Site icon سيريان تلغراف

موسكوفسكيي نوفوستي : مشروع انفجار كبير

( العملية الإسرائيلية ضد إيران ، إذا ما اقدمت تل أبيب على تنفيذها ، لن توقف البرنامج النووي الإيراني)

تجري في اسطنبول مفاوضات يوم السبت قد تكون مصيرية بالنسبة للسلام في الشرق الأوسط ، فسيحاول أعضاء “السداسية” إقناع إيران بوقف نشاطها الرامي إلى تطوير برنامجها النووي العسكري. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أوضحت بما لايقبل التأويل أن جولة اسطنبول هي الفرصة الأخيرة للخروج من الأزمة الإيرانية بالوسائل الدبلوماسية. وإن فشل المفاوضات سيفتح الطريق نحو عملية عسكرية تنفذها إسرائيل على أراضي إيران.

يقول البروفيسور في جامعة بار إيلان الإسرائيلية زئيف حانين إن الهدف الرئيسي لعملية إسرائيل العسكرية ، في حال انطلاقها فعلا، هو إلحاق ضرر كبير بالبنية التحتية النووية لإيران من شانه أن يجعل خطرها النووي ضئيلا خلال بضع سنوات مقبلة، هذا إذا لم يتم تدمير هذه البنية تدميرا كاملا. والمقصود بذلك هو بالدرجة الأولى أجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم، ومراكز البحث الخاصة بالبلوتونيوم. ومن أكثر المراكز الإيرانية خطورة في هذا المجال – نطنز ، وفوردو ، وآراك. أما محطة بوشهر الكهرذرية التي بنيت بمساعدة روسيا، وتعمل باليورانيوم الروسي، فستكون خارج تلك الأهداف.

يجمع الخبراء العسكريون الذين استطلعت الصحيفة آراءهم على أن العملية ستكون عبارة عن سلسلة من الضربات بالقنابل والصواريخ ، (من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي ) للمنشآت النووية الإيرانية . وسوف تنفذ العملية بأقصى سرعة ممكنة  لأن إطالة أمد القصف سيؤدي حتما إلى خسائر كبيرة. ولكن السؤال هو : هل لدى إسرائيل ما يكفي من الموارد والقوى لتتمكن وحدها من إنزال مثل هذه الضربة؟ يدرس الجيش الإسرائيلي ثلاثة احتمالات لتحليق القاذفات ، وهي : عبر تركيا ، أوعبر الإردن (وربما سورية) والعراق، أو عبر السعودية والخليج. هذا وتتعاون أجهزة الاستخبارت الإسرائيلية منذ زمن بعيد مع نظيراتها السعودية ، ولذا فإن الاحتمال الأخير هو الأكثر ترجيحا. وحتى لو وصلت الطائرات الحربية الإسرائيلية إلى الأجواء الإيرانية فلن تتمكن من تدمير المنشأة النووية الأخطر في هذا البلد، وهي مجمع تخصيب اليورانيوم في فوردو الذي بدأ العمل في كانون الثاني / يناير من العام الجاري. وهذا المجمع يقع في مخابئ تحت الأرض في سلسلة جبلية بالقرب من مدينة قم، وفي مأمن من القنابل التي تمتلكها إسرائيل. يقول مدير مركز تحليل تجارة السلاح الدولية إيغور كوروتشينكو إن هذا المجمع محمي جيدا، وليس بوسع إسرائيل تدمير أكثر من بوابات الدخول والخروج التابعة للمجمع، ولن يؤدي ذلك إلى إصابة المفاعل نفسه، ولن يكون من العسير على الإيرانيين استئناف عملهم على الفور عمليا.

ويقول فلاديمير ساجين الباحث في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية إن أقصى ما يمكن للجيش الإسرائيلي القيام به هو تأخير برنامج إيران النووي لسنتين تقريبا. وليس ثمة غير الولايات المتحدة الأمريكية من يملك الإمكانات التقنية الكافية لشل مشروع الجمهورية الإسلامية النووي لفترة أطول من ذلك.

إن دعم الولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية بالنسبة لمهمة إسرائيل في إيران، بالمعنى العسكري والسياسي سواء بسواء. يعتبر الأمريكيون الخليج العربي ضمن مسؤولية أسطولهم الخامس ، وفي حال التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية فإن هذا العامل قد يلعب دورا حاسما. وفضلا عن ذلك ، فإن “قرار شن عملية عسكرية في إيران سيثير استياء جميع الأطراف” كما يقول البروفيسور زئيف حانين ، الذي يضيف أن البلدان السنية التي تلح على تل ابيب بطلب شن العملية، ستتهم إسرائيل في اليوم التالي للعملية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وثمة عامل أخر سلبي يتلخص بخطر تسرب إشعاعي قد ينشأ عن إصابة المنشآت النووية الإيرانية.

هذا ولن يكون من السهل حصول حكومة نتنياهو على دعم البيت الأبيض ، فباراك أوباما يستعد للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني / نوفمبر القادم، وليس من مصلحته الآن مفاقمة الوضع في الشرق الأوسط. ومع ذلك ، لا تقتصر المسألة على الانتخابات. وفي السنوات الثلاث الأخيرة ساءت بشكل ملحوظ العلاقات بين أوباما ونتانياهو، وظهرت بينهما سلسلة من المشاحنات، بما في ذلك حول عودة إسرائيل إلى حدود عام 1967. وفي وضع كهذا من المشكوك فيه تقديم أسلحة أمريكية حديثة لإسرائيل.

يقول جيم فيليبس كبير خبراء صندوق “هيرتيج فاونديشين” القريب من الجمهوريين  إن ادارة أوباما لن تساعد اسرائيل، وهي ترفض بشكل مبدئي توجيه ضربة ضد الجمهورية الإسلامية. وهذا هوالسبب الرئيسي  للتوتر القائم بين الطرفين.

ونشرت صحف اسرائيلية أوائل الشهر الجاري، نقلاً عن مصادر حكومية أن تل أبيب ترى بداية العام القادم وقتا مناسبا لتوجيه الضربة إلى ايران . ويرفض الخبراء مناقشة النتائج التي قد تسفر عنها الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران ، ولكن من الواضح أن الحرب ستؤدي إلى نتائج وخيمة، لم يشهدها تاريخ المنطقة المعاصر، وكذلك إلى تغيير المشهد السياسي برمته. هذا ومن غير المتوقع أن تؤدي الضربة الإسرائيلية إلى سقوط النظام الايراني، ولكنه سيكون نظاماً آخر تماماً. كما أن شروط  بقائه ستكون مختلفة بشكل مبدئي عما كانت عليه سابقاً. وكذلك سيكون عليه حال اسرائيل بقيادة نتانياهو.

المصدر : صحيفة “موسكوفسكي نوفوستي”

الكاتب  : أيغور كريوتشكوف ، ودميتري دوبوف

Exit mobile version