Site icon سيريان تلغراف

كلام لا علاقة له بالأمور السياسية “46” .. بقلم برهان إبراهيم كريم

ومتى نتصدى للرد على هذه الأقاويل والتهم؟

العرب أمة عريقة بتاريخها وحضارتها, وإسهامها في الحضارة الإنسانية إسهاماً لا ينكره أحد.

فأرض العرب موطن الأنبياء والرسل  وأكرم الله العرب بقرآن كريم أنزله بلغة العرب. وبخاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم. فالصلة عضوية ومترابطة بين المسلمين والعرب.

هدم الإسلام مجتمع العبودية والشرك الذي كان السائد بين العرب, وقاد العرب إلى مجتمع العدل والمساواة والحرية. وأستطاع العرب بفضل الإسلام بناء حضارة يعتز بها العالم.

قال عبد الرحمن الكواكبي: لا يستطيع المسلمون أن يتقدموا دون ريادة العرب, وهذا لا يعني تفوق عنصر على الآخر. والقومية العربية طابعها إنساني, وبعض أسس  هذه الثقافة هي:

  1. التراث. والتراث يشكل تاريخ وهوية وثقافة الإنسان العربي. وهذا التراث بات موضع خلاف واختلاف, حيث تجد من يرفض هذا التراث, أو من يدافع عنه كما هو, أو من يطالب بتمحيصه وغربلته  كي تزال منه   ما لحق به من شوائب  خلال عصور الانحطاط  وعقود استعمار الوطن من قبل كل أشكال الاستعمار القديم والحديث.
  2. الواقع العربي القائم. وهو الذي من شأنه أن يعطي للثقافة أبعاداً جديدة. والواقع العربي واقع تجزئة فرضه الاستعمار  بقراراته والتي مازال  معمولاً بها حتى الآن.
  3. البعد العالمي. وهو الذي يعطي الثقافة طابعاً متجدداً لتبقى حية  كي لا تموت.  والبعد العالمي للقومية العربية والثقافة العربية تعانيان من ظاهرتي الابعاد والتزييف.
  4. التجديد. والتجديد لا يعني التخلي عن أصول العرب الثقافية, بل هو مزج عضوي بين الثقافة العربية الأصيلة والثقافة العالمية. بينما ما يشهده العالم العربي إنما هو عملية مزج لسلبيات الحضارة الغربية والأميركية مع سلبيات  الواقع العربي. كما أن البيروقراطية السائدة في المجتمعات والأنظمة العربية هي من تفتك بكل عملية تجديد.
  5. المستقبل. وهو لا يعني أن يتخلى أحد عن ماضيه, لأن من يتخلى عن ماضيه لا حاضر ولا مستقبل له. وإنما خروج وتحرر من الماضي بسيئاته وحسناته لمواجهة المستقبل. فيبني حاضره ومستقبله ويعتنق أفاق المستقبل. فنكران الماضي أو التنكر له تصرف غير سليم. والمستقبل العربي لا يبشر بأي خير طالما بقي العرب على هذا المنوال. ولرجال العلم والفكر آراء بشأن المستقبل. وهذا بعض مما قالوه بخصوصه:

والغرب يتهم العرب بتهم كثيرة ومتعددة. ومن أهم التهم التي يتهم الغرب بها العرب, هي:

والأنظمة العربية والاسلامية تسيء للمسلمين والعرب بتصرفاتها وسياساتها في مواقفها من القضايا المصيرية والتي هي سبب الداء والبلاء. وموقفها من الشأن السوري مثلاً نجد فيه:

وإضافة لهذه التهم, هناك اتهامات للعرب من قبل بعض المثقفين العرب. وهذا بعض منها:

  1. متانة أصول الدين ومخاطبتها للعقل والفكر والمنطق.
  2. بلاغة القول, وحسن البيان. و الحوار بالتي هي أحسن.
  3. استقامة الدعاة, وتحليهم بما يدعون إليه من استقامة وخير.
  4. شعور الناس أن خطاب القرآن الكريم موجه إليهم مهما كانت جنسياتهم.

 طالعوا كتب التاريخ واقتنعوا ***** متى البنادق كانت تسكن الكتبا.

بينما قال ول ديورانت: إن معظم التاريخ ظن وتخمين, والبقية الباقية تحامل وهوى.  في حين قال فولتير: التاريخ الذي يكتبه المؤرخون هو كومة من الأكاذيب.

إني لأفتح عيني حين أفتحها**** على كثير ولكن لا أرى أحداً. (دعبل الخزاعي).

وكيف يبلغ البنيان يوماً تمامه **** إذا كنت تبني وغيرك يهدم.

يا قوم هذا مسيحي يذكركم**** لا ينُهض الشرق إلا حبنا الأخوي.

فإن ذكرتم رسول الله تكرمة *** فبلغوه سلام الشاعر القروي.(رشيد سليم الخوري).

ما تمطى على المساجد علج **** يوم كنا على صراط الأئمة.

يوم طعنا لسنة الله فينا ****** فاستطعنا ما لم تستطيع أمة.

ذلك الحظ خاننا حين خنا **** وخفرنا لأرضنا الأم ذمة.

ولأدهى من صدمة هشمتنا**** ما دهانا عن غفلة بعد صدمة.

فإذا نحن كالحباري ذكاء ***** و ابتناء, وكالنعامة حكمة.

أترانا من الملمة ننجو؟ *****كيف ننجوا؟ ونحن نحن الملمة.

قد هزلنا أمام جد الأعادي **** فانتهينا قبل ابتداء المهمة.

واسترحنا على الحضيض كصخر*** حطه السيل من مشارف قمة.

