Site icon سيريان تلغراف

كلام لا علاقة له بالأمور السياسية .. “47” والكبر زعيم وقائد البغض والكراهية .. بقلم برهان إبراهيم كريم

تكبر إبليس فلعنه الله, وتكبر وطغى فرعون فأغرقه الله باليم, وتكبر النمرود فأهلكه الله.

وخص الله كل من تكبر وأستكبر بسوء العذاب. ورسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ.وقال أيضاً: لا يدخل الجنّة من كان في قبله مثقال ذرةٍ من كبر. وابن القيم قال: الكبر أثر من آثار العجب والبغي من قلب قد امتلأ بالجهل والظلم. ترحَّلت منه العبودية، ونزل عليه المقت. والكبر يسلب الفضائل, ويكسب الرذائل, ويجلب المقت. وأن  كان الكبر هو الشعور بالثقة الزائدة بالنفس, مضافاً إليها الرغبة باحتقار الغير.

فالغرور هو الشعور  بالثقة الزائدة بالنفس بدون توافر الرغبة باحتقار الآخرين, وهو ينفخ صاحبه ولكنه لا يرفعه. والمغرور أشبه بالطائر الذي يحلق بالجو, كلما أزداد علواً كلما صَغُر في أعين الناس. وحين يصاحب الغرور رغبة باحتقار الغير. فإنه يتحول إلى كبر. فالغرور  على الأغلب يقود صاحبه إلى الكبر, ومن تكبر على الناس أذله الله في الدنيا والآخرة.

ويحزننا أن نجد هذا النموذج شائع بين الساسة والمتعلمين والمثقفين وحتى بين الطلاب. ويفتت قلوبنا أن نرى من يتكبر على غيره  بعلمه  أو بحسبه ونسبه أو بأتباعه وعشيرته  أو بماله أو بملبسه وعرباته  وقصره وطعامه,  أو بوظيفته ومنصبه, أو بقدراته الفنية والتمثيلية أو بمكانته الاجتماعية, أو يأكل حقوق الناس بالباطل, أو يسخر ويستهزئ ويستخف بالعباد.

وأسباب الكبر حددها الماوردي بالأمور التالية: بعلو اليد, ونفوذ الأمر, وقلة مخالطة الأكفاء.

والغرور والحسد وجهان لعملة واحدة, فهما من يزرعان الشقاق الذي يقتل الألفة والمحبة.

وصف قتيبة بن مسلم الكبر بقوله: من تكبر أُعجب برأيه, ومن أُعجب برأيه لا يسمع قول ناصحه, ومن أتصف بالإعجاب وتخلق بالاستبداد كان عن الرشد بعيداً, ومن الخذلان قريباً. ومن تكبر على عدوه أحتقره, ومن أحتقر عدوه قل احتراسه, ومن قل احتراسه كثر عثاره, ولا يسلم من عدوه إلا من كان أحذر من غراب. ويجب أن لا ننسى هذه الموبقات الثلاث:

  1. الحرص: فالحرص أخرج آدم عليه السلام من الجنة.
  2. الكبر: والكبر حط إبليس عن مرتبته ولعنه الله لأنه تكبر على آدم ولم يسجد له.
  3. الحسد: والحسد  دفع أبن آدم قابيل لقتل أخيه هابيل.

وأهم ما قيل بخصوص الكبر:

يا مظهر الكبر إعجاباً بصورته ********  أنظر خلاك فإن النتن تثريب.

هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة ******* وهو ببضع من الأقذار مضروب.

أنف يسيل وأذن ريحها نتن **********  والعين مرقصه والثغر ملعوب.

لو فكر الناس فيما في بطونهم ******* ما أستشعر الكبر شبان ولا شيب.

يا ابن التراب ومأكول التراب غداً ****** أقصر فإنك مأكول ومشروب.

أذكر البعض بهذه المقدمة الموجزة,  كي يتبينوا أن معظم ما تعانيه كل من الأمتين العربية والإسلامية من مشاكل وأزمات مستعصية,  إنما أسبابه جنوح البعض إلى التكبر والاستكبار.  مما شجع  القاصي والداني على التدخل في شؤوننا الخاصة والعامة. ومنها على سبيل المثال:

في كل دولة من دول العالم معارضة وموالاة.  والموالاة لها حكومة تحكم من خلالها البلاد. والمعارضة  هي بمثابة حكومة ظل  تفتش عن تقصير وإهمال الحكومة  بحق المواطنين والبلاد, وتحاسب الحكومة القائمة بالطرق الدستورية.  وحتى في الأمور المصيرية أو الأخطار التي تحيق بالبلاد, تجتمع الموالاة مع المعارضة لوضع الخطط  والاجراءات اللازمة لحماية البلاد والعباد. بينما في الدول العربية والاسلامية قد تجد حكومات للموالاة و حكومة للمعارضة وحكومة مقالة و كلهم يتناطحون لحكم البلاد. والمواطن هو من تهمله كل هذه الحكومات. فدور المعارضة محصور بالمزايدة على الحكومة بالشعارات وبوعود خلبيه أو زعزعة الأمن والاستقرار.

والسؤال المطروح:  هل إن معظم مشاكلنا وأزماتنا بكافة جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الشخصية إنما أسبابها  عقدة الكبر  والاستكبار والاستعلاء عند البعض؟

سيريان تلغراف | العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version