فى نفس يوم زيارة المستشارة الألمانية ميركل لإسرائيل أمس الثلاثاء 25 فبراير، كشفت البحرية الإسرائيلية عن معلومات جديدة حول العملية الهجومية لسلاح الغواصات: ويظهر من المعلومات التي عرضها ضابط في البحرية أن 58% من ساعات العمل لأسطول الغواصات كانت في إطار عمليات.
وأفاد قائد القاعدة البحرية في حيفا، العميد إيلي شربيط: بأنه خلال العام القادم ستصل إلى إسرائيل غواصات “دولفين” إضافية مصنعة في ألمانيا، وحسب أقواله، فهي وسائل بحرية فريدة من نوعها ومجهزة بأجهزة متطورة وعالية التقنية فى المجال العسكرى.
ومن المتوقع أن يتم تحصين الغواصات الجديدة بمنظومة جديدة وهى الأولى من نوعها، لتشمل صواريخ دفاع جوي وقذائف، وسيتم تجهيز الغواصات بمنظومة دفاع مشابهة لمنظومة “السترة الواقية” التي تعمل في الدبابات والتي تتعرف على الصواريخ التي تقترب وتقوم بإبعادها قبل وصولها، ووفقا للتقارير، فقد تم تجهيز البحرية الإسرائيلية لتلقي الغواصات الجديدة بحيث تمت مضاعفة عدد متدربين دورة الغواصين.
وذكرت إسرائيل أن الحكومة تريد أن تشتري من ألمانيا منظومة أمنية بحرية متقدمة لحماية منصات الغاز مقابل الشواطئ الإسرائيلية، ووفقا للتقديرات، تصل تكلفة المشروع إلى نحو نصف مليار يورو.
ويتوقع الإسرائيليون من ألمانيا، التي يرون فيها شراكة هامه، أن تقف إلى جانبهم وأن تدعم المصالح الإسرائيلية، كما تريد ميركل تهدئة الأوضاع بين الدولتين، بما في ذلك اتفاق يتعلق بتعويض عمال الجيتو، وتوقيع أتفاقات علوم مشتركة، ومعاملات أمنية، وستمنح ميركل تسهيلات كبيرة لإسرائيل في الحصول على تأشيرات العمل والسياحة لسنة كاملة في ألمانيا.
لنرجع إلى أربعينيات القرن العشرين ونتذكر الدور”الأوربى وخاصة الألمانى” فى دعم الحياة الإقتصادية والعسكرية داخل إسرائيل، لم يبدأ الإقتصاد الإسرائيلى صغيرا مع بداية دولة إسرائيل عام 1948 ، بل له جذور ترجع إلى أوائل القرن العشرين وبالأخص مع بداية الأنتداب البريطانى لفلسطين، ويعود تشكيل الإقتصاد الإسرائيلى إلى العمق التاريخى للمشروع الصهيونى، والذى بدأ مع مؤتمر بازل 1897، ودعمه وفعله وعد بلفور عام 1917، وسبق نشوء دولة إسرائيل بروز الإقتصاد ومؤسساته بالإضافة لتنظيم قواعد الهيكل السياسى والإجتماعى والعسكرى والتى شكلت معا اطارا متكاملا لهذا الإقتصاد.
ومن العوامل الهامة والغير عادية للتجربة الإقتصادية الاسرائيلية، والتى دعمت الإقتصاد الإسرائيلى فى هذه الفترة هى الموارد الهائلة التى حصلت عليها إسرائيل من الخارج ، ومن أهم هذه الموارد هى الموارد المالية والعلمية وكذلك البشرية ، وساهمت هذه الموارد على قدرة إسرائيل لإستيعاب وجذب نوع من المهاجرين الرفيعة التأهيل من أطباء ومهندسين ومتخصصين فى مجالات علمية عديدة.
وبعد هزيمة ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية وبموجب إتفاقية “هاعافارا” – وهى إتفاقية بين الحركة الصهيونية وألمانيا النازية – والتى نصت على نقل اليهود الألمان وممتلكاتهم إلى فلسطين، وتدفق بعد هذه الاتفاقية أكثر من 60 الف يهودى حيث يملك كل واحد منهم أكثر من 1000 جنيه استرلينى. وقد كانت سياسة التهجير تتعمد إرسال أقصى نسبة من المهاجرين فى سن القوة والنشاط مما أثر بالإيجاب على نمو الاقتصاد الاسرائيلى.
وافقت ألمانيا تحت الضغط الدولى على ما سمى بإتفاقية التعويضات الألمانية لإسرائيل ، والتى تمثلت فى حجم المبالغ الهائلة التى توافرت لدولة إسرائيل ، بالإضافة إلى التوقيت المناسب مع بداية تأسيس الإقتصاد الإسرائيلى، وفى سبتمبر 1952 وقعت إسرائيل مع ألمانيا إتفاقية التعويضات الأولى، وقد بلغ قيمة الاتفاق 3450 مليون مارك ألمانى أى ما يعادل 846 مليون دولار ولكى ندرك حجم هذه المبالغ الطائلة تجدر الإشارة إلى أن صافى واردات إسرائيل فى ذلك العام، بلغ 280 مليون دولار، ولم تتسلم إسرائيل التعويضات نقدا فقط ولكن بشكل مشتريات من البضائع الألمانية والأجنبية والتى وردت إلى إسرائيل على مدار 12 عام، ويوضح الإتفاق أن 80 % من الاتفاق جاء إلى إسرائيل فى صورة شحنات من سلع رأسمالية من جميع الأنواع.
وتشير المصادر الألمانية أن “ألفى مشروع صناعى” من الحجم المتوسط تم حلهم من ألمانيا بالكامل وتركيبهم فى إسرائيل والتى شكلت عنصر أساسى فى قيام الصناعة داخل اسرائيل ، والذى أعطى لإسرائيل طابع الدولة الصناعية ، ولقد ارتفع عدد المنشآت الصناعية فى الفترة 1955 – 1965 من 7502 منشأة الى 15458 منشأة وخلال هذه الفترة تزايد الناتج المحلى بوتيرة عالية، بعد ان حقق الإقتصاد الإسرائيلى نتيجة سلبية عام 1953 ولم يكن غريبا أن يشهد أزمة فيض فى الأنتاج الصناعى بالاساس ويرجعنا هذا إلا أن الإتفاق بين ألمانيا وإسرائيل كان حدثا استثنائيا وهاما فى حياة دولة إسرائيل، ووفر لها مرحلة طويلة من الزمن. وقد أسهمت التعويضات بدرجة كبيرة فى تغير بنية الإقتصاد الإسرائيلى خصوصا فى تلك الفترة التأسيسية، وإذا كانت الأموال الأولى التى حصلت عليها اسرائيل خلقت القاعدة الصناعية ، فإن ما تدفق بعد ذلك مكن الصناعة الإسرائيلية من تحديث وتطوير نفسها.
وأخيرا تبقى إسرائيل هى الدولة الوحيدة فى العالم منذ نشأتها، التى تحصد الدعم المادى والعسكرى والتقنى فى كل مجالات الحياة، من أوربا وأمريكا.
سيريان تلغراف | خالد صادق عبد العزيز
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)