لم نرى في الشعوب شعباً سوانا**** خذلته أرحامه دون رحمة.

يا حقوق الإنسان لا تشملينا **** نحن قوم نبيع حقاً بلقمة.

ويرد عادل الغضبان على جورج صيدح بقصيدة قال فيها:

صيدح الأيك تلك أغرب نغمة *** سامت العرب تهمة أي تهمة.

وأحالتهموا عظاماً رميماً ******  غطت الأرض رمة جنب رمة.

ونفت منهموا الكرامة حتى **** ليبيعون كل حق بلقمة.

ورمتهم بالمخزيات توالت **** وصمة تلو وصمة تلو وصمة.

فإذا هم مثل الحباري ذكاء ****  وإذا هم مثل النعامة حكمة.

ما بهم غير قادر يتشكى ***** وسوى سارق بكى فقد نعمة.

ودعّي سما بدنيا نفاق ****** فتعرى في الروع من ثوب صمة.

وجبان على الحياة حريص *** سد أذنيه يوم قيل هلمه.

وخئون جفا كريم المبادئ **** وتمادى في نكث عهد وذمة.

عمرك الله يا أخي تمهل *****  إن في راحتيك مهجة أمة.

شدة الهمتك حر بيان ***** ساير اليأس فيه ركب المذمة,

أنت فيه وإن قسوت مقالاً ***  عربي بث القوافي همة.

قسوة تُؤثر الصلاح ولكن **** تنكأ الجرح  والجراحات جمة.

أفدح الرزء أن يصاب شقيق *** بشقيق يراه يأكل لحمه.

قل لمن ساءه مصاب المعالي *** إن للدهر في الخلائق حكمة.

فغداً تنعم البلاد بعيد تشرق ****** الشمس فيه من بعد ظلمة.

لا تلمها في الحادثات الملمة *******   إنها أمة وأية أمة.

كيف لا يحمل الحوادث شعب *****  عربي السمات عالي الهمة؟

لا تفل الخطوب من عزب متنيه ***** ولا تثلم المصيبة عزمه.

يتلقى من الهزيمة درساً      ****** يتحدى الليالي المدلهمة.

فيحيل الدجى وضاءة صبح ***** ويرد الشكوى حلاوة نغمة.

ويصوغ العبوس من صفحة الدهر *** إئتلافاً على الشفاه وبسمة.

قد بلينا من اليهود قديماً ***** وبلينا منهم حديثاً بنقمة.

لليهودي غدره وصغار ***** شبه فيهما أباه وأمه.

هو للمال تابع يتلقى  ***** في سبيل الدولار أحقر لطمة.

قد أقاموه شوكة في جندب *** عرفت غدره قديماً ولؤمه.

هل نسيتم بني قريظة لما ***** نكثوا للنبي عهداً وذمة.

حين أُجلوا عن الجزيرة يوماً *** أنجلت بانجلائهم كل غمة.

إنما الحرب يا صديقي سجال *** فلم اليأس عند أول صدمة.

بيننا في الوغى لقاء طويل ***** ومواعيد في المعارك جمة.

لا السويس اشتكت ولا بورسعيد *** أضعف روحها القوية ظلمة.

إن تفتنا بداية من حظوظ ***** فالبدايات بعدهن التتمة.

لا تظنوا الخطوب منبع شر ****  رب خطب وراءه ألف نعمة.

إنها نكسة ولكن فيها ***** من دروس الحياة أجمل حكمة.

وحدتنا على الحوادث صفاً **** ألفتنا  على المصائب حزمة.

فالتقينا بالأمس في خير قمة **** وغداً نلتقي بأرفع قمة.

والاعلام العربي بات عبئاً تقيلاً على المسلمين والعرب. وهذا الاعلام بدل أن  يدحض هذه التهم, ويدافع عن المسلمين والعرب, بات يروج هذه التهم ويستميت لإيجاد الأدلة والقرائن لها.  وحتى مشرطاً يمزق مجتمعاتنا العربية والاسلامية, وأداة بيد القوى الاستعمارية للترويج لكل ما تسعى إليه ويخدم مصالحها. وإعلام فتنة لهدر دماء وزهق أرواح المسلمين والعرب. وهذا الاعلام تهدر عليه بعض الأنظمة العربية والاسلامية مئات الملايين من الدولارات. لأنه يخدم مصالحها ومصالح أسيادها بزيادة حدة الخلافات والصراعات, والحفاظ على الواقعين العربي والاسلامي المجزأ. والإساءة لكل عربي أو مسلم تصدى لقوى الاستعمار والصهيونية.

من المسلمات التاريخية أن الحضارات والأمم بقيمها وأفكارها القادرة على التأثير في كل الظروف والحوادث والامكانيات وليس بعالم الأشياء المادية فقط. لأن عالم الأفكار إذا بقي سليماً معافى ومحفوظاً وقادراً على الحوار الحضاري البناء يؤهل الأمة باستمرار لإمكانية النهوض. أما إذا ضعفت مبادئ القيم والأخلاق وتدنى مفهوم التقوى والإيمان والعمل الصالح فيؤدي ذلك إلى اختلال الموازين,  وإلى بروز أحداث وحوادث  ومشاكل  مؤسفة ومحزنة ومأساوية ومدمرة. وأن أي حوار هادف يجب أن تتوفر له عناصر ضرورية, ومنها: الإيمان الحي الصادق, ووحدة الصف,  وتضافر الجهود, والتعاون المثمر البناء بين الأديان.

والأمتين العربية والاسلامية هما من دحر كل الغزوات الهمجية والشريرة والمدمرة ولو بعد حين.

سيريان تلغراف | العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version