في مطلع العام الحالي (2014) صدر تقرير عن المنظمة الدولية “Transparency International” أن مملكة السويد شغلت مركز ثالث أنظف دولة من الفساد في العالم، تقاسمت هذا المركز مع فينلندا والدانمارك ونيوزيلاندا الأنظف في العالم من الفساد . أما أكثر الدول فساداً فكانت الصومال وكوريا الشمالية وأفغانستان التي جمعت8نقاط. كما جاءت سورية وليبيا والصومال وهايتي وتركمانستان وأوزبكستان في مؤخرة القائمة……
في عام 2010 دوت فضيحة فساد “إداري” صفحات الاعلام السويدي كله واعتبرت خطيئة لا تغتفر ووقفت صاحبتها (عمدة استوكهولم العضو في البرلمان آنذاك ورئيسة حزب أمام المحكمة والسبب هو أنها كانت تريد ان تعبىء سيارتها بالوقود توقفت عند احدى المحطات وحين اكتشفت انها ليس معها نقود (حسب روايتها) “اضطرت” أن تستعمل كوبونات تستعمل للنقل الحكومي ..هذا العمل “الفاسد” تسرب عبر وسائل الاعلام الذي بدوره “غير مقموع” نشر الخبر وخاصة من قبل منظمات مكافحة الفساد وتعرضت للمساءلة القانونية ( بأي حق تستخدم البطاقات الحكومية لتسديد ثمن وقود سيارتها الخاصة؟ لماذا تصرفت في ملكية عامة لشأن خاص؟؟ حاولت العمدة الدفاع عن نفسها أمام المحكمة بالقول (( أنها اضطرت لذلك لأنها لم تكن تملك في جيبها النقود)) فرد عليها القاضي مؤنبا (( هذا لا يبرر فعلتك الشنعاء إذ كان بإمكانك ان تركني عربتك وتصعدين بالقطار العام !)وقد انتهت التحقيقات القانونية وحيثيات المحاكمة والمواكبة اليومية من وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي إلى إدانة شديدة لتصرف العمدة ( الذي وصف بالفاسد والمشين ) ومن جراء هذه الإدانة اضطرت السيدة إلى تقديم استقالتها من منصبها كعمدة للمدينة كما تم رفع عضويتها من البرلمان وجمدت مناصبها جميعا فقضي عليها وجلست في بيتها… !..
“جرم الفساد ” الذي قامت به العمدة يعد من أبسط جرائم الفساد واصغرها ولا تأتي نقطة في بحر من يستعمل الموارد الحكومية في بلادنا العربية من أجل مصالحهم الشخصية سواء من افراز سيارات لمسؤولي الدولة أو صرف كوبونات حكومية أو فرز عناصر لخدمة ضابط كبير ما في مؤسسة عسكري ما حيث كانت ولا زالت المؤسسات الحكومية في سورية والوطن العربي تحكمها المحسوبيات ونظرية كلٌّ يغرد في سرب جيبه التي يصيبها “الحَبَلَ الحرام” من كثرة ما تنتفخ نظراً لما يدخل بها من مال حرام من مقدرات الشعوب واستهزاء بخريجين الذين بمجرد ما يتخرجون يحضرون جلسات السمر المتتالية بين أمثالهم من الزملاء الخريجين الذين يجلسون على سطح الانتظار الطويل لدورهم “من بعد التقديم على مسابقات تعيين هنا أو هناك “الذي ربما يحظى ان “يتفشكل” أحدهم بيد أحد المسؤولين فيعمل عملية تصفية نتيجتها يُعَيَّن المُوصى به من قبل المسؤول الفلاني أو المحافظ الفلاني أو رئيس شعبة المنطقة الفلانية وهكذا ولا يُختار من المتقدمين ذوو الكفاءات الا النذر اليسير من كثير المتقدمين ليعيدوا الكَرَّة مرة أخرى وهكذا ..وهذا ليس مبالغ به ولكنه الواقع حقاً إلا ما رحم ربي ولقد عُومِل محارب الفساد بكل دونية بل أكثر القراء يعلم كيف يُعمل على جعل محارب الفساد كبش فداء أو توريطه بقضية ما لإبعاده عن طريق الفاسدين ،فيُضَحّى به لكي يخلصوا فلان الفلاني من ورطة ما او فضيحة ما فيلبسوها بالفقير البواب فلان الفلاني أو الموظف الفلان الفلاني…
