رسم الرئيس السوري بشار الأسد إحداثيات الأداء الحزبي لحزب البعث السوري في ظل المتغيّرات الإيجابية الجديدة على مستوى تطورات الوضع الميداني والسياسي، والتي فتحت أبواباً مختلفة للحراك الحزبي، وألقت بالمزيد من المسؤوليات الحسّاسة على كاهل القيادات والكوادر الحزبية.
ولفت خلال لقائه قيادة فرع دمشق للحزب وقيادات الشعب والفرق التابعة له الى أهمية العاصمة دمشق التي تختلف عن بقية عواصم العالم ولها خصوصية تنبع من كونها حافظة الإرث الإسلامي والمسيحي معاً مقدمة بذلك أنموذجاً للانفتاح الحضاري والاعتدال ليس في الدين فقط بل في السياسة والمجتمع أيضاً حيث دمجت دمشق كل العناصر الثقافية في بوتقة وطنية وهذا هو نموذج الاعتدال الذي ميّزها ومنع القوى المتطرفة من اختراقها تاريخياً، فلصمود دمشق خلال الأزمة التي تعيشها البلاد منذ ثلاث سنوات دور أساسي في صمود سورية.
وأكد الرئيس الاسد أن دمشق هي محور سورية الأمر الذي يضع مسؤولية كبيرة على القيادات الحزبية في فرع دمشق وكذلك الشُعب والفرق الحزبية فيها، منوها بأهمية اللقاءات مع الفروع الحزبية والشُعب والفرق لتبادل الأفكار والتحليلات بهدف تطوير العمل الحزبي، مضيفاً: إن الحزب بقي متماسكاً خلال الأزمة وذلك بسبب الحالة الصحية التي شهدها في هذه الفترة والتي تمثلت بعملية التنظيف الذاتي في بنيته من خلال خروج وفرار بعض المنتسبين إليه وهذا التماسك ناتج عن كون الحزب مؤسسة منتجة للكفاءات ولا تتوقف بخروج هؤلاء.
وشدد الأسد على ضرورة الحوار والتواصل الفعّال والبنّاء مع الأحزاب الجديدة على الساحة السورية، من أجل تحديد آليات التواصل المستقبلية معها، وصياغة التحالفات المثمرة مع الأحزاب التي تتقاطع أفكارها مع أفكار البعث، داعياً الى الابتعاد بالعمل الحزبي عن الخطابية والإنشائية واعتماد منهج التحليل العلمي لكونه السبيل الوحيد لتطوير هذا العمل الحزبي، ومؤكداً على أهمية الحوار مع غير الحزبيين، وهذا يتمّ عبر السلوك المستقيم للقيادات والكوادر الحزبية، فالناس لا تعنيها الايديولوجية بقدر مايعنيها السلوك، لأن الأداء الشخصي للحزبي يعكس أفكاره ومبادئه، ولذلك فمن واجب الحزب أن يضع معايير تميّز بين الفعال وغيرالفعال.
وقال “نحن أمام تحديات كبيرة أظهرتها الأزمة وأول تحدّ هو مواجهة الفكر المتطرف الذي يحاول أن يتغلغل في المجتمع، والتطرف عندما يدخل إلى المجتمع يصبح الوضع خطيراً. كما أن لدينا فراغاً فكرياً خطيراً لم نكن نراه وهذا تحدّ كبير في حزب البعث، إضافة إلى حالة اللاوطنية التي بدت أكبر من التوقعات، وواجبنا أن نناقش كيف نعالجها وهناك حالة الوطنية بلا وعي”.
وأشار الاسد إلى أن المطلوب هو تطوير الحوار داخل الحلقات الحزبية، ومن دون الحوار لايمكن أن نطور الحزب والوطن، وفكرة الحوار الذاتي مطلوبة الآن، وعلينا أن نقبل النقد لنطور أفكارنا وإذا لم نبتعد عن اللغة السطحية نحو التحليل لن نتغير، كما دعا الرفيق الأمين القطري إلى طرح أدبيات الحزب والمنطلقات النظرية والنظام الداخلي على النقاش والحوار داخل الاجتماعات الحزبية، وأخذ الملاحظات بهدف تطوير فكر الحزب، إذ لايستطيع أي مؤتمر أن يناقش هذه المواضيع ويصل إلى رأي بخصوصها خلال بضعة أيام، وعلينا أن نأخذ رأي القواعد الحزبية، لافتاً إلى أنه على الحزب أن يتواصل مع الناس ويحاول معالجة قضاياهم .
وأكد أن الحاضنة الشعبية للإرهاب آخذة بالتقلّص ودائرة المصالحات الشعبية إلى اتساع، وهي الوسيلة الأكثر فاعلية لمواجهة مشروع إسقاط سورية الذي يجري التركيز عليه بعد سقوط موجات “الربيع العربي”.
هذا وجرى خلال اللقاء نقاش موسّع طرح خلاله الرفاق الحضور العديد من التساؤلات والاستفسارات المتعلقة بالشأن الحزبي وبالأفق السياسي على المستوى الداخلي والخارجي.
وأجاب بكل شفافية مرحباً بأي اقتراح من شأنه أن يساعد في تحسين العمل الحزبي بما يخدم الوطن والمواطنين، ومؤكداً على أهمية مواصلة مثل هذه الحوارات وتبادل الأفكار على كافة المستويات لما من شأنه أن يشكّل مخزوناً هاماً لدى الجميع يمكن استثماره في تطوير الأداء الشخصي بما ينعكس إيجابياً على البعث والبلاد.
سيريان تلغراف