إساءة أخري، لن تكون الأخيرة، للدين الإسلامي، تدق أجراسها المرحة من ” كوريا الجنوبية ” هذه المرة، لتؤكد، علي إيقاعات موسيقي البوب الكوري، مواصلة القيم الكبري زحفها علي القيم الصغري تمهيداً لابتلاعها الكامل في النهاية !
فرقة ” 2NE1 ” النسائية، وهي فرقة تجاوزت شهرتها حدود ” كوريا الجنوبية “، و سوف تطبق شهرتها الآفاق، بفضل المسلمين طبعاً، في الأيام القادمة، أو، لعل هذا قد حدث فعلاً !
هذه الفرقة، أرسلت للخلود مؤخراً ألبوماً يحمل اسم، ” CRUSH “، تضمن هذا الألبوم أغنية منفردة لعضوة الفرقة، المغنية ” CL ” ، تحمل اسم ” MTDB ” ..
تضمنت هذه الأغنية، في الخلفية، آية من سورة ” النبأ “، ( حدائقَ و أعنابا )، بصوت القارئ الطفل ” محمد طه الجنيد “، ليس هذا كل شئ !
لقد حدث، بعد ذلك، تماماً كل ما خططت له الشركة المنتجة ” YG “، إذ بفضل الضجة التي أثارها المسلمون حولها، اشتعل منحني الأغنية كفضيحة، لتتصدر لائحة معدلات المشاهدة، و تدق فرقة ” 2NE1 “، أبواب العالمية بجرأة !
كل هذا الضوء حدث بطقس بسيط، إساءة للإسلام، يمكن بكل سهولة الاعتذار عنها، و ينتهي الأمر ..
أمر كهذا بالضبط حدث مؤخراً مع المغنية الأمريكية ” كاتي بيري “، عندما طرحت فيديو كليب يحمل اسم ” Dark Horse “، قاسمها الغناء فيه مغني الراب ” جوسي جاي “، و جسدت هي فيه دور ملكة فرعونية، تجلس علي عرشها، و يقدم لها المريدون الهدايا لاستمالتها و نيل رضاها، و كان من بينهم رجل يحمل قلادة مكتوب عليها باللغة العربية، ” الله “، و بالرغم من أنها مارست سحرها عليهم جميعاً، و تحولوا جميعاً إلي تراب، إلا أن المسلمين، وحدهم، اعتبروا هذا الفيديو ازدراءً لدينهم، و إهانة مقصودة لـ ( لفظ الجلالة ) ..
كأن ” الله ” إرثٌ للمسلمين وحدهم !
أعتقد أن هذه الحادثة هي المصدر الجذري لتخطيط الشركة الكورية للإساء المتعمدة للدين الإسلامي، رغبة منهم في الحصول علي دعاية مجانية، و أمواج من الضوء تأتي من تلقاء الشرق، لتحملهم إلي ساحل الربح و الشهرة مجاناً، خاصة، لأنهم لابد كانوا يعرفون أن ألبوم ” Prism “، الذي تضمن أغنية ” كاتي ” المثيرة، بيع منه “30 ” مليون نسخة حول العالم !
أعتقد، بل أثق، أن الأمر سوف لا ينتهي عند هذا الحد من الشهرة المجانية لأعضاء هذه الفرقة الكورية، و سوف يروج المسلمون في الأيام القادمة شائعات تفيد بأن كل عضوات الفرقة لقين مصرعهن حرقاً، و لكن، كالعادة، مخابرات ” كوريا الجنوبية “، تتكتم !
و سوف نسمع، بحكم العادة، عن أعاصير اجتاحت ” كوريا الجنوبية “، وعن انهيارات أرضية، و عن زلازل تضرب ” كوريا الجنوبية “، طبعاً بمقياس ” ريختر ” علي الطريقة الإسلامية !
أقول هذا لأني، حين سألت ” جوجل ” عن فيديو ألاغنية الحدث لفرقة ” 2NE1 ” ، ظهر لي تنبؤان من تنبؤات ” جوجل “، المجيب الذي لا يخذل أحداً، يقترحان عليَّ :
فرقة ” 2NE1 ” قبل و بعد عمليات التجميل !
