Site icon سيريان تلغراف

من “بال ” إلى “مونترو ” .. صهينة الإسلام والعروبة .. بقلم نمير سعد

كان ذلك منذ ما يزيد عن قرنٍ من السنين  ، لم أكن قد ولدت بعد .. ولا أنت يا قارئ الكلمات ، لكن أجدادنا كانوا ، بعضهم كانوا خارج الصالات حاضرين ، كانوا حاضرين في ضباب الأنفاس الأخيرة للعجوز العثماني المريض الذي يقارع سكرات إنكماشه وتقزمه وضموره وإنكفائه ، كان ” تيودور هرتزل ” حاضراً ، و كان التاريخ حاضراً  . أجداد أحد فريقي اليوم تصدر حينها صالات كازينو مدينة “بال أو بازل ” وإستحوذ على مصطلح الفريق المؤسس ، كان حينها المؤتمر العالمي العلني الأول للصهيونية . اليوم في “مونترو ” ، يجبر بعض أحفاد من كانوا خارج الصالات على إمتشاق بنادق وطنيتهم و حشوها بنيران جراحات الوطن السوري ، يجبرون على خوض معركة هزيمة أحفاد من كانوا في ” بال ” ، الأصلاء منهم والوكلاء  ممن تناسلوا وتوالدوا وتكاثروا و حاكوا للبشرية القلنسوة إثر القلنسوة حتى أرغموا السيد “غنيس “على حفر قائمة أسمائهم في كتابه ، الكتاب الذي توجب عليه هذه الأيام أن يستوعب بطريقة إعجازية قائمةً لما يزيد على ثلاثة مليارات معتمرٍ للقلنسوة اليهودية ، ومؤمن بالصهيونية . لا بد هنا من التذكير بأن ثلث كائنات تلك القائمة هم من المسلمين ، وأن عديد ذلك الثلث هو أعرابي الجذور صحراوي النشأة . قد يكون ضرورياً ومفيداً ومريحاً  للنفس والروح أن نقول هنا أن لذلك التحول التاريخي المفصلي حالاتٌ عديدة أسعدها أن تشذ عن قاعدة الشذوذ ، أفرادٌ وجماعاتٌ آثرت الإيمان بالقاسم المشترك من الحضارة و التاريخ ، آثرت الإيمان النقي من شوائب المصالح القبلية الصحراوية الضيقة ، والإيمان  بالدين الجامع بعيداً عن الصهينة والتهويد  ، و آثرت البقاء بعيداً عن دائرة آثام و رجس ورذائل وكبائر  المتهودين و  المتصهينين .. .

الإعتقاد والخيال .. والحقيقة والواقع .

عن جنيف 2 .. 3 … 4 أو 10 ..  دعوني أسألكم هنا ..  من كان يجرؤ باعتقادكم  قبل ألفي عام ، قبل ثلاثة آلاف عام ، أو قبل خمسة آلاف عام على الإعتقاد بأن كائناتٍ كهذه سوف تنسب لهذه الأرض ؟ ، من كان يجرؤ على خوض غمار الخيال والخرافة باحثاً منقباً عن أشباه لصورة الواقع السوري ، لبعض شخوص هذا المشهد ، لأقوالهم وأفعالهم ومواقفهم وقسمات وجوههم  ، لا شك أن قدراً كبيراً من راحة البال كان يسيطر على الأرواح ويغمر النفوس آنذاك لمجرد الإيمان بأن هكذا مشاهد إن وجدت ،، لن تكون خارج إطار الخيال والخرافة . للأسف أقول .. أننا  نصل اليوم بقليل من الواقعية و التفكر والمراجعة لتفاصيل ومجريات أحداث عمر الحرب على سوريا ، الأحداث التي كساها لوني الدماء والحداد ، و أحاطت عناوينها مفرداتٌ لا حدود لها كان أشهرها مفردتي الغدر والخيانة ، الأحداث التي كانت أعظم شعاراتها .. الجنون الثوري .. أو ثورة الجنون .. الأحداث التي تطالعنا وتتحفنا هذه الأيام بألوان لوحة قصر المؤتمرات في “مونترو”  ، ومواقف أبطال المعارضة اللاوطنية الذين تغزو صورهم الفضائيات والصحف من ثلة الإقبيق ، والعبدة ،و المالح ، و فليحان ، و الصافي ، والكيلو ، والجربا . نصل إلى نتيجة بسيطة تقول أن لا فوارق جوهرية حقيقةً بين هذه الزمرة ممن هم على إستعداد لخدمة الكون بأسره  .. عدا وطنهم ، وبين قطعان الضباع من هواة قطع الرؤوس ومضغ القلوب ، فهذه تهوى الرقص فوق أشلاء ضحاياها ، وتلك تنظم لها مواعيد وصالات حفلات الجنون ” الثوري ” وتشحذ لها سكاكينها وسواطيرها ، ليرقص كلا القطيعين فوق أشلاء الوطن .. .

