تكاثرت الأقلام المقاومة النابضة بحب الوطن في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الإجتماعي الفيسبوكي و التي دلت على الوعي المنتشر للشعوب العربية و خاصة في تبنيهم قضية سورية الأسد التي شغلت الكون لما يدور على أرضها من حرب ضروس بين كتل الخير و كتل الشر .
سورية هي القلب النابض للعروبة و ما يدور بداخلها سينعكس بشكل أو بآخر على جميع الدول العربية دون استثناء و المشاركة بالدفاع عنها واجب قومي عروبي لكل عربي مناضل ضد الصهيونية المتكالبة على وطننا العربي و على أمتنا الإسلامية فهي خشبة الخلاص للشرق الأوسط و انتصارها هو انتصار للوطن العربي برمته .
ازدياد كوادر النخب الثقافية و الأقلام الوطنية خلقت نوع من عظمة الشهرة و حب الظهور خاصة على صفحات التواصل الإجتماعي الفيسبوك فمالت النخب الثقافية بدورها من الدفاع عن الوطن إلى الهجوم على بعضها البعض بإنتقادات لاذعة تطال الكاتب نفسه و ليس فكره و هذا ما سيؤدي لإنحدار فكرهم إلى مستنقع القنابل الموقوتة التي تشوش العقول و تشحن القلوب بالحقد الأعمى و ستكون فيه ردة الفعل العكسية هي ردة الفعل الطبيعية التي سيصل إليها هذا النقد الشخصي اللاذع و الغير بّناء بطريق غير مباشر لولادة جبهة جديدة على ساحة الحرب الكونية على سورية هي حرب الأقلام الأشد خطورة من الحرب نفسها لأنها تعمل على نخر جذور الفكر العلماني الثقافي و التي خلقها النزاع الشخصي بين الشخصيات المقاومة ليعود تأثيرها بشكل سلبي على الوطن و الشعب معاً لأن من يغذي العقول بفكره بإستطاعته نقل الحرب من الأقلام إلى الواقع بفعل الإنتقام .
العدو الصهيوني يعتمد بفكره الماسوني على احتلال العقل قبل الأرض و لهذا نراه يطبق سياسة صديق عدوي هو صديقي لأنه يستفيد منه كأداة تخدم مصالحه في معرفة نقاط ضعف عدوه و لكن العرب كانوا أوهن من بيت العنكبوت و أوهن من الصهاينة أنفسهم لأنهم استخدموا فيه سلاح ذو الحدين بين صديق الصديق و عدو الصديق الصديق لأن ضربة العدو للصديق هي ضربة مستبقة و الحذر فيها موجود و نتائجها معروفة أما حرب الصديق للصديق فهي الضربة القاضية لأنها ضربة غير متوقعة و نتائجها مضمونة أكثر و هذا هو خبث الفكر العربي الذي اعتمد عليه الصهاينة في حربهم ضد الوطن العربي لأنهم أدركوا أن العرب لا يفلحون إلا بمحاربة أبناء جلدتهم فقط و بهذا الأسلوب حققوا لاسرائيل ما لم تحققه بعهود من دمار و خراب في وطننا العربي بمدة قصيرة .
ما بني على باطل فهو باطل و هذا الأسلوب المتدني لا يتبعه سوى الشاذين أخلاقياً لأن الزمن دوار و لن يعجبهم حين يدور و ينقلب حال من صادقهم اليوم لمصلحة معينة ليكونوا هم نفسهم أعداؤه في المستقبل و الوطن لا يحتاج إلى من يحب السياسة ليدافع عنه بل يحتاج لمن يدافع عنه بسياسة الحب و الفرق شاسع بين الأمرين لأن من يحب الوطن يبتعد عن الأنانية و حب الظهور من أجل الشهرة و يصهر الأنا لتذوب في ال نحن لأن الوطن يحتاج من يجمع شمل أبنائه بكل أطيافهم تحت سماؤه و يحتاج من يضعه فوق نفسه لأن الوطن فوق الجميع و سورية فوق الكون . الدفاع عن سورية يحتاج لجميع الشرفاء في الوطن العربي و لأقلامهم النابضة بحروف المقاومة بكل أطيافهم لأن هذه الحرب هي ليست حرب عادية بل حرب كونية بين كتل الخير ضد كتل الشر و حرب الإنسان ضد شياطين الموت و دائرة الحرب تتوسع و احتلال الفكر يتوسع و تتوسع معه أحلام الصهاينة و الثغرة الوحيدة التي يسيطر بها الغرب على العرب كانت و لا تزال هي حرب الفكر لاحتلال العقول و التي تسبق احتلال الأراضي و الغرب يستغل أهم نقطة ضعف لدى العرب و هي أنهم لا يتفقوا إلا على خراب أوطانهم و ربما لهذا السبب جمعوا العرب على صفحات التواصل الإجتماعية الفيسبوكية لكي تكون هي الحرب الأساسية التي تبدأ بالأقلام و الأفكار و تنتهي على أرض الواقع لأن جهلنا باتحاد أفكارنا من أجل وحدة هدفنا و وحدة مصيرنا أصبح مقدس و بالإنتقاد اللاذع للأقلام المقاومة الشريفة لبعضها البعض تنحدر ثقافتنا إلى مستنقع القنابل الموقوتة لأن أصحاب هذه الأقلام التي تنتقد الشخص لا الفكرة التي يكتب عنها نسيوا أن هناك من يتابعهم بشغف ليشرب من خمرة ثقافتهم الحضارية فيرتوي منها و بدأوا يدسون السم في العسل بمحاربة بعضهم البعض ليسربوا للقارئ ثقافة الحقد الأعمى حتى تشحنه بالسلبية ليفرغها بدوره على أرض الواقع و هذا هو التآكل الجذري للنخب الثقافية التي تدمر ما بقي من بنيانها المتعمد عليه في محاربة الجهل و في بناء سورية الحديثة العلمانية .
عندما نتحدث عن العرب و جهلهم ننسى أو بالأحرى نتناسى أننا نشاركهم جهلهم عندما ننشر ثقافة النقد الغير بّناء القائم على كسر الآخر للوصول إلى الشهرة التي تكاد تخنق الوطن باللامبالاة و اللامسؤولية .
إن النخب الثقافية تلعب دور أساسي في قضيتنا العربية المصيرية و دورهم فيها يجب أن يكون دور إيجابي فّعال لا يحتمل تشتيت الفكر و توتر النفوس من شحن العقول بالحقد الأعمى لتكون ردة الفعل ردة عكسية لا تخدم الوطن بل تدمر لحمة نسيج شعبه الذي يحتاج إلى من يشعر بالمسؤولية الكاملة تجاههم و ينشر سياسة الحب التي تجمع شملهم من أجل أن يكملوا مسيرة الصمود و التحدي .حرب الأقلام الوطنية لن يؤدي إلى أي نجاح أو تفوق لأنه مبني على حساب الوطن و المواطن و من يريد أن يكون ناجحاً فليضع الوطن فوق نفسه و يكون على قدر كبير من المسؤولية تجاه شعبه و تجاه وطنه و تجاه نفسه فالسلاح يقتل عدة أشخاص أما الكلمة فهي تميت أمة قبل أن تقتلهم و تدمر وطن و الوطن يحتاج جميع أبنائه ليلتفوا حوله و يسّيجوه بمحبتهم فثورة المحبة إن لم تهزم ما هدمته ثورة الدماء سترمم ما قتلته في نفوسنا و تخلق من ضعفنا نقاط قوتنا لتكون هي بداية السلام التي نسعى لتحقيقها فالأمل يولد من رحم ترب الألم بالمحبة الخالصة و بأهدافها السامية .
سيريان تلغراف | دنيز نجم
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)