مرة جديدة يطرق رئيس الاستخبارات العامة السعودية بندر بن سلطان باب الكرملين، في مسعى اطاره «تسووي» ومضمونه «انتقامي»، وسط جهوزية لتقديم اي شيء، لا بل كل شيء، مقابل ازاحة الرئيس السوري بشار الاسد وشطبه من المعادلة.
وهذه المرة غلّف بندر بن سلطان طرحه، «المحمّل كالعادة بكل المغريات التي لا يسيل لها اللعاب الروسي»، بأفكار اعتقد انها عملية، لكن في حقيقتها تؤدي الى الهدف الاساس الذي سبق ان تجرّأ على مفاتحة «القيصر الروسي» به في اطلالته الروسية الاولى.
ما الذي حمله بندر بن سلطان في زيارته الاخيرة لروسيا ؟
على ندرة ما رشح من معلومات، غير ان ديبلوماسيا مخضرما اوضح ان ما حصل عليه من معطيات يفيد بأن بندر «حمل معه الى الكرملين الروسي مبادرة منقّحة لمبادرته الاولى التي نصّت في حينه على حكومة انتقالية بعد بشار الاسد تأخذ بعين الاعتبار المصالح الروسية في سوريا، وربطها في حينه بملحق من الوعود المالية والاقتصادية والامنية، ويومها لم يلق اذنا مصغية من الجانب الروسي».
ويكشف الديبلوماسي عن ان الطرح الجديد، والذي عرضه على القيادة الروسية وعلى رأسها الرئيس فلاديمير بوتين، يقول: «نحن نقبل في مؤتمر جنيف 2 ان يبقى الاسد رئيسا في الفترة الانتقالية، شرط ان تناط صلاحيات الرئاسة بالحكومة الانتقالية التي ستشكّل من كل القوى، مولاة ومعارضة، على ان يكون على رأسها معارض. وفي هذه المرحلة تتمنى السعودية على القيادة الروسية الضغط على الاسد لعدم اجراء انتخابات رئاسية في العام 2014، مع بقائه في المرحلة الانتقالية حتى الاتفاق على دستور جديد يصار بعده الى اجراء انتخابات نيابية ورئاسية، وان السعودية مستعدة للأخذ بعين الاعتبار تكاليف اعادة الاعمار في سوريا».
ماذا حمل الجواب الروسي عن هذا الطرح؟
يوضح الديبلوماسي «انه فهم من المعطيات الواردة، ان القيادة الروسية تمحور ردها على الطرح الذي حمله بندر حول النقاط التالية:
– الجيش النظامي السوري يحقق انتصارات ميدانية مهمة على الارض، في حين ان المعارضة المدعومة من السعودية وقطر وتركيا تمنى بهزائم كبيرة.
– القوى المسلحة التي تعارض النظام والمدعومة سعوديا ليست لها علاقة بقوى المعارضة التغييرية الديموقراطية، لا بل بذلتم جهدا للقضاء على هذه المعارضة التي تنحو سلميا.
– هذه القوى المسلحة التي تقولون عنها معارضة، هي بنظرنا نحن وليس بنظر النظام قوى ارهابية، والمعارضة هي الممثلة بقوى مدنية.
– لا نحن ولا النظام السوري بحاجة الى المال السعودي لإعادة الاعمار، وحلفاء سوريا، سواء نحن او ايران او الصين، لديهم من القدرات التقنية والمالية ما يخولهم اعادة اعمار سوريا افضل مما كانت.
– الاتحاد الروسي والولايات المتحدة الاميركية تفاهمهما ثابت ونهائي بالنسبة للوضع في سوريا والمنطقة، والجانب الاميركي مقتنع مثلنا بأن هذا الارهاب التكفيري يشكل خطرا على الامن القومي الاميركي، كما الروسي كما العالمي.
– اوروبا صارت قريبة جدا من الموقف الاميركي وبدأت الاصوات تعلو خشية انتقال الارهاب التكفيري اليها مع عودة الذين سمحت لهم بمغادرة دولها للقتال في سوريا.
– ننصحكم، كما ننصح كل من يعاند السير بالحل السياسي في سوريا، بتغيير سياستكم ووقف الاثارة المذهبية ودعم الارهاب، فانه سلاح ذو حدين واول ما سيرتد الى الداخل السعودي ويفاقم الوضع بما لا تستطيعون تداركه والحد من خطره على نظام الحكم.
– وضعكم الحالي وطبيعة نظامكم لا يخوّلانكم ان تكونوا في موقع الداعي الى تغيير انظمة واقرار حقوق الشعوب، ما دام شعبكم يعاني قمع الحريات السياسية والدينية والاعلامية.. والمرأة لم تأخذ ابسط حقوقها».
ويخلص الديبلوماسي الى القول: «ان الرد الروسي على الطرح الذي حمله بندر خلاصته ان السعودية ليست في موقع اعطاء النموذج في الديموقراطية، في حين تدعم الارهاب معتقدة انها بذلك تحافظ على نظامها، الامر الذي سينقلب على الحكم السعودي لا محالة، وامام الرياض وقت حتى موعد انعقاد مؤتمر جنيف 2 للتفكير الايجابي والذي يبدأ بوقف الدعم المالي والعسكري والسياسي للارهابيين وسحبهم من الاراضي السورية، والاعتراف ببشار الاسد رئيسا، والامتثال للارادة الدولية بالحل السياسي السلمي في سوريا».
سيريان تلغراف