من يسافر في حافلة الزمن إياباً ، و يحجز تذكرةً في المقاعد الخلفية للتاريخ ، ويسترجع مشاهده و صوره ولوحاته ، سوف يكتشف دون الحاجة لإعطاء ذاكرته المعرفية المعلوماتية جرعةً ولو بسيطة جداً من المنشطات ، أن هناك على أرض الواقع والحقيقة  حالة من التشابه حد التطابق بين ما كان حينها في كازينو المدينة في “بال” وما يجري اليوم في ” بعض ” دهاليز وكواليس وصالات قصر المؤتمرات أو … “المؤامرات” في “مونترو ” وبعيداً عنه في واشنطن ولندن وباريس والرياض وأنقرة ، إسقاط الأقنعة عن “معظم” ما هو عروبي وإسلامي ، لتظهر الوجوه الصهيونية الملامح والهوى والدماء … .

بين إعلان المقبرة .. والحرب على المقبرة . 

رئيس جهاز الإستخبارات الأمريكية “جيمس كلابر” يدق جرس الإنذار ليلحق بمن سبقه في التحذير من الخطر الداهم للإرهاب القاعدي أو “الإرهاب الإسلامي” ، وليقوم رغم ذلك بمغالطة عديد مراكز الإحصاء والأبحاث التي أعلنت مراتٍ عديدة أن مجموع الإرهابيين الوافدين إلى أرض الجهاد السورية هو أضعاف العدد الذي أتحفنا به “كلابر “ساعة ذكر أن عديدهم يقدر بسبعة آلاف وخمسمائة إرهابي … وحسب . على أية حال ما يهمنا هنا أن الجنرال العتيد ركز في مداخلته على خطر أولئك على الغرب بشكل خاص ، متجاهلاً البداهة التي تقول بأن خطرهم وإرهابهم لا بد له أولاً أن يمر في مرحلة إستكمال البناء والهيكلية و الوصول إلى تحقيق حلم السيطرة على الأرض السورية و إعلان سوريا والداخل العراقي وشمال لبنان  أوراماً جديدة لسرطان آل سعود ومحمد بن عبد الوهاب كمرحلة أولى يتبعها الإنطلاق للإنتشار في عديد دول الإقليم والشرق الأوسط  ، وصولاً بكل تأكيد في مرحلة لاحقة للبدء بممارسة الكفر والتكفير الوهابيين على أراضي كل الدول التي قد تضمها قائمة الجنون الوهابي الخاضع بشكلٍ غريب ومريب في مراحل كثيرة للتسيير والتوجيه من الولايات المتحدة نفسها وبعض دول الغرب بالوجهة التي تخدم مصالح حكومات تلك الدول مرحلياً أو مستقبلياً .. لنا أن نلاحظ هنا أن “كلابر” وجه دعوةً مشبوهة جداً وخبيثة جداً – للحيلولة دون عودة أولئك الإرهابيين إلى البلدان الغربية التي يحملون جنسيتها – . الدعوة التي شكلت أهم أولويات جهاز إستخباراته وهمهم وهاجسهم الأكبر. تناغمت مع قيام الحكومة البريطانية بسحب الجنسية من ما يقارب من “أربعمائة” إرهابي من أصل بريطاني يقاتلون على الأرض السورية … .

