدي متمسك بتراب وطنه الذي هو عرضه و شرفه و لن يسّلم سورية لأنها آخر قلاع المجد في الوطن العربي و هو ما زال متمسك بالرئيس الأسد لأنه أصبح رمز نجاتهم و خلاص الأمة العربية من المهلكة العبرية الشعوذية و لأنه شعب مؤمن بأنه سينتصر على كتل الشر و مؤمن بأن الله عزّ و جلّ لن يتخلى عنهم و سينقذهم في الوقت المناسب لأنه يمهل و لكنه أبداً لا يهمل و الأسد باقي ما بقيت الشمس تشرق عند كل صباح لأنه نور الحق الذي سيدحر خفافيش الظلام و شياطين الأرض و كتل الشر و لكل من اسمه نصيب و من اسم سيادة الرئيس بشار الأسد نستبشر نصراً و الإرهاب لا يدوم أبداً و شمس الحق لا بد أن تشرق مهما طال الزمان و الشمس لا تشرق من الغرب بل من الشرق.

سيريان تلغراف | دنيز نجم

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version