Site icon سيريان تلغراف

رسالة إلى القيصر : خدعك اليهود وعليك سرعة تغيير الاستراتيجية .. بقلم سلمان محمد سلمان

بشكل غامض لكنه ثابت إلى حد كبير تميزت رؤية روسيا بوتين للعالم بمجموعة قواعد تتلخص بالتالي

 1.   روسيا دولة عظمى اقتصاديا وعسكريا وجغرافيا ولا بد أن تأخذ وضعها الطبيعي.

  1. 2.   من مصلحة حلفاء روسيا في رابطة الدول المستقلة تقويتها بل الانتشار أكثر لتشمل العالم الأرثوذوكسي بأوروبا وما يقال عنه الأورواسيوية.
  2. 3.   تمثل المنطقة العربية امتدادا طبيعيا وضروريا لتحقيق الدور الروسي القيادي في العالم.
  3. 4.   تحالف متزن بين كتلة بريكس والرابطة الاورواسيوية مع المنطقة العربية يمثل قوة كافية لوقف الغرب وحصر دوره وإعطاء ما بعد الغرب عالما جديدا متعدد الأقطاب تلعب فيه القوى الجديدة دورا استقراريا للعالم.
  4. 5.   لا يمكن لحملة الولايات المتحدة والغرب للمحافظة على سيطرة هياكلها الاقتصادية القديمة أن تنجح وأفضل الحلول التراجع عن ذلك طوعا لأن فرض التغيير يكلف البشرية ثمنا باهظا.
  5. 6.   يتطلب الدور اليهودي المميز بالغرب والولايات المتحدة تحديدا التنسيق مع إسرائيل والقوى الصهيونية للوصول إلى حل يضمن مصلحة العالم والحفاظ على دور إسرائيلي معقول. وستبذل روسيا كل الجهد لصنع استقرار في المنطقة العربية يقوم على الرؤية الجديدة وليس على مفاهيم الشرق الأوسط الممزق طائفيا وعرقيا.

 اعتقد بوتين أن تطور الأمور الطبيعي عالميا يسير بهذا الاتجاه. واخذين بالاعتبار خلفيته السوفييتية وتحفظه على الرأسمالية الغربية نتوقع ميله لقبول علاقات دولية تضمن عدالة اجتماعية أكثر.

 المشكلة الرئيسة في روية القيصر الاستراتيجية تتمثل في اعتقاده بإمكانية احتواء اليهود أو على الأقل الوصول لصيغة تفاهم معهم. وطبعا عوامل قناعته كثيرة أهمها تأثيرهم الكبير على السياسة الغربية ونفوذ إسرائيل القوي في المنطقة العربية وقدرتها على كسر المعادلات المحلية. اعتقد بوتين أنه من خلال تفاهم معقول مع إسرائيل يراهن فيه طبعا على الجالية الروسية سيصل إلى صيغة تحقق الأهداف الروسية العالمية و الحد المطلوب من مصالح إسرائيل.

 ما لم يدركه بوتين أو ربما ما لم يرغب الاعتراف به بخصوص اليهود يتمثل فيما يلي

  1. 1.   لا يمكن للحركة اليهودية العالمية (صهيونية إسرائيل ماسونية… الخ) قبول التبعية وخاصة في زمن تألقها واعتقادها بالوصول إلى التحكم بالعالم.
  2. 2.   الحركة الصهيونية تمثل أحد أهم القوى المتحكمة إن لم تكن المتحكم الرئيس بالرأسمالية العالمية وعليه لا يمكن لليهود الانسحاب لصالح استراتيجية بوتين لأنها تعني زوال تميزهم وهم بالتأكيد لا يقبلون تضاؤل دورهم وحصره في توفير أمن اليهود ورفاهيتهم فقط.

 لذلك كان لا بد لبوتين الاعتبار أن العامل اليهودي هو الأكثر عداوة لاستراتيجيته. وقد خبر ذلك في جورجيا وها هو يدفع ثمنا محرجا في أقل الأحوال في أوروبا من خلال الصفعة التي حصلت في أوكرانيا. لا شك أن سرعة سقوط النظام الأوكراني تنبئ بأمور أكثر مما يظهر. فهل قبل الروس التخلي عن النظام مقابل تأسيس واقع جديد يقوم على شرعية وشعبية معقولة تختلف عن دور فيكتور يانوكوفيتش المزعج الذي مثل في أوكرانيا ما مثل بن علي في تونس أو مبارك في مصر. ربما تعكس سرعة تخلي حزبه عنه إعادة تشكيل للدور الروسي.

 لكن ما تبين وتأكد أن اليهود وإسرائيل قاموا بدور جوهري في ثورة أوكرانيا الأخيرة مما يعني أنهم خدعوا بوتين أو أنه خدع نفسه في غمرة انشغال روسيا بالألعاب الاولمبية.  فحتى لو انتهي سقوط يانوكوفيتش بقبول ومصلحة روسية إلا أنها كانت تفضل تغييرا مدروسا وليس بالطريقة المخجلة التي تمت.

 نتوقع من بوتين تعديل سياسته الدولية بما يشمل:

  1. 1.   عدم الثقة بإسرائيل واليهود أو خلق تفاهم مصري سوري إسرائيلي وحتى لو ظهر التخلي عن ذلك خطيرا ومكلفا.
  2. 2.   الدعم الصريح دون تردد لإنهاء الوضع ا لسوري وحسم المسألة ولا داعي للعبة الأمم وجنيف… الخ.
  3. 3.   تسريع التعاون مع العراق ومصر والجزائر لخلق الكتلة الحرجة في المنطقة العربية لضمان توازن استراتيجي عالمي يفتح المجال لتطور نحو عالم أكثر عقلا وعدلا وأقل عربدة وحروبا.

 هل سيتمكن القيصر من ذلك. سنرى ذلك خلال أشهر.

سيريان تلغراف | د. سلمان محمد سلمان

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version