تماهى مع كلا الموقفين أو الإعلانين مرسوم جهبذ البادية “أبو متعب” ، الذي كان لافتاً فيه وبعيداً عن التفصيلات والجزئيات بمعاقبة كل من يثبت تورطه في “أعمال الجهاد”خارج أرض المملكة بما يقرب في بعض الحالات الحكم بالسجن من عشرين إلى ثلاثين عاماً ، الأمر الذي كان من السهل تفسيره بعد الأخذ بعين الإعتبار تاريخ آل سعود الموبوء بسوء النية والخداع والتآمر و الغدر والخيانة والكذب والنفاق .. أنها دعوة لمن شد الرحال نحو أرض الجهاد بألا يعود .. ولمن قد يشد الرحال إليها قريباً أن يحذو حذو من سبقه وأن يجاهد هناك حتى تحين ساعة نفوقه . حال مرسوم “أبو متعب “لا يختلف في شيء عن دعوة “كلابر “وإجراءات الحكومة البريطانية والأسترالية و السويدية والكندية وغيرها من حكومات الغرب .. تلك جميعها إعلانٌ صريح عنوانه – سوريا مقبرةً للإرهاب –  المقيم الآن على أرضها كما الوافد قريباً أو مستقبلاً إليها . هي عملية فلترة وتصفية لأجساد مجتمعات تلك الدول من بعض جراثيمها وفيروساتها ،، ونقلها إلى سوريا والحجر عليها هناك وإرغامها من حيث شاءت أو لم تشأ على خوض الحرب حتى نهايتها ضد الشعب والجيش السوريين  ، إلى حين جلاء غبار معركة البقاء لكلا الفريقين . فإما أن يقضي عليها الجيش الوطني السوري بعد إستنزاف أقصى ما يمكن من القدرات البشرية والعسكرية والإقتصادية للدولة السورية ،  وإما  تكون السيطرة لزمرة الضباع الوهابية – وهذا ما لن يكون –  فتعلن آنذاك الحرب الكونية رسمياً ودونما أقنعة على سوريا بإعتبارها المعقل الإرهابي الأكبر والأخطر والخارج عن أية سيطرة ، المعقل الذي خطط له أن يكون الأكبر والأخطر، ليتم من خلال هكذا حرب تدمير ما لم يدمر من الدولة السورية بنياناً وحضارةً ودوراً وإقتصاداً وجيشاً ونسيجاً اجتماعياً ومستقبلاً … .

 خاتمةٌ ثقيلة  .. بوزن ألف غرام .