فرقة ” 2NE1″ بدون ماكياج !
أدركت لحظتها أن آلافاً من محترفي ” الفوتوشوب” قد سبقوني إلي سؤال ” جوجل ” عنهن، و أنهم الآن عاكفون لابد علي إبداع جثث مشوهة لهن، لقد فهمتكم، لذلك، يبدو أن عضوات هذه الفرقة مرضيٌّ عنهم من قبل ” بوذا “، و أن بانتظار أسمائهن المزيد من الأضواء المجانية !
المسلمون، أولئك الذين لا يريدون الخروج من شرنقة الماضي، و يرفضون مجرد الانسجام مع الكون، بل يتمسكون بالصدام معه، الصدام، الصدام، الصدام، التكرار، بغبائهم الذي طبقت شهرته الآفاق، جلعوا من نبيهم، و من دينهم، ممراً مفصلياً، و ممهداً، لكل عابر سبيل يطمع في تربية الضوء في اسمه، و تربية الثروات الطائلة !
إن المرء لا يملك إلا أن يعجب من عدم انتباه المسلمين حتي الآن، بعد باقة من التجارب السابقة، إلي تلك الحقيقة البسيطة جداً، و هي أن انفعالاتهم الجماعية العابرة، تضاعف من وتيرة الإساءة لمقدساتهم، و بعصبية، ليس العكس..
ربما لأن العالم كله استوعب حالتهم، و أدرك سعة موجتهم، كما أدرك أنهم مجرد قطيع ليس له ذاكرة تستطيع تخزين أي مشاعر خاصة لأكثر من زوبعة لا تقدم و لا تؤخر، كـ ” ساعة بج بن “، و كـ ” كلام الناس “، كلام، فقط كلام !
و لابد أن يولد هنا سؤال، لماذا المسلمون فقط، و ليس اليهود أو المسيحيون، أصبحوا مثاراً لسخرية العالم ؟!
الإجابة علي هذا السؤال بسيطة للغاية، حتي أن السؤال ينسحب إلي ركنه خجلاً ككل سؤال سخيف، ذلك أن المسلمين يواظبون، دون غيرهم، علي حراسة خط فكري واحد، لا يقيم وزناً للمياه الكثيرة التي جرت في النهر منذ ” 1500 ” سنة تقريباً، في حين أدرك الآخرون أبعاد أثر السنين الطويلة في ملامح الإنسانية كاملة، و أبعاد دوائر السماء غير المكتملة !
الأهم من هذا كله، أنهم أدركوا، بعد فوات الأوان، أن الذي قد اتسخ مما كانوا يظنونه حقائق لا تقبل النقاش، كثير، و كثير جداً، فخفضوا، لهذا، من غلوائهم، و اندمجوا في الكون، أو علي الأقل، انسجموا معه ..
اعبد إلهك كيف تشاء، لكن، لا تشنق المنطق ..
إن الحياة بسيطة، لا تحتاج لكل هذه التعقيدات، هل فوق حياة ؟
نبيُّ الإسلام نبيٌّ، هكذا قال، من أجل هذا، هو لا ينتظر من أتباعه دفاعاً، و له ربٌّ عليه أن يؤدي هذه المهمة، و سيفعل بالتأكيد !
ثم هو أيضاً، حيٌّ يسمع الصلاة ممَّن يصلي عليه في قبره، ( صلعم )، هكذا قال، لذلك، لابد أنه سمع أيضاً أغنية ” عاهرات ” الفرقة الكورية، و انزعج كثيراً، و سوف يقتص لقرآنه منهن، وسوف لا يشفع لهن عند الحوض، لكن، ربما يرق قلبه الشريف فقط لـ ( CL )، تلك الصفراء !
سوف يحدث كل هذا طبعاً، ” يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَ يَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً ” !
حتي يجئ هذا اليوم، استمعوا إلي أغنية ” MTDB ” ، إنها تستحق ..
سيريان تلغراف | محمد رفعت الدومي
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)