نعلم اليوم أنه من “عارض” من اجل محاربة الفساد كانوا رواداً في الفساد في الحكومات المتعاقبة .وها هو المسؤول الحكومي “حجاب” الذي انشق لأنه لا يريد نظاماً “أسدياً” فاسداً على حد تعبيره ولكنه تبين حسبما فضحه زملاؤه بأنه أكبرفاسد بين هؤلاء وسرق أموالاً كانت معدة لمشروعهم “المعارض ” أقول معارض مجازاً لأنهم شلة فاسدين بفاسدين ، إذن المسألة ليست في الرئيس الاسد كجسم لهذا النظام لأن الرئيس الاسد كان المحارب الاول للفساد ويريد الاصلاح والتغيير لسورية أفضل وأكثر ديمقراطية وحرية وتحترم حقوق الانسان بكل مكوناتها ومؤسساتها …
هذه العوامل وغيرها كثيرة لا تعد ولا تحصى فيما يخص مرض الفساد في سورية كفيلة لأن تُخرِّج جيلاً فاسداً يتكاثر طرداً مع السنين الى ان يصبح صعب السيطرة عليه وهاهم اليوم أكثر المستفيدين من الحرب الارهابية على سورية هم الجسم الفاسد بهذه الدولة والذين يعملون ليل نهار لكي لا تقف هذه الحرب سواء عن طريق تجار الازمة أو عن طريق المهربين والمدعومين من قبل مؤسسات امنية ترعى عملهم الافسادي هذا سواء عبر الحدود عن طريق تسهيل مرور مهربات دون تفتيش او عن طريق تسهيل إمضاءات شأنها ان تمرر صفقات غير قانونية………..وهذه العوامل أعلاها كفيلة لأن تصدر الفساد الى الغرب الذي رغم ارادته في السيطرة والغطرسة لكنه يبقى محافظاً على المال العام قدر الامكان من أجل مواطنيه لأنهم يحاسبون ويُساءلون أمام القانون فكانت ان اتهمت سويدية برلمانية من اصل عراقي بسرقة أموال كانت قد حصلت عليها بصفتها البرلمانية من اجل دعم الديمقراطية في العراق ولكنها سرقتها واليوم تتعرض للمساءلة …
السؤال الذي يطرح نفسه ، كيف يريدون محاربة الفساد وخرجوا من أجل القضاء على الفساد وهم أفسد الفاسدين ؟؟؟ والأفسد منهم هؤلاء الذين يتسترون عليهم سواء بغرض الاستفادة منهم أو بسبب الخوف منهم لأن هكذا مافيات فساد تكون قوية وذات سلطة ونفوذ وأغلبهم يرتبطون بمشاريع خارجية (عدوانية) طفا على السطح منها الكثير الكثير خلال الحرب الارهابية على سورية وخاصة مهربي الاسلحة والمخدرات…والأنكى من ذلك لا حسيب ولا رقيب بل صار الفساد على عينك ياتاجر وفي وضح النهار حيث كلٌّ بات يتصرف على هواه وحسب مصلحته ومن ثم يتهم النظام السوري بالفساد لكي يزيدوا الطين بلة مستغلين بذلك التهمة التي تروج للنظام السوري بالفساد والجريمة واستغلال السلطة من اجل عائلته وهنا لا نبريئ النظام السوري من الفساد حيث يوجد في جسم الدولة السورية الكثيرون من ممولي مفسدي سورية وإلا لما كان تمكن الفاسدون من تمرير صفقاتهم معتمدين اعتماداً كلياً على هؤلاء الحكوميين الكفيلين بتسوية وضع كل شيء على حساب المواطن السوري الفقير والبسيط والذي لا يريد من هذا الوطن سوى العيش بكرامة وعزة وإباء ولكن أنّى له هذا بوجود هكذا مفسدين فصار هذا المواطن حبيس فكي كماشة الفساد من جهة وضغط الحياة والفقر والجهل حيث كل هم الفاسد السوري أن يعمل جهده على ان يبقى المواطن السوري جاهلاً بأموره وقضاياه الوطنية المصيرية …(ليس كل جهاز الدولة فاسد بالطبع لأننا نستثني بكل ثقة سيادة الرئيس بشار الأسد “النظيف اليد وطاقمه المساعد في محاربة الفساد وبرنامج الاصلاح)….