 بحكم كثرة وزحام الأنباء و المشاهد التي تستوقف من يتابع رسائل جنيف2 ، فأنا لن أخوض في عديدها وإلا لما انتهيت .. لكنني أصر على التوقف  عند حالة كائنٍ بعينه يدعى ” ميشيل كيلو” .. أقول بدايةً أن أحدنا إن تناول هذا أو ذاك الشخص أو الجهة كتابةً  فإنه يحاول ما أمكن الإلتزام بالمعايير الأدبية و قوانين النشر لهذه الصحيفة أو ذاك الموقع ، أقوم بهذا من جهتي ما استطعت رغم أنني لا أمثل بشكل مباشر أي طرف حكومي رسمي ، لكن لا حدود  لسعادتي وفخري ساعة أمثل الوطن جيشاً وشعباً وقيادة من خلال عقيدة الإنتماء بلا حدود لذرات التراب السوري .. جميعه . لفتني في مداخلة للكيلو خلال لقاءٍ مع سفير سوريا الدائم في الأمم المتحدة وعضو الوفد السوري المفاوض  الدكتور بشار الجعفري ، أن الكيلو لم يستطع الإرتقاء ولو تمثيلاً لأعلى من المستوى الأخلاقي والحواري الهابط جداً ساعة قال بسفاهة لافتة عن الوفد السوري الحكومي أنهم لا يملكون سلطةً حتى على — ( صبابيطهم ) —  ،   ” لاحظوا  هنا وفيما سيلي اللغة الهابطة جداً لأحد “وجهاء وفقهاء و فلاسفة ومنظري ومشايخ الثورة الإسلاماوية الوهابية في سوريا ” ، الكيلو تابع هبوطه وإنحدار مستواه ليضيف لاحقاً.. واصفاً الدكتور الجعفري ب– ( صبي المخابرات السورية ) — . ألح علي قلمي وأصرعلى الخوض ولو في عجالة في سلة القبح والقرف و الدونية التي وصل إليها حال هذا ” المفكر الإسلامي الأعرابي الثورجي الكبير ” ، الذي لم يستطع مراعاة أبسط أصول الخطاب السياسي الرسمي ، ولم يحترم ذوق ورأي وأذن المشاهد أو المستمع ، الكيلو في المحصلة  قدم في مداخلته عينةً عن رفعة أخلاقه و سمو فكره ورقي مقامه و علو قدره وعظمة شأنه وسعة ثقافته ونقاء سريرته وصفاء روحه . لم يكن مستغرباً البتة بالنسبة لمن يتابع أن الدكتور الجعفري أدرك بسرعة بداهته وحذاقته ونباهته ورقي مستواه أن مجرد الرد على هذا الشرر من القيء الواثب من فم الكيلو .. سوف يعلي من شأنه ووزنه وقد يهبه بضعة غرامات إضافية .. فآثر تجاهل القول والقائل ، القرف و المقرف ، الدونية والدون . “الكيلو” للعلم فقط ، هو ذات الغرامات الألف التي قامت في الأمس أيضاً بإنكار وجود الإرهاب في سوريا ، شارحاً – لمن لا يعلم – أن ما يسمى بالجيش السوري الحر هو أكبر فصيل ثوري مقاتل وأن تعداده يقارب مئة وخمسون ألف ثورجي مسلح .. تخيلوا يا قوم!!  مردفاً  بالحرف الواحد ( .. أي جبهة نصرة !! وأي جبهة إسلامية !! وأي داعش !! لا مجال لمقارنة هؤلاء بالجيش السوري الحر  .. مع إحترامنا للجميع طبعاً ) ؟؟؟!!! ، إذاً هو لم ينس أن يقدم بشكلٍ من أشكال الإعتذار .. إحترامه لمن ذكر من الفصائل الإرهابية التي لا يصنفها أصلاً تحت عنوان الجماعات الإرهابية … .

 إنه أيضاً ذات الغرامات الألاف التي قامت في وقتٍ سابق بالتهجم بذات الهستيريا على الرئيس السوري بشارالأسد والوزير المعلم ، و هددت في غير مرة سيد المقاومة اللبنانية حسن نصر الله ، و القيصر الروسي بوتين . للدكتور الجعفري أقول أخيراً .. يكفيك فخراً أنك عضوٌ في الفريق المقاوم الجاثم على صدور أعداء الوطن السوري وحلف المقاومة .. يكفيك فخراً أنك تمثل الوطن السوري في أهم وأخطر ساحات ومحافل المواجهة الدولية ، ويكفي السوريين أنهم هناك حاضرون من خلال حضورك وصوتك أنت ومن معك من الأشراف .. “للكيلو “نقول : لن تؤثر جعجعةٌ إضافية مهما بلغ وزن صاحبها على صمود هذا الشعب العظيم وعلى معنويات جيش الوطن العظيم .. فهذا الثنائي لن يمل شئت وصحبك وأسيادك أم كرهتم  من إلقاء تحية الحب والتقدير كل صباحٍ وكل مساء كما على سماء الوطن وترابه كذا على رموز القيادة السورية .. التي تضيف للثنائي زاويةً إضافية يكتمل معها مثلث صمود هذا الوطن وتثبت معها أكثر سواري أعلام مجده ونصره .. .

سيريان تلغراف | نمير سعد

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version