يشهد تاريخ حضارة سورية بأكبر مقاومِة مرت بتاريخها ألا وهي الملكة زنوبيا ومقاومتها الشرسة للامبراطورية الرومانية وهي من فتحت باب الحريات لشعبها ولم تقمعه واحتلت مصر فأسست الامبراطورية الشرقية وضربت النقود في إنطاكية والإسكندرية عليها صورة ابنها وهب اللات على وجه وعلى الوجه الثاني صورةالإمبراطور أورليانوس، لكنها عهدت بملك مصر إلى ولدها وأزالت من النقود صورة الإمبراطور ونادت بالاستقلال الكامل عن روما، ووصلت حدود امبراطوريتها من البوسفور الى النيل ..مما اغضب الرومان وقرروا التصدي لها وقامت معارك ضارية بينها وبينهم الى ان حاصروا تدمر وضربتهم عبر المنجنيق بقذائف النفط الملتهبة التي عرفت بالنار الاغريقية ولم تستسلم حيث قررت النضال حتى الموت.ومن وراء مقاومتها صارت تدمر كلها مقاومة كما اليوم من وراء مقاومة الشعب السوري للحرب الكونية عليه (قيادة وجيشاً وشعباً) “صنفت” سورية كلها “مقاومة” وماتت الملكة زنوبيا ميتة شامخة ، ميتة الشجعان الابطال والاسود (حيث قررت الانتحار حين وقعت اسيرة بين يدي أورليانوس على ان تكون أسيرة ذليلة “لأجنبي” ولم تمت ميتة الأذلاء الخاضعين المتذللين على أعتاب الاعداءكما سيموت أغلب الاعراب الصهاينة اليوم وفي المستقبل ..
فتاريخ المقاومة “النسوية “السورية قديم قدم سورية إذن، وبالتالي لم يكن خروج المرأة السورية في الربع الاول من القرن العشرين إبّان بداية خروج الاحتلال العثماني السفاح من سورية ومن ثم تسليمها للانتداب الفرنسي جديداً ،حيث لم تكن جاهلة بقضايا أمتها السورية وهنا أتعمد أن ألفظ (أمتها السورية) لأنه و في تلك الحقبة لم يكن يوجد مايسمى عبارة (أمة عربية واحدة )بل كانت كل رسالة العروبة تختصر ب(الأمّة السورية) وكانت العين دائماً على سورية ومواقفها العروبية المقاومة ومن يقرأ التاريخ جيداً يجد هذه العبارة برزت بكثرة في خطابات المتظاهرين من المثقفين ضد الاحتلال العثماني ومن ثم الاحتلال الفرنسي ،فقد كان للمرأة السورية دوراً بارزاً جداً في شحذ الهمم والتصدي والتحدي ورفض الاحتلال ومقاومته وأول مقاوِمةٍ رفعت شعار المقاومة النسائية كانت خطيبة باترو باولي (الذي أعدمه جمال باشا السفاح في بيروت في فاجعة أول قافلة للشهداء في 6أيار ) الأديبة الشاعرة ماري عجمي وهي أول صحفية سورية وكان لها أول مجلة نسوية تسمى “العروس” وكان لها من المشاعر الوطنية والقومية ماجعل فقدانها خطيبها بهذه الطريقة الشنيعة نتيجة نفس تلك المواقف مع مناضلين آخرين من اجل الحرية والاستقلال تزداد شراسة ونشاطاً ضد الاحتلال ،ودعت حينها الرجال والنساء الى العلم ونبذ الجهل والوعي القومي والوطني ودعت الى الثأر للشهداء عبر منشورات خفية كانت تطبعها .وكان لها نشاطات ادبية أخرى ليس المقام مقام ذكر التفاصيل إذ ما يهمني هو ذكر الجانب المقاوم من حياتها في مقالي هذا .
وحين يذكر دور المقاومة النسوية السورية لا بد من ذكر المقاومة المناضلة نازك العابد التي خرجت وزميلاتها الدمشقيات ضد الانتداب الفرنسي.والتي أسست جمعية نسوية سميت “نور الفيحاء” ،وتطوعت مع نساء الجمعية لإسعاف جرحى معركة ميسلون، وأسست مدرسة لبنات الشهداء تحت هذا الاسم “نورالفيحاء” ، وقدمت مع زميلاتها خدمات إنسانية وتربوية واجتماعية جلىّ. من مدرسة “نور الفيحاء” انبثقت مجلة نسوية وجمعية للتمريض تحت اسم: “الهلال الأحمر وعبر تلك المجلة كانت تخاطب الجماهير ورجال المقاومة وتحثهم على التصميم والتصدي للغزاة المحتلين..
وحين نذكر الثورة السورية الاولى لابد ان نذكر قائدها الاول إمام المجاهدين الشيخ صالح العلي فكانت زوجته “فضة أحمد حسين ” التي حملت السلاح ورافقته طوال رحلة جهاده أيضاً ومما يذكر عن زوجته السيدة فضة أنها أثناءاحتلال الشيخ بدر وحرقها من قبل القوات الافرانسية التي ضمت المجندين من المستعمرات ومن السوريين بما فيهم بعض أبناء الجبل في سنة 1920 عمدت إلى اللحاق بالشيخ صالح فلاحقتها طائرات افرانسية وبدأت تطلق قذائفها عليهاوهي في الأحراش والغابات المحيطة بالشيخ بدر باتجاه قرية السعنونة حيث الشيخ صالح إلى ان تمكنت من تضليل الطائرات ووصلت إلى مكمن الشيخ حيث تابعا المسير معا برفقة المجاهد سليم زينة وبعض المجاهدين الأخرىن عبر الغابات باتجاه قرية بشراغي……….
ولا تزال صورة المجاهدة رشيدة الزيبق بلباس النضال المسلح شاهدة على النضال النسوي المقاوم المسلح وهي منشورة في كتاب الدكتور عبدالرحمن الشهبندر عن “الثورة السورية الوطنية”، ومنشورة كذلك في الجزء الثالث من كتاب “الثورة العربية الكبرى” للمؤرخ الأستاذ أمين سعيد\ \المعلومات منقولة طبعاً بتصرف\
هذه صورة عن “بعض” المقاومات السوريات اللواتي ذاع صيتهن في تلك الفترة لا مجال لحصر أسمائهن كلهن ، هؤلاء النسوة قاومن المحتل بكل اشكال المقاومة فحملن السلاح وطبخن الطعام للمقاومين وكن بريد هم وموضع سرهم ووسيلة لتهريب السلاح للمقاومين في الساحل والغوطة وحلب وكل سورية ،،وكنَّ يخرجن بالعشرات في الاحياء للتظاهر ويتحدين الاحتلال ..ومنهن سقطن شهيدات المقاومة السورية آنذاك ..وهكذا لم تكل ولم تتعب المرأة المقاومة السورية الى ان احتفلت إلى جانب أخيها السوري المقاوم بجلاء وزوال الانتداب الفرنسي عن الارض السورية في 17 أيار عام 1945 م…….
ومضة من شعاع مقاومة
يلومنا الكثيرون على أننا نبالغ في وصف مقاومة سورية الحضارة عبر التاريخ ويلوموننا أكثر على أننا نستذكر دائماً دور المرأة السورية في تاريخ هذه الحضارة المجيدة في مقاومة المحتلين والغزاة ولكنها الحقيقة المُرَّة التي عليهم تقبلها لأنها حقيقة واقعة والتاريخ أثبتها ووثقها وإن لم يتقبلوها كماهي فلا يمكنهم ولا نسمح لهم أن يفرضوا علينا تقبل آرائهم في رفض هذه الحقيقة لأنهم يريدون تشويه تاريخنا الحضاري السوري ويشوهوه . سورية التي خطّت اول حرف في تاريخ البشرية ،سورية التي لا تزال آثارها الحضارية بصمات موثقة ومحفورة على ذرة كل تراب من أرضها وفي ذاكرة كل الحضارات السابقة واللاحقة .هذه هي سوريانا الحضارة سوريانا ال7آلاف عام حضارة الانسان والدين والشريعة والحياة ..
يتبع مع الجزء الثاني والاخير
للمقاومة السورية أشكال مختلفة ومنها دعم المقاومة إعلامياً يرجى نشر قناة المقاومة السورية على اليوتيوب لاستمرارها في نشر نشاطات المقاومة وعملياتهم التحريرية يداً بيد إلى جانب الجيش العربي السوري
سيريان تلغراف | عشتار
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)