Site icon سيريان تلغراف

السفير : إنديك يبحث عن «طبخة» بديلة .. «تقليص» الاستيطان لا تجميده !

يقوم المبعوث الأميركي الخاص لعملية التسوية الإسرائيلية الفلسطينية، مارتن إنديك، بزيارات مكوكية بين رام الله والقدس المحتلة في مسعى مكثف لمنع إعلان انهيار المفاوضات. ويكثف وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصالاته مع كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس لمنع سلسلة الفعل ورد الفعل في أعقاب إعلان إسرائيل عدم نيتها الإفراج عن الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل أوسلو، والتي كان مفترضاً أن تتم اليوم.

ويحث إنديك الخطى في الساعات الأخيرة مع كل من نتنياهو ورئيسة الوفد الإسرائيلي المفاوض وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني والمحامي إسحق مولخو من جهة، وعباس ورئيس وفد المفاوضات الفلسطيني صائب عريقات، للحيلولة دون انفجار الموقف بعد إعلان إسرائيل رسمياً عدم التزامها بالإفراج عن الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل أوسلو.

وفي هذا السياق، يحاول إنديك، من دون نجاح حتى الآن، تقديم اقتراحات لاختراق حالة الجمود الراهنة. ويرفض الفلسطينيون أي نقاش في أمر الإفراج عن هذه الدفعة باعتبارها جزءا من اتفاق رعته الولايات المتحدة لاستئناف المفاوضات لتسعة أشهر.

ويصر المفاوضون الفلسطينيون على أن هذا الأمر بات ضمن تعهدات واشنطن التي أدارت المفاوضات، ويرفضون ربط تمديد المفاوضات بها، معتبرين أن تمديدها حتى نهاية العام 2014 ممكن فقط إذا تم تجميد الاستيطان والإفراج عن معتقلين فلسطينيين آخرين.

وتتحدث أوساط صحافية إسرائيلية عن القلق الكبير الذي ينتاب الأميركيين، خصوصاً وأنهم يرون أن كلاً من الإسرائيليين والفلسطينيين لا يرون في فشل المفاوضات كارثة كبرى. ويحاول الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني تحميل كل منهما الطرف الآخر المسؤولية عن فشل المفاوضات من دون أن يستبعدا إمكانية التوافق على تمديد المفاوضات بعقد صفقة، خصوصاً أن الضغوط الأميركية كبيرة جداً.

وبالرغم من التصريحات المتزايدة عن انهيار المفاوضات، فإن استطلاعاً للرأي أنجزه «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية» بيّن أن غالبية الفلسطينيين (76 في المئة) يعتقدون أن الرئيس الفلسطيني سيقبل تمديد المفاوضات، بالرغم من معارضة 55 في المئة.

وتشير أوساط فلسطينية إلى خلاف شديد ظهر في اللقاءات التي عقدت في واشنطن في منتصف الشهر الحالي، حين اقترح الأميركيون تأجيل تنفيذ إطلاق سراح الدفعة الرابعة من المعتقلين إلى الموعد المقرر لنهاية المحادثات في 29 نيسان.

لكن الوفد الفلسطيني غضب من الاقتراح، معتبراً أن هذا خرق فظ للتفاهمات. وتحدثت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن أن الفلسطينيين عرضوا صيغاً لتمديد المفاوضات من بينها العودة إلى خريطة الطريق التي عرضها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش والتي قبلها الطرفان حينها كإطار للمفاوضات.

وقد عرض الفلسطينيون ذلك لأن خريطة الطريق تلك تضمنت بنداً حول تجميد الاستيطان وإزالة البؤر الاستيطانية غير المرخصة وفتح المؤسسات الوطنية الفلسطينية في القدس الشرقية.

وتبدو الاقتراحات التي يعرضها الأميركيون والفلسطينيون والإسرائيليون في جوهرها مجرد محاولات لمنع انهيار المفاوضات أكثر مما هي فعلاً سعي نحو تحقيق اختراقات.

وقد أظهرت مداولات لجنة الداخلية في الكنيست الإسرائيلية قبل يومين أنه ليست هناك قائمة محددة للمعتقلين الفلسطينيين المراد الإفراج عنهم. وشدد مسؤولون من مصلحة السجون الإسرائيلية أمام لجنة الكنيست على أنه «ليست هناك قوائم ولا حتى موعد للإفراج». وقالت ممثلة مصلحة السجون «نعرف أنه يفترض الإفراج عن معتقلين في آذار، لكننا لم نتلق أي تعليمات أخرى».

والمهمة الأميركية الحالية باتت أكثر وضوحاً: تمديد المفاوضات مع أو من دون اتفاق إطار.

وتحت عنوان «تمديد وضع» يشرح المعلق العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أليكس فيشمان الصيغة الأميركية الحالية والمتمثلة في موافقة محمود عباس على تمديد المفاوضات، في مقابل تقليص نتنياهو للتوسع الاستيطاني.

ويكتب فيشمان أن لا أحد غير الإدارة الأميركية «أصيب بالهيستيريا» جراء الأزمة حول المعتقلين. وفي رأيه أنه «إذا لم تتم الدفعة الرابعة، فإن السماء لن تسقط على الأرض. فبعد أن يستخرج أبو مازن كل العصير من الخطأ الذي اقترفه الوسيط الأميركي بطيبة قلب، سينطلق قدماً».

ويبين فيشمان أن الأميركيين عندما فشلوا في التوصل إلى اتفاق الإطار خلال المدة المحددة لا يجدون بأساً في المطالبة بتمديد المهلة لأسابيع أخرى «وكأن شيئاً سيحدث في الأسابيع المقبلة».

عموماً، يوضح فيشمان أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعتبر تهديد الفلسطينيين بالمحافل الدولية مجرد تهديد فارغ. وفي نظر هذه المؤسسة قد يكسب الفلسطينيون المؤسسة الدولية لكنهم سيجدون في مقابل ذلك كونغرساً أميركياً معادياً جداً. ولذلك فإن الرئيس الفلسطيني يفضل الاحتفاظ بهذا التهديد بدل تبديده بتنفيذه. كما أن تفجير المفاوضات وتسخين الشارع يضر بالسلطة ويفقدها موقع الشراكة في المفاوضات. لذا يشدد فيشمان على أن كيري طلب من نتنياهو تقليص وتيرة الاستيطان والأخير لم يعترض، وقد تكون هذه هي مكونات الطبخة المقبلة.

سيريان تلغراف

Exit mobile version