إنهم قلة من العقول الشيطانية بلغوا من العبقرية في جمع المال, وفي تحريكه لأغراضهم والسيطرة علي منابع الثورة ومنافذ السلطة, وعلي منصات صنع القرار, ولهم عملاء وأتباع عميان بلا عدد يتفانون في خدماتهم, ويعملون في الخفاء والعلن، حتى أن هؤلاء الأتباع قد يموتون من أجلهم, فهي مؤشرات خطيرة لحالة من التبعية العمياء لبعض القيادات الماكرة لهذه الجماعة.
إن ما تروجه هذه الجماعات من أكاذيب وإفتراءات هو إستغفال لهذا الشعب، لقد جمح بهم الغضب, وأعماهم الانتقام وفقدوا روح التسامح وتبنت ميليشياتهم سياسة “الأرض المحروقة” واعتمدت استراتيجيتهم المواجهات الدامية فى مختلف أنحاء الجمهورية، من الإسكندرية حتى أسوان، انتقاما من الشعب والدولة معا.
وتشير الأحداث السياسية -خلال الأسابيع الماضية- إلى أن جماعة الإخوان تمتلك استراتيجية واضحة المعالم لتحقيق أهدافها الارهابية والتخريبية فى مصر ومحاولة منها شل قدرة أجهزة الدولة واللجوء لأعمال عنف وشغب تستهدف أقسام ومدريات الشرطة، إما للإنتقام أو السعى لإهتزاز هيبة الشرطة مجددا.
إن قيادات الجماعة وحلفاءها إنتهجت تكتيكات “سياسة حافة الهاوية لمصر”، كما تضمنت الحيل افتعال مواجهات مع الجيش وهو ما يعد إستكمالا لموقف الجماعة الذى مفاده الحكم أو الحرق، وظهور ذلك العنف الممنهج من تفجيرات منظمة وقطع للطرق وغيرها من العمليات التخريبية, وتمثلت التكتيكات فى إرباك الدولة المصرية، وبدا ذلك واضحا عقب بدء عمليات التفجيرات المتتالية التي استهدافت بعض المقار الرسمية والحيوية فى مصر, بدايتنا بمدرية أمن المنصورة وما تلتها من أحداث أرهابية حتي تفجيرات مدرية أمن القاهرة وما تبعها من أعمال إرهابية متواصلة.
كما إشتملت خططهم على تعطيل المرحلة الانتقالية، وهو ما يمثل هدفا ثابتا لجماعة الإخوان منذ عزل محمد مرسى، لكنه قد يأخذ أشكالا أكثر حدة وخطورة وهي أن تعود الجماعة لسياسة الاغتيالات لبعض الشخصيات الفاعلة في الدولة،وذلك لارباك المشهد السياسى في مصر وهو ما يشير إليه القتل الهمجى من قبل أنصار الجماعة لقيادات من ضباط الشرطة والجيش ببعض الأقسام ومدريات الامن، وما تقوم به بعض قيادات الصف الثاني من التنظيم الاخوانى بتشكيل مجموعات خاصة للقيام بتفجيرات متفرقة لإرهاب قوات الأمن والشعب.
فقد أدت هذه السياسات الإرهابية المعتمدة على تهديد صورة الدولة وهيبتها إلى قناعة تامة لدى الحكومة و الشعب والقوى السياسية بعدم وجود رغبة لدى هذه الجماعات المتطرفة في تعديل مسارهم التى رسمتها قياداتهم.
ومن هنا نأمل أن يعد كل منا الي فطرته التي فطرنا الله عليها ولم تدنسها أغراض أو مصالح, ليعد كل منا الي قلبه, فقد أودع الله في قلوبنا الرحمة والمودة, نحن في حاجة إلى رؤية تنهض بقيم المواطنة والمساواة, رؤية تحترم العقائد والمعتقدات الدينية, وتؤمن أن مصر للمصريين, وأن نبني سويا مجتمعا إنسانيا يعيش فيه كل فرد حياة كريمة وحرة، وعلينا ان ننظر الي إختلافنا بصورة إيجابية وحضارية في إطار من التسامح والاحترام, فلنتذكر معا خطبة الوداع للرسول الكريم صل الله عليه وسلم عندما قال “إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا”، هذا هو المنهج التشريعي العظيم الذي أوصي به الرسول الكريم, صل الله علية وسلم في خطبة الوداع.
من هنا أمرنا الله سبحانه وتعالي بحفظ النفس وجعلها من الضروريات التي أكدت عليها الشريعة الاسلامية, ولأجل هذا حمى الإسلام النفوس، وصانها وحرم الاعتداء عليها إلا بالحق، وجعله من أكبر المحرمات، وأعظم الموبقات، وقرن قتل النفس بالشرك بالله.
ولا زالت القصة تتداعى فصولها, وإذا قلنا أن هناك طرف مذنب, فهناك أطراف من هذه الجماعات تهورت في إنتقام أعمي غير محسوب وغير مسبوق, فقد نشروا الارهاب والعنف والقوا الرعب بين الابرياء من الشعب وأفرطوا في الرد بوحشية دون تمييز.. ولم يسدل الستار بعد .. فهناك قتلة لم يحاسبوا .. ومجرمون لم يدفعوا ثمن جرائمهم .. وحتي الموت لن يكون النهاية .. فهناك آخرة وحساب وعقاب وإله قادروعادل, فالله سبحانه وتعالي لا تخفي عليه خافية, ولن يفلت مجرم أو ظالم من عقابه, فكل منا سوف يلقي جزاء ما قدم وما فعل, “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.
سيريان تلغراف | خالد صادق
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)