بالعودة الى العمدة التي أقيلت بسبب فساد بسيط في السويد (والتي رفض موظف المحطة السكوت عليها لأنه اعتبرها “خيانة” للمال العام وبالمناسبة أغلب المجتمع السويدي يفكر على هذه الشاكلة فالمال العام خط احمر بالنسبة للمواطن السويدي ) إضافة الى أنه انتشر خبراً منذ شهور مفاده تخلية 3 سجون على ما أذكر من مدن سويدية لأنه خفت وتيرة الجريمة فيها الى ان انعدمت هذا الخوف من المواطن السويدي على بلده ومثال التبليغ عن حادثة العمدة على محطة البنزين وإعادة تأهيل المساجين في السجون كفيل كان بأن تصل السويد ان تكون ثالث أنظف دولة بالعالم من الفساد .وإذا استمر الامر على هذا النحو فستكون السويد في المقدمة في نظافتها من الفساد بالتأكيد بفضل جهود مواطنيها الاوفياء الحريصين على المال العام ووضعه في خدمة كل مواطني السويد وليس خدمةً لفئة معينة..
وعليه …..إنك أيها المواطن السوري الذي “تدعي” بأنك تريد محاربة الفساد في وطنك فمحاربته تبدأ من عندك من رأسك من عقلك من قناعتك من نفسك من ضميرك وحسك الوطني الذي يرفض خيانة المال العام خوفاً تارة أو استغلالاً لهذا المال تارة أخرى أو عدم اهتمام بهذا المال طوراً آخر فيذهب هذا المال العام الى غير مستحقيه “سرقة” و”رشوة ” و”دعماً” للفساد ومن ثم تغني على أطلال الرصيف تطلب المعونة من هذا وذاك ….
والفساد تبدأ محاربته عن طريق التبليغ عن كل فاسد في هذا الوطن وعن طريق التبليغ عن كل من يطلب رشوة لتمرير موافقة ما أو امضاء ما في دمار هذا الوطن …. والتبليغ عن مفسدي سورية وتجار الدم السوري يكون مثلاً ” بصفة فاعل خير مجهول” وخاصة في ظل الاتصالات المتطورة إذ يمكن لمن يخاف ايضاً ان لا يخاف ويبلغ باسم مستعار ومن مجهول وبالتالي تساهم في الحفاظ على المال العام لهذا الوطن الذي مردوده سيكو ن حتماً لك ولكل المواطنين أمثالك ليحقق لك العيش الرغيد ولأقرانك وأطفالك …
ولولا الفساد لما بقيت الحرب الإرهابية على سورية الى اليوم وأولها الرشوات والمحسوبيات وخاصة ممن تسموا بتجار الازمة بمافيهم المهربين على الحدود الذين لا شك يجدون من عناصر أمنية “فاسدة ” تسهل لهم عملية التهريب وبالتالي كانوا وهم من خونة الوطن موصومون بالخيانة العظمى لأنهم ساهموا بسفك الدم السوري وأوصلوا الامر الى ان تقطع الرؤوس وتنحر الرقاب وتسبى نساء سورية سواء في الداخل السوري أو خارج سورية ممن يسبون أطفال سورية القصر من فتيات قاصرات بحجة الزواج والستر من شيوخ الخليج الذي لا يقل عمر السفيه فيهم عن 65 عام ومافوق
هؤلاء الضحايا من نساء سورية وخارجها وشهداء سورية بعشرات الالاف والتهجير والتشريد كله سببه الفساد في سورية
التهريب فساد
الرشوة فساد
عدم التبليغ عن خيانة الوطن بجريمة الفساد فساد
الفساد جريمة وخيانة عظمى واجب وطني على كل مواطن سوري فضحه ومحاربته ومنعه والتشهير به لأنه بذلك يعود بفائدة المال العام على جميع السوريين والفاسدين في سورية هم من يؤخرون عملية التطور والتغيير والاصلاح في هذا الوطن الجريح…
ومن أجل سورية حديثة نظيفة متطورة ديمقراطية تحترم حقوق الانسان والطفل والمرأة وتحترم انسانية الانسان وتعمل على” أنسنة” الانسان السوري وليس حيونته وعبوديته لمؤسسات همها الربح الوفير والغزير بوقت قصير عن طريق الفساد علينا جميعاً كسوريين أن نحارب الفساد وندل عليه و”نحرض” على محاربته لأنه هو العثرة الوحيدة في تقدم وطننا نحو الاصلاح والتغير والتصحيح والمواطنة الحقيقية وبالتالي وطناً خالياً قدر الامكان من الفساد..
والاصلاح يكون عبر اصلاح المواطن لنفسه أولا من حيث رفض اي عملية رشوة او التعمية عليها
و لولا هذه الحرب قلناها ونعيد كانت سورية في طريقها بقيادة الرئيس القائد بشار الاسد وبرنامجه الاصلاحي الى دولة ديمقراطية انسانية همها أنسنة الانسان لا تبعيته للغير وحق الانسان في العيش الكريم وسيكون هذا بإذن الله وإن غداً لناظره قريب …..
سيريان تلغراف | ميرنا